سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في بيان من حزب العدالة والتنمية (جهة الصحراء) حول الوضع بالصحراء المغربية:نطالب بالتدخل السريع لمعالجة الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والديبلوماسية في ملف الصحراء
أصدر حزب العدالة والتنمية (جهة الصحراء) بيانا تطرق فيه بتفصيل إلى الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليمنا الصحراوية، ونبه البيان، الذي توصلت التجديد، بنسخة منه، على الاختلالات التي تعرفها الديبلوماسية المغربية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. وفي ما يلي نص البيان: >تقديرا منها لأهمية المرحلة، وإحساسا منها بالمسؤولية، عقدت هيئات الحزب المحلية لقاءا تدارسيا وتنسيقيا، حضره كل من: السيد عالي الرزمة عضو الأمانة العامة، وممثلين عن المكتب الجهوي لجهة الساقية الحمراء وادي الذهب، والمكتب الإقليمي للحزب بالعيون. وقد تناول اللقاء تطورات ملف الوحدة الترابية على ضوء المستجدات الدولية والمحلية، وذلك يوم الأحد 10 رمضان الموافق 24 أكتوبر .2004 وبعد تحليل وتمحيص الوضعية الراهنة، ثمن الحاضرون ما تم إنجازه وتحقيقه في هذا الملف، الذي مازال مع ذلك يشكو من أخطاء متراكمة وهفوات عميقة نذكرمنها:
I على المستوى الدولي: 1 ضعف الدبلوماسية الخارجية رغم الأموال الطائلة التي تصرف عليها. 2 ضعف الدبلوماسية الشعبية مع الدول الأساسية بالنسبة لقضيتنا. 3 ضعف إعلامنا الخارجي كما ونوعا. 4 قلة المساهمة في الملتقيات الدولية الحكومية وغير الحكومية، وضعف تنظيم بلادنا لمثل هذه الملتقيات السياسية والثقافية والعلمية، حيث طغت في هذا المجال فقط التظاهرات الفنية والرياضية. 5 قلة أو غياب ملحقين بالسفارات متخصصين في ملف الصحراء.
II على المستوى الوطني: 1 استمرار المقاربة الأمنية، مع التغيير الطفيف فقط في بعض وسائلها. 2 غياب معهد أو مؤسسة وطنية متخصصة في الموضوع، يوثق المعلومات ويوحد الآراء وينتج الأفكار ويكون المواطنين العاديين والبرلمانيين والدبلوماسيين والجمعيات والأحزاب... إلخ. 3 غياب مقاربة شاملة، مندمجة ومدروسة، عوض التخبط الذي نراه كلما جاءت حكومة جديدة. 4 غياب دور الأحزاب والجمعيات.
III على المستوى المحلي: إننا في هذا الباب لا يمكننا الحديث عن الحاضر دون التطرق لما حدث في الماضي، فخلال ربع قرن من الزمن تعاقبت عدة حكومات، ومرت المنطقة بفترات مختلفة يمكن تقسيمها على النحو التالي: مرحلة المقاربة الأمنية، والتي ارتكزت على سياسة العصا والامتيازات. مرحلة الاستعدادات للاستفتاء وحالة الترقب والانتظارية. مرحلة توالي الزيارات الرسمية والبهرجة الإعلامية وكثرة الوعود الانتخابية. مرحلة بزوغ المقاربة التنموية بدل الأمنية مع تنظيم الأيام الدراسية لتنمية الأقاليم الجنوبية. مرحلة ما بعد اعتراف جنوب إفريقيا أو مرحلة الاستعدادات للحكم الذاتي الموسع والتعيينات المفاجئة. كل هذه التراكمات جعلت المواطن العادي لا يثق كثيرا في أي خطاب رسمي، معتبرا أن الأمر لا يهمه، بل يتعلق بمصالح لوبيات مركزية، لها امتدادات محلية، وقد لحقت هذه التراكمات السلبية أيضا جميع مناحي الحياة في الصحراء المغربية، وكان لها أحيانا وقع مدمر، خاصة وأن المنطقة حديثة عهد بالاستقلال.
القطاع الاجتماعي: الصحة: مستشفى رئيسي واحد لخمس عمالات متباعدة جدا فيما بينها، إضافة إلى عشرات الجماعات الحضرية والقروية المتناثرة عبر الصحراء. قلة التجهيزات الطبية والأطر المتخصصة، مما جعل المرضى يهاجرون للعلاج بجزر الكاناري، الرباط، أكادير، أو أن يلتزموا بيوتهم ممتنعين عن الذهاب للمستشفيات المحلية.
التشغيل: لقد اتضح قصور السياسة التشغيلية المتبعة حتى الآن في المنطقة، والتي أنتجت من البطالة والبطالة المقنعة، أكثر مما أنتجت من مناصب الشغل، حيث هي الأخرى لم تكن شاملة ولا تعتمد على استراتيجية واضحة المعالم.
التعليم: إذا كان ضعف البنيات التحتية في هذا القطاع قاسما مشتركا بين كل جهات المملكة، فإن الأقاليم الجنوبية تشكو من تدني مستوى التعليم بشكل ملحوظ، وما لهذه الظاهرة من تأثير على مغادرة التلاميذ الدراسة في سن مبكرة. غياب معاهد وجامعات بكل جهات الصحراء، حيث أن جامعة العيون التي كثر الكلام حولها منذ سنين لم تر النور بعد.
الجانب الأخلاقي والتربوي: انتشار ملفت للانحرافات الأخلاقية بكل أشكالها، خاصة وسط الشباب، وتفشي المخدرات ودور الدعارة، والجريمة، في غياب تام لأي مبادرة حكومية أو غير حكومية تنكب بشكل خاص على تحليل ومعالجة هذه الظاهرة.
القطاع الاقتصادي: الغالبية العظمى لا تستفيد من أي نمو اقتصادي، نظرا لتكديس الثروة وسوء التوزيع. اعتماد اقتصاد الريع بالمنطقة عوض الاقتصاد المنتج، كالاعتماد على البحر والفوسفاط وتهميش باقي القطاعات الاقتصادية. غياب التنافسية الحرة الضرورية لأي نمو اقتصادي، وذلك بفعل تدخل الإدارة وانتشار الرشوة والمحسوبية، مما أثر سلبا على إيجاد مناخ ملائم لمنافسة شريفة بين كل الفاعلين الاقتصاديين، وخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة.
الميدان السياسي والجمعوي: هذان الميدانان تم تمييعهما شيئا فشيئا، عبر مسيرة ربع قرن من الممارسة، وفقد المواطن الثقة في هاتين الركيزتين الأساسيتين لكل تنمية شاملة، ولكل ديمقراطية حقيقية. وقد تجلى ذلك في كل المحطات الانتخابية، وصعوبات الممارسة السياسية والجمعوية بالمنطقة، والانتقائية في توزيع الهبات والدعم، وتفريخ وصناعة الجمعيات وفروع الأحزاب، والتدخل السافر والسلبي للإدارة.
الملف الحقوقي والإنساني: في هذا الصدد، نلاحظ جليا أنه تأثر بالاختلالات سابقة الذكر، رغم ما تحقق محليا من إنجازات تمثلت في تعويض بعض المعتقلين والعائدين إلى أرض الوطن. ونشير هنا أن عملية التعويض هذه، لم يصاحبها بالموازاة تقديم أي دعم لأسر الشهداء والمعتقلين المفرج عنهم من سجون البوليزاريو، وكذا أبناء وأرامل رجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير، الذين يمنون بامتيازات 20 غشت من كل سنة، ثم تختفي هذه الوعود في ظروف غامضة رغم احتجاجاتهم ورسائل التظلم التي بعثوا بها لكل الهيئات المعنية (الديوان الملكي، الوزير الأول، وزير العدل، المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان). أما السكن غير اللائق بالأقاليم الجنوبية، أو ما يعرف بمخيمات الوحدة، فقد خرجت هذه المخيمات جيلا من الشباب الذين مازالوا ينتظرون، كما انتظر آباؤهم، الفرج بعيد المنال في سقف يأويهم، وأصبحت هذه المخيمات وكرا للفقر والرذيلة والانحراف، حتى عج بهم السجن الوحيد بالمنطقة، هذا الأخير الذي يحتاج إلى مرافق وفضاءات تربوية... لتحسين صورته محليا، نظرا للانتهاكات التي تقع فيه وظروفه اللاإنسانية. إن تقييمنا للوضع العام بالمنطقة لا يبعث على التفاؤل، ويجعلنا حذرين تجاه التحركات الرسمية الأخيرة، نظرا للهوة الكبيرة بين الخطابات وما نلمسه على أرض الواقع، وعليه فإننا نطالب بالتدخل السريع لمعالجة الاختلالات سالفة الذكر بعمق، وبإشراك المعنيين والمهتمين، وعلى رأسهم ساكنة المنطقة. إننا إذ نثمن المقاربة التنموية التشاركية التي بدأها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله منذ اعتلائه العرش الشريف، بدل المقاربة الأمنية الانتقائية، لنحذر من الوقوع في أخطاء المرحلة السابقة، وننبه إلى ضرورة التحرر من بقايا وسلبيات الماضي، لأنه خلال ربع قرن من الزمن اختفت معطيات وظهرت أخرى جديدة وجب أخذها بعين الاعتبار وتكييف أية خطة معها.