نظمت منظمة تجديد الوعي النسائي دورة تدريبية يوم السبت الماضي بالدار البيضاء في موضوع: صناعة الاسرة المشرقة أطرها المدرب الأردني عدنان حميدان رئيس مؤسسة المستقبل للتدريب القيادي بالأردن وهو عضو المجلس العربي لرعاية الموهوبين. وقال عدنان في مستهل حديثه عن الأسرة إن هناك أربع حاءات تحفظ الأسرة: أولها الحلال وثانيها الحوار وثالثها الحلم ورابعها الحب. وتناول كل عنصر بتفصيل إذ استشهد عن الحلال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أطب مطعمك تجب دعوتك وذكر بأن كل ما يتوزع على أرجاء البيت من أثاث وتحف يجب أن يكون حلالا في مصدره وفي وجوده واستعماله. وبخصوص الحوار ذكر المدرب بأنه العملة النادرة التي بدونها يسهل تهديم كيان الأسرة أو تشويه كيانها، وأعطى مثالا لنجاعة الحوار بالزوجين اللذين قصدا قاضيا بهدف إجراء الطلاق وسأل هذا الأخير الزوج عن سبب الطلاق وأجاب بأن الزوجة هي السبب، وردت الزوجة بالتوضيح، وتناوب الزوجان بين موضح ومعقب، ليستمر الحوار بينهما إلى درجة أن وجدا الحل بالحوار أمام القاضي وتراجعا عن فكرة الطلاق، ليتبين أن ما كان ينقصهما هو الحوار. وكان الأحرى بهذين الزوجين، يقول المدرب، أن يتحاورا بينهما وبالتالي سيستغنيان عن القاضي لحل مشاكلهما. وبخصوص العنصر الثالث الذي يساهم في بناء الأسرة واستقرارها وهو الحلم، يقول عدنان حميدان، يتحتم على أفراد الأسرة أن يتحلوا بخصلة الحلم لأنها تمنع تعميق الصراعات. وذكر حميدان العنصر الرابع والأهم هو الحب بين الزوجين أولا، ثم الحب بين الآباء والأبناء على أساس أن علاقة الحب تجلب الخير الكثير وتمنع كثيرا من الشرور. وحذر حميدان من مغبة الانسياق وراء الأفلام والمسلسلات التي تبين أن الأسرة كيان يسهل التخلص من التزاماته بكل سهولة. واعتبر حميدان الارتباط بالزواج بمثابة ارتباط بالأمة، والأمة تهدد في أول الأمر أول في الأسرة. كما اعتبر أن أي تقصير في حق الزواج هو تقصير في حق الأمة، وأن إثمه يحاسب عليه المرء يوم القيامة، ودعا إلى نبذ التفكير الذي يجعل ارتباط الأزواج ارتباطا من أجل الأبناء فقط بل يجب تغييره باعتبار رابطة الزواج تؤدي مهمة نبيلة في بناء المجتمع وبالتالي بناء الأمة. وذكر المدرب أن مجرد التفكير في كون استمرار العلاقة من أجل الأبناء فقط يعطي تفسيرا لارتفاع نسبة الطلاق بعد 15 أو 20 سنة من الزواج أي بعدما يكبر الأبناء يفترق الآباء كأنهم كانوا في مهمة وانتهوا منها. ونبه عدنان حميدان الأسر إلى أن لجوء بعض الفتيات إلى أحضان الشباب والتعرض للانحراف يكون في غالب الأحيان ناتجا عن خلل في الأسرة يكمن في حرمان تلك الفتاة من الإشباع العاطفي من والديها أو نتيجة لكثرة الخلافات بينهما، مما يجعل البيت منفرا لتلك الفتاة التي هي في حاجة إلى من ينتبه إليها ويستمع إليها ويوجهها، وحينما لم تجد تلجأ إلى الشباب الذي يظهر بداية محتضنا ومستمعا ومتفهما ليتحول في النهاية إلى وحش كاسر. ومن جانب آخر تطرق المدرب عدنان إلى التحولات التي عرفها كل من الزوج والزوجة. ففي الماضي كان اهتمام الرجل بعمله الموسمي (الفلاحة) ويقضي معظم وقته في المنزل أما الآن فصار العمل بالدوام ساعات طويلة خلال اليوم. بالإضافة إلى قيامه بالتطوع في الأعمال الخيرية. وأشار حميدان إلى ما يجب وضعه في الاعتبار بخصوص المرأة إذ أصبحت نسبة كثيرة من النساء تعمل خارج البيت وتشارك في نفقة البيت وتحتك بالرجال مع ما يرافق هذا من ارتفاع في الأسعار للمتطلبات الشخصية والتغيير في القوانين المتعلقة بالأسرة. بالإضافة إلى تعب المرأة من البذل والعطاء طيلة اليوم واحتياجها لوقت الراحة. وأخيرا تناول المدرب الفروق بين الرجل والمرأة إذ يشعر هذا الأخير بالسعادة عندما يحل مشكلة تعترضه أما المرأة فتشعر بالسعادة عندما تجد من يستمع لمشكلتها. والمرأة تحتاج إلى التفهم والاحترام والإخلاص والتصديق والتطمين. في حين يحتاج الرجل إلى الثقة والتقبل والإعجاب والاستحسان والتشجيع. وذكر هذه الفروقات من أجل أخذها بعين الاعتبار من أجل التوافق وليس لأخذها نقط ضعف يتسلح بها طرف ضد الآخر. وتساءل المدرب ماذا يريد الرجل، هل مجرد امرأة أم زوجة؟ وأشار إلى الفرق من خلال ذكر القرآن الكريم امرأة فرعون ولم يقل زوجة فرعون في حين ذكر زوجة يحيى في قوله تعالى: فلستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه. وبخصوص تربية الأبناء ذكر المدرب بأربعة أسس لها وهي الحب والحوار والقدوة والبيئة. وحذر من التأثير السلبي للتلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة وخاصة ما ينمي منها موجات العنف والإجرام.