حلم غراب كعادته يدخل المعلم حجرة الدرس عبوس الوجه ، اتجه مسرعا نحو السبورة ثم أدار وجهه نحو الصفوف بعد أن كتب على السبورة عبارة " جغرافيا ". قال المعلم: درس اليوم جواب واحد لسؤال واحد. كلمت نفسي متوترا:أنا أخاف الأسئلة المباغتة. طرح المعلم سؤاله:هل تدور الأرض حول الشمس أم أن الشمس هي التي تدور حول الأرض؟ تحسست صوتا على يميني فإذا بغراب صغير يحلق خارج النافذة.نظرت نحوه فقلت له :ليتني كنت مكانك. رفرف حول القسم ثم وقف على قاعدة النافذة. خاطبته قائلا: أيها الغراب أنقذني .أدار وجهه مستنكرا،و راح يصغي كلام المعلم. قلت له :ليتك تعيرني جناحيك لأهرب بعيدا .نفض منقاره الرقيق ثم اخترق النافذة داخلا إلى القسم،حلق بين الصفوف ثم حط على طاولتي ،ثم قال لي :ليثني ألتحق بقسمك.أجبته متوترا:قل للجرس ينهي الدرس أيها الغراب المشاكس.ضرب المعلم بعصاه على مكتبه صائحا: انتبه إلى الدرس .حلق العصفور بعيدا عن فضاء القسم.ثم عاد بعد لحظات ليخبرني أن الجرس لا يدق إلا بيد حارس المدرسة. -اذهب إلى حارس المدرسة و استعطفه ليدق الجرس. حلق الغراب ثم عاد ليهمس في أذني:انه لا يعمل إلا بإذن المدير. - اذهب إلى المدير و اطلب منه أن يأمر الحارس بدق الجرس. حلق الغراب مرة أخرى في فضاء المدرسة. ثم عاد ليهمس في أذني: يقول لك المدير انه ينتظر عقرب الساعة أمره بذلك. تعب الغراب فاستلقى على قاعدة النافذة منتبها إلى المعلم. وجهت نظري هامسا إلى الساعة:أتوسلك....أديري عقاربك بسرعة ...اجعلي المدير يأمر الحارس بدق الجرس. ردت الساعة قائلة:الأمر ليس أمري فأنا أسيرة الزمن. - أرجوك يا زمن أنقذني. - حتى الزمن لن يستطيع تحقيق طلبك. - كيف ذلك. - الزمن يا عزيزي مرهون بدوران الأرض حول نفسها. - لإنهاء الدرس لابد أن يتوقف الزمن،ومن اجل توقف الزمن لابد أن تتوقف الأرض عن دورانها. - أرابت أن طلبك مستحيل؟ - و لكي تتوقف لابد أن تخرج عن مجرتها. - و تخرج عن المجموعة الشمسية. اقترب مني المعلم قاطعا حواري مع الساعة سألني بصوت مرتفع: هل تدور الأرض حول الشمس أم أن الشمس هي التي تدور حول الأرض؟ رفعت رأسي ابتسمت في وجه معلمي،اندهشت وكأنه قرأ أفكاري و اختار الوقت المناسب لمساءلتي،وكأنما عرف أني توصلت للنتيجة قبل لحظات،وقفت ثم أجبته بسهولة: بل الأرض هي التي تدور حول الشمس. و عندما عاد المعلم ليكتب الجواب على السبورة وجدت الغراب على يساري، اقتربت منه...همست في أذنه الصغيرة:هل فهمت درس اليوم أيها الغراب الصغير؟ كتبها محمد أبو الكرام