يعرف قطاع النخيل العديد من المشاكل أمام تفاقم مرض البيوض وظاهرة الجفاف والتصحر، الأمر الذي جعله يتعرض إلى تهديد خطير قد يؤدي إلى انقراضه، كما أنه يتعرض للتهريب خارج المغرب، ولأجل الوقوف على حجم إنتاج التمور بالمغرب ومميزات هذا القطاع وأهم التحديات التي يواجهها، أجرت التجديد هذا الحوار مع أحمد صبري، مهندس باحث في مركز البحث الزراعي بالرشيدية، ومتخصص في الزراعات الواحاتية، خصوصا قطاع النخيل: ما هو واقع قطاع التمور بالمغرب؟ هناك مجموعة من العوامل المحددة لطبيعة إنتاج التمور، ويمكن إجمالها في الأمراض التي عرفها قطاع النخيل، خاصة مرض البيوض، ثم الجفاف الذي قضى على مجموعة من الواحات في مدينة الرشيدية وألنيف والريصاني وتنجداد وزاكورة، إضافة إلى قلة الجودة لدى بعض الأصناف. ما هي أصناف التمور بالمغرب؟ وما هي أجودها؟ هناك صنف يمثل حوالي 60 بالمائة من مجموع أصناف التمور، ويسمى الخلط، إضافة إلى صنف المجهول الموجود بالرشيدية بشكل أكبر، والجيل، الموجود بزاكورة، وهناك أصناف أخرى مثل بوفقوس وبوستمي وبوسليخن. وبخصوص التمور الجيدة، هناك تمور ذات جودة عالمية، خصوصا صنف المجهول، وهناك تمور أخرى تنافس هذا الصنف، مثل نجدة وبوريان والأمان، وعدد من السلالات، غير أن بعضها ما زال في طور التجربة فقط. ولا بد من الإشارة إلى أن صنف المجهول قد تمت سرقته كفسيلة وتمت زراعته بالولايات المتحدةالأمريكية وبإسرائيل وببعض الدول العربية مثل الإمارات. هل احتفظ صنف المجهول بأصله المغربي؟ بإسرائيل تم تغيير اسمه فأصبح مدجول، وبالإمارات أصبح اسمه مدجهول، وهناك بعض الدول غيرت اسمه كليا، ولا تعترف بأن هذا النوع من التمر مغربي الأصل، ويتم تسويقه في بعض الدول بأسماء مختلفة. في نظركم، من يتحمل المسؤولية في ما يتعرض له قطاع التمور من سرقة؟ لا يمكن تحميل المسؤولية لجهة دون أخرى، كل الأطراف تتحمل المسؤولية في ما يحصل، بما فيها القطاع الحكومي والمجتمع المدني والأشخاص الذين يفضلون المال فيبيعون فسائل النخيل لأجانب. يروج الحديث حاليا عن تهريب شجرة النخيل من المغرب في اتجاه دول الخليج، ما مدى صحة هذا الادعاء؟ يحدث بالمغرب تهريب البشر، فبالأحرى تهريب النخيل، هناك سوق سوداء لذلك، وهذا يؤثر حتما على الاقتصاد الوطني، كما يدفع إلى تشويه النخلة لأنها تنتقل من بيئة إلى أخرى، ويبقى هدف البائع هو الربح المادي، لأن هذا الأخير يفضل أحيانا أن يبيع فسيلة ب2000 درهم على أن تبقى لديه، وقد يكون مصيرها الذبول، خاصة في الآونة الأخيرة التي عرف فيها المغرب موجة من الجفاف. هل من حلول للحد من ظاهرة التهريب؟ للقضاء على ظاهرة التهريب والسرقة ينبغي تشديد العقوبات في حق القائمين بذلك، لأن هناك قوانين، ولكن نحتاج إلى تفعليها وتطبيقها بصرامة على أرض الواقع. وإلى جانب تطبيق القوانين ينبغي القيام بحملات تحسيسية وتوعوية في صفوف الفلاحين والمهتمين، من أجل الاهتمام بالقطاع والحفاظ عليه وتنبيه الجميع إلى أن شجرة النخيل لها موطن أصيل ينبغي الحفاظ عليه. كما يمكننا القول إن توفر المغرب على النخيل يجعل المنظمات الحكومية وغير الحكومية الخارجية تمول العديد من المشاريع في القطاع. هل تعتقد أن المنظمات الأجنبية لها أهداف أخرى غير تمويل المشاريع؟ ذلك ممكن . تباع بالأسواق المغربية تمور غير مغربية، مثل التمور التونسية والجزائرية وغيرها، هل يمكن اعتبار هذه التمور منافسة للإنتاج المحلي؟ تمتاز التمور الجزائرية والتونسية وتمور الشرق الأوسط بجودة عالية وثمن مناسب، ويتم استقدامها للمغرب في وقت تكون فيه التمور المغربية غير ناضجة. وهذا يجعلنا نقول إن المغرب مطالب بتطوير سياسة التخزين، خاصة وأن وقت شهر رمضان يتغير، ولذلك يمكن القول إنه خلال السنوات الأربع المقبلة سيكون خصاص في التمور في السوق المغربية، وهذا يدفعنا لأن نفكر في آلية للتخزين من أجل سد حاجيات المواطنين. ما هي أهم المشاكل التي يعرفها القطاع عموما؟ أول شيء هو مرض البيوض، الذي أدى إلى يبس حوالي 12 ألف نخلة، إضافة إلى الجفاف الذي تعرفه هذه المناطق، كما أن السقي يتم بطريقة غير منتظمة، مما ساهم في انخفاض مستوى الفرشة المائية، إضافة إلى مشكل النوعية، لأن أكبر نسبة من التمور المغربية هي من نوع الخلط أما الأنواع الجيدة مثل المجهول فيتم تسويقها بشكل أكبر لأنها مشهورة عالميا، وباقي الأنواع لا تحظى بالرعاية المطلوبة، لأنه يتم بيعها بثمن بسيط. لماذ لم يتم القضاء على مرض البيوض لحد الآن؟ بالنسبة لمرض البيوض توجد لحد الساعة حلول وقائية منه، وتتمثل أساسا في عدم زرع فسائل لنوع النخيل الحساس لمرض البيوض في واحات بها مرض البيوض. كما أن الإكثار من طريقة الزراعة النسيجية طريقة تخفف من انتشار البيوض، غير أنه ينبغي تحرير هذه الطريقة وعدم تركها محتكرة من جهة واحدة، ويجب فتح المجال للجميع من أجل التنافس والمساهمة في رفع الجودة، إضافة إلى ذلك ينبغي استعمال تقنيات للإنتاج تخفف أو تقاوم مرض البيوض. وأخيرا ينبغي الاهتمام بمواضيع بحثية، وهذا ما دأب عليه المعهد الوطني للبحث الزراعي، وهناك نتائج مشجعة من قبيل أنه يمكن حاليا معرفة ما إذا كانت النخلة ستتأثر بمرض البيوض في مراحل نموها الأولى، وهذه التقنية ما تزال في إطار التجارب. أما العلاج بالمواد الكيميائية، فلحد الآن لا نتوفر عليه بالمغرب. ما هي أسباب انتشار مرض البيوض؟ ما ينبغي معرفته هو أن مرض البيوض مرض فطري وينتشر عبر وسائل السقي وأدوات القطع، إضافة إلى نقل فسيلة من واحة فيها المرض إلى أخرى، فإن هذه الأخيرة سينتقل إليها المرض لكونه يوجد بالتربة. كيف ترون آفاق قطاع التمور بالمغرب؟ الآفاق المستقلبية لقطاع النخيل بالمغرب تتطلب الإرادة السياسية القوية للمسؤولين من أجل النهوض به وتقديم الدعم المحلي الكافي له، كما أنه ينبغي على المنتجين أن يتوحدوا داخل جمعيات وتعاونيات لكي يكون إنتاجهم جيدا ويتم تسويقه بثمن مناسب. كلمة أخيرة... أتمنى أن يقوم المهتمون بالقطاع، سواء كانوا جهة حكومية أو جمعيات مدينة، بإيلاء اهتمام خاص لهذا الإرث الكبير الذي تعترف به اليونيسكو وأصحابه لا يتعرفون به.