تناول المتدخلون في ندوة حول واقع الأسرة في المجتمعات المغاربية، نظمتها يوم الجمعة 21 ماي الجاري بالدارالبيضاء مؤسسة آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بتعاون مع الفضاء المغاربي والمنتدى المغاربي للدراسات والأبحاث والنشر، بالدرس والتحليل أوضاع الأسرة والتغيرات التي عرفتها في البلدان المغاربية. وقال صلاح الدين بنفرج، أستاذ علم الاجتماع بتونس، وهو يتحدث عن التماسك الأسري في ظل التغيير الاجتماعي: إن الأسرة هي الملجأ الوحيد الذي يحقق فيه الفرد توازنه النفسي والعاطفي. وذكر أن التنشئة الاجتماعية هي ما بقي للأسرة في ظل التغييرات التي طرأت على أوضاع الأسرة، ورغم ذلك فإن وسائل الإعلام تقترح على الأسر برامج وقيما مغايرة من خلال ما تقدمه من مسلسلات، وتأسف لكون المسلسلات المكسيكية السخيفة أصبحت مرجعية لإدارة أسرنا. وفي ظل التغييرات التي طرأت على الأسرة، دعا بنفرج إلى ضرورة إقرار سلك الموفِّق العائلي، الذي يقوم بدور الوساطة الأسرية في الدراسات الجامعية، وأشار إلى أن الأسر المغاربية محتاجة إلى هذه الآلية التي لا تزاحم القضاء بل تقوم بدور تكميلي له. واشترط في من يقترح للوساطة الأسرية أن يكون ذا تكوين علمي أكاديمي ويتوفر على كفاءات شخصية لاستيعاب الطرفين وله القدرة على حفظ الأسرار، بالإضافة إلى إمكانية تطويعه لهذه الأطراف. وسلطت الأستاذة خديجة أميتي من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة الضوء على الأسر أحادية الوالد، سواء تعلق الأمر بأرملة أو مطلقة أو.. وقالت إن الأسرة التي تقوم عليها أرملة تلقى تقديرا من لدن المجتمع عكس الأسرة التي توجد على رأسها مطلقة أو أم عازبة، وذكرت أن هذا الأمر أصبح واقعا يجب أخذه بعين الاعتبار في الدراسات. وأكدت الأستاذة شريفة ماشطي، أستاذة بجامعة قسطنطينة بالجزائر أن التغييرات التي عرفتها الأسرة الجزائرية من حيث الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية تجسدت بكون 69 في المائة من الأسر الجزائرية أسرا نووية، إلا أن هذا لا يعني، أن هذه أصبحت مقطوعة عن محيطها العائلي بل ما زالت التجمعات العائلية في المناسبات، ويتدخل أفراد العائلة الكبيرة في شؤون الأسرة النووية. وتناول أستاذ علم الاجتماع بنواكشوط سيدي محمد ولد الجيد موضوع تغير القيم الأسرية وعلاقاتها وبناها في موريتانيا، مشيرا إلى تأثر واقع الأسرة هناك بالنظام الذي كان قبليا قبل أن تتكون الدولة الموريتانية، إذ تتأثر الأسرة بشيخ القبيلة وكبير العائلة. وفي ما يخص سن الزواج، ذكر أنه أصبح متأخرا، بل متعذرا على الرجال والنساء، وأكد على ضرورة الاهتمام بالدراسة السوسيولوجية لعنوسة الرجال، لأن الغالب هو الاهتمام بها عند النساء وإغفال استفحالها عند الرجال نتيجة ظروف البطالة. واقترح وضع مؤسسة علمية تهتم بالأسرة المغاربية في الأقطار الخمسة تستقبل الدراسات العلمية الدقيقة وتساهم في وضع استراتيجيات لتفادي مشاكل الأسرة. كما دعا إلى إقامة شبكة مغاربية للمجتمع المدني نظرا لقدرتها على ضبط الشارع. وقالت الأستاذة نعيمة بنيحيى، مستشارة كاتبة الدولة المكلفة بالأسرة والتضامن والعمل الاجتماعي، في كلمة ