أصدر الوزير الأول إدريس جطو أخيرا مرسوما وزاريا اعتبره المراقبون بمثابة النص الذي سيحتكم إليه الوزراء في توزيع الميزانية العامة للدولة. ويعد المرسوم رسالة تأطير موجهة إلى الحكومة حدد فيها الوزير الأول التوجهات الكبرى التي يجب أن يرتكز عليها مشروع ميزانية .2006 والتي يتوجب أن تحافظ على نفس المستوى من حجم الاستثمارات التي سجلتها السنة المالية2005, وأن تحافظ على استقرار التوازنات الماكرواقتصادية التي ينبغي أن تستجيب لدرجة التحكم في الموازنة العامة. واعتبر خالد الشرقاوي السموني أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالرباط أن تأطير الميزانية في المغرب تعاني من اشكاليات إدارية ومالية وأضاف السموني في تصريح ل التجديد أن ثقل أداء أجور الموظفين وضخامة ميزانية التسيير دفع حكومة إدريس جطو إلى التفكير في السبل الكفيلة بترشيد الميزانية العامة، وهذا الأفق لن يتحصل إلا بمحاربة الرشوة والزبونية واستغلال النفود ونهب المال العام، مشيرا إلى أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية المتردية تتطلب عقلنة تسيير الميزانية، وإصلاحا إداريا شاملا، مادام أن هناك قطاعات وزارية تستنزف ميزانية الدولة. وتأتي رسالة الوزير الأول التأطيرية بعد أيام من توجيهه دورية إلى جميع الوزراء(21 يوليوز الماضي) تطالبهم بتقليص النفقات الخاصة بكل وزارة. مبررا ذلك بعاملين أساسيين: الأول استحضار عدد الموظفين المغادرين لوظائفهم برسم عملية المغادرة الطوعية. والعامل الثاني هو طبيعة التوقيت المستمر المعتمد في الإدارة منذ الصيف الماضي. وحسب دورية الوزير الأول المذكورة، فإن تطبيق مرسوم الحد من المصاريف الزائدة سيمكن من توفير350 مليون درهم في السنة. يشار إلى أن الدورية الوزارية حددت نسب التقليص من المصاريف حسب المناصب المالية. كما طالبت بالتقليص من نفقات كراء المقرات التابعة لبعض الوزارات(30%) ثم الكهرباء والهاتف (10%) والانتيرنيت والماء(5%) ومواد تجهيز المكاتب. ومن المنتظر أن توفر وزارة المالية لوحدها مبلغ 120 مليون درهم من منح التعويضات الخاصة بأطرها برسم السنة المالية 2006 ، وذلك بفعل تخفيض كتلة الأجورالمستمد من عملية انطلاقة. ويتساءل المراقبون الماليون والمتتبعون ل طريقة عرض الموازنة المالية كل سنة أمام أنظار مجلسي البرلمان وآليات إقرارها، ثم طبيعة النزاعات العلنية والخفية التي تنشب بين مختلف القطاعات الوزارية عن السر وراء صدور المرسوم والدورية المشار إليهما عن الوزير الأول في هذا التوقيت بالذات، فهل الأمر يتعلق بتخليق وترشيد صيغ وأدوات تدبير الميزانية العامة، أم أن الأمر يروم أبعد من ذلك، في محاولة لملامسة جديدة لسياسة وضع وإقرار الميزانية العامة في المغرب.