حين وقعت تفجيرات مدريد الإرهابية قامت الأرض على رؤوس مغاربة في إسبانيا ولم تقعد، وانساق الجميع: حكومة وصحافة وكثيرا من المرضى بداء العنصرية من الجيران الإسبان في حملة تشويه وضرب لصورة الجالية المغربية بالديار الإسبانية. حين وقعت تفجيرات مدريد ضاقت السبل بالحكومة اليمينية بقيادة خوسي ماريا أثنار فلم تجد سبيلا للأم جرح الإسبان بادئ الأمر غير إلصاق التهمة بالحركة الإنفصالية إيتا لتجنب الهزيمة في الانتخابات التي جرت ثلاثة أيام بعد أحداث مدريد الإجرامية، قبل أن تحول مجرى التحقيقات ومعها مجرى انتباه الرأي العام الإسباني نحو كبش فداء سهل لطالما نزلت عليه مقصلة الحكومة اليمينية بإسبانيا على مدى حكمها.. وكان الكبش هو المواطن المغربي الذي هاجر بشق الأنفس إلى الديار الإسبانية بحثا عن عمل يفيد الإسبان ولا يرعبهم أويهد أوطانهم. كانت جلية وما زالت النزعة العنصرية التي حركت التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن الإسبانية في آخر أيام حكومة أثنار ضد أفراد من الجالية المغربية، فبعد يومين من التفجيرات تم الإعلان بكثير من البهرجة والصخب الإعلامي عن اعتقال مغاربة صنفوا كعناصر خطيرة ومسؤولة عن وضع المتفجرات في قطارات مدريد التي أودى انفجارها بحياة 191 شخصا وجرح أكثر من 1400 آخرين.. ولم تكتف الصحف الموالية للحكومة السالفة بالإعلان عن الخبر فقط، بل أرفقتها بحملة ممنهجة لتشويه صورة المعتقلين، وإن كان عندها لم يتم إثبات التهم بهم، بعرض صور من حياتهم الخاصة على الصفحات الأولى لهذه الجرائد وبالمواقع الإلكترونية التابعة لها بنية لا تقبل جدلا تروم نكأ جراح الإسبان والتأثير عليهم بهدف الثورة على المغاربة، وهي الحملة التي أتت أكلها عند بعض الإسبان الذين في نفوسهم استعداد لتفريغ كبتهم العنصري، لا ينتظرون في ذلك غير الضغط على الزناد.. من ثم تسارعت وتيرة الاعتداءات على المغاربة في مدريد وغير مدريد، وتلقت على سبيل الاستشهاد جمعية العمال المغاربة المهاجرين بإسبانيا، بعيد الأحداث الإرهابية، سيلا دافقا من المكالمات المليء بالسب والتهديد والدعوة إلى رحيل المغاربة عن الأراضي الإسبانية. ثم بعد أن هدأت العاصفة عند بداية عهد الحكومة الجديدة بقيادة خوسي لويس ساباثيرو وتشكيل لجنة برلمانية للتأكد من سلامة الطرق التي اتبعتها التحقيقات بشأن اعتداءات مدريد، ظهرت حقائق جديدة واكتشف أن المغاربة الذين اعتقلوا أياما قليلة بعد التفجيرات، لم يكونوا غير كبش فداء حقيقي لإسكات الإسبان، وأن المسؤولين المباشرين عن التفجيرات ليسوا قط مغاربة إنما من جنسيات عربية أخرى. بيد أن المثير في الأمر ذلك ما أظهرته الصحف الموالية للحكومة السالفة وللمؤسسة العسكرية الإسبانية حين غطت على حادث الإفراج ولم تشر إليه إلا عرضا، بدل البهرجة التي عمدت إليها يوم اعتقال المتهمين المغاربة، مما ينطوي على نزعة عنصرية ضحيتها الأولى الجالية المغربية التي تنتظر من يرد إليها الاعتبار من سوء ما لحق بها من ضرر معنوي أكثر ما يكون ماديا.. ولعل في مبادرة فتح الحكومة الحالية أخيرا تحقيقا في ممارسات عنصرية اقترفتها الشرطة الإسبانية في منطقة ألميريا بحق مهاجرين مغاربة بداية سبيل رد الاعتبار يحتاج إلى المزيد من المبادرات. يونس البضيوي