أجمعت المداخلات المركزية والتعقيبات، في ندوة شبيبة العدالة والتنمية بفندق المنظمة أخيرا بفندق شالة بالرباط على أهمية المباردة التي قامت بها هذه الأخيرة من خلال استدعاء أساتذة ومفكرين، وممثلي المنظمات الشبيبية، لتفتح معهم نقاشا حول ورقة من أهم الأوراق التي ستقدمها لمؤتمرها الوطني الثالث بفاس في الأسبوع الأول من شهر دجنبر المقبل، ويتعلق الأمر بورقة الشباب المغربي قضايا ومواقف، وهي الخطوة النوعية التي اعتبرت دليلا واضحا وعمليا على العزيمة والإرادة الواضحة لشبيبة العدالة والتنمية للانفتاح على الآخر، والاستفادة من اقتراحاته وأفكاره، وبناء جسور الحوار معه. محمد ضريف: ورقة بحاجة إلى إعادة ترتيب غير أن الإشادة بالخطوة المذكورة، لم تمنع الضيوف في تناولهم للورقة، محور الندوة الدراسية المشار إليها سلفا، من توجيه النقد اللازم لها. حيث أوضح الدكتور محمد ضريف أن ورقة الشباب المغربي قضايا ومواقف، التي اختار مقاربتها من الزاوية الأكاديمية والزاوية السياسية، طرحت قضايا تهتم بها كل مكونات الشعب المغربي، وليست حكرا على الشباب وحده، وكان الأجدر برأيه أن تتحدث الورقة عن الشباب المغربي والحداثة، لكونها تختزل قضايا التنمية والديمقراطية والمواطنة، ولأنها ستكون أشمل وأعم. وفي السياق نفسه، اقترح الأستاذ المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية والأحزاب السياسية إعادة ترتيب الورقة، بحيث تنص على الهوية والديمقراطية أولا، ثم المواطنة والتنمية، لأن الديمقراطية هي التي تكرس الباقي، واعتبر أن الهوية مرتبطة بسؤال الانتماء، مشيرا إلى أنه لا يعتقد بكون مرجعية المغاربة مرجعية إسلامية، لأن الإسلام بالنسبة لهم انتماء، والانتماء أقوى من المرجعية. وأكد ضريف، في نهاية مداخلته على أن المفترض في الورقة موضوع الندوة، أن تسعى لإقناع الآخر، وليس أعضاء شبيبة العدالة والتنمية، منبها في الوقت نفسه على أن استعمال بعض المصطلحات والكلمات واضحة الانتماء على مستوى حقلها الدلالي قد يشوش على العلاقة والتواصل مع الآخر، من قبيل الحديث عن إدارة الشأن العام، انطلاقا من مبدإ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. السفياني: أين قوة الشباب؟ الأستاذ خالد السفياني، الذي اعتبر أن شبيبة حزب العدالة والتنمية بخطوتها أثبتت خطأ وعدم صحة كثير من الأقوال والتهم الموجهة لها، اتفق من جهته مع ضريف حول ضرورة إعادة هيكلة الورقة، معبرا في الآن نفسه عن أنها لم تثر فيه حماسة الشباب، واعتبر أن الشباب يجب أن يكون قويا وأكثر نشاطا ليدفع الشيوخ في الحزب إلى اتخاذ مواقف معقولة، أما إذا التزم الشباب برأيه بالاعتدال والحكمة، فإن الشيوخ يتراجعون ويرجعون إلى الوراء، مؤكدا أن الورقة، التي أعطت الانطباع بأن الشباب أكثر اعتدالا، كان عليها أن تكون أقوى لكونها ورقة شبيبة العدالة والتنمية، مطالبا إياها في الوقت نفسه بضرورة الوضوح وتدقيق المفاهيم لتكون قاطرة من قاطرات التغيير، ومحورا جذابا للشباب ومقنعا لهم.. وقال خالد السفياني في ختام مداخلته: >يهمني كثيرا أن تكون شبيبة العدالة والتنمية قوية وقاطرة من قاطرات الدفع نحو التغيير وقاطرة للحوار<، مشيرا إلى أن الندوة كانت بادرة مهمة في الحوار مع المنظمات الشبيبية ومع الآخر بشكل عام. البقالي: وثيقة شمولية أقرب للعمومية ولم يختلف ممثلو هذه المنظمات كثيرا في تعقيباتهم عما ورد في المداخلتين المشار إليهما، بحيث شدد عبد الله البقالي، الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية في البداية على أهمية مبادرة شبيبة العدالة والتنمية، التي تؤشر برأيه على نضج كبير ووعي متميز، خاصة في ظل الشح والضعف الكبير الذي يطبع الإنتاج الفكري والتنظيري لدى الحركة الإسلامية في المغرب على هذا المستوى. ولاحظ البقالي أن وثيقة الشباب المغربي قضايا ومواقف، بدت منشغلة أكثر بنزعة الدفاع والرد على سؤال وهجوم موجود في المجتمع، كما بدت مبالغة في احتياطها من مقاربة قضايا الغلو والتطرف والإرهاب، وصل برأيه إلى حد إعطاء الشرعية للمعالجة الأمنية. وفي السياق نفسه سجل البقالي نزوع الوثيقة إلى الشمولية الأقرب للعمومية، وهو ما انعكس على ضعف هوية الوثيقة، فضلا عن عدم حديثها وإثارتها للعديد من القضايا المهمة، من قبيل تلك المرتبطة بالحقل الديني والإصلاح الدستوري وغيرها. وعاد البقالي ليؤكد، في ختام تعقيبه، على أن خطوة شبيبة العدالة والتنمية بالانفتاح على الآخرين في مناقشة أوراقها، وفي جعل محطة المؤتمر الوطني محطة للمدارسة تبقى خطوة رائدة ونموذجا جديدا سيعطي بدون شك مدلولا للحدث ويتجاوز المؤتمرات الانتخابية. أحرشان: ضرورة تجاوز المرحلية والآنية أما عمر أحرشان، ممثل شبيبة جماعة العدل والإحسان فهنأ المنظمين للندوة على نهجهم للمقاربة الشمولية وعدم سقوطهم في المقاربة التجزيئية القطاعية، في ورقة يفترض فيها أنها الورقة المذهبية لشبيبة العدالة والتنمية، التي يجب برأيه أن تتجاوز المرحلية والآنية وتنحو نحو المستقبلية، وميز أحرشان بين الورقة التي يراد لها أن تكون بمثابة ورقة التعاقد بين أبناء التنظيم وبين ورقة موجهة للخارج يراد من ورائها إقناع الآخر بالمشروع، الأمر الذي اعتبره لم يوضع في الحسبان أثناء صياغة الورقة، مسجلا في الوقت نفسه أنها شحنت بصيغة مطلبية وبكثير من المواقف كما أنها ارتهنت لإكراهات الواقع المرحلية والآنية، وتغافلت عن العمق الفكري والسياسي لمشروع الحزب. الخلفي: أرضية للحوار الشبابي مصطفى الخلفي، الكاتب العام لمنظمة التجديد الطلابي، شدد على أنه لا ينبغي التعامل مع الوثيقة المذكورة على أنها مجرد وثيقة من وثائق المؤتمر، بل على أساس أنها وثيقة وأرضية لحوار بين مكونات الحقل الشبابي، حوار ابتدأ قبل المؤتمر، ومن المفروض أن يستمر بعده، واعتبر أن مناقشة وثيقة شبيبة العدالة والتنمية ونقدها وإغناءها جزء استباقي لهذا المشروع. والذي يمكن أن يشكل أرضية لميثاق وطني حول الشباب المغربي، ولبرنامج وطني للنهوض بأوضاع الشباب المغربي. وفي ما يتعلق بالمفاهيم المؤطرة للعمل السياسي، أوضح الخلفي أن تأصيلها وتبيئتها من داخل الهوية الحضارية الإسلامية للمغرب يبقى خيارا من الخيارات التي يمكن من خلالها استعادة الثقة وتخليق الحياة السياسية، وبناء مؤسسات سياسية حقيقية في البلاد، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن البعد التأصيلي في الورقة حضر في ما يتعلق بالمواطنة، لكنه لم يمتد إلى غيرها. وثمن الكاتب العام لمنظمة التجديد الطلابي نص الوثيقة، قائلا إن الحركة الشبابية لا يمكن أن تكون مجرد حركة احتجاج ورفض ودفاع، ويجب أن تكون حركة اقتراح ومبادرة، غيرأن ذلك لم ينعكس على بعض فقرات وثيقة الشباب المغربي قضايا ومواقف، بحيث لم تطرح على سبيل المثال سبل تجاور أزمة المشاركة السياسية، وأكد في السياق نفسه أن شبيبة العدالة والتنمية غير منعزلة عن قضايا الجامعة، ومن ثمة يجب أن تطرح رؤيتها لها. بنان: ورقة يسيطر عليها التشخيص وسجل إبراهيم بنان، ممثل منتدى الشباب للألفية الثالثة، من جهته على الوثيقة أرضية الندوة من الناحية الشكلية افتقادها للمقاربة المفاهيمية لبعض المصطلحات الأساسية (الديموقراطية التنمية المواطنة)، وغياب لغة الأرقام وسيطرة التشخيص. وعبر عبد العزيز رباح، الكاتب العام لشبيبة العدالة والتنمية، في ختام الندوة، التي أدارها الأستاذ عبد العالي حامي الدين، عن شكره للمحاضرين والمعقبين، مشيدا بأهمية الملاحظات والإضافات والانتقادات التي تم التعبير عنها حول الوثيقة السالف ذكرها، وهي المداخلات التي أنجحت برأيه النشاط، مؤكدا أن شبيبة العدالة والتنمية >ستأخذ كل ما قيل بعين الاعتبار في إعادة صياغة ورقة الشباب المغربي قضايا ومواقف من خلال مدرستنا ونموذجنا ومشروعنا<. إعداد: محمد عيادي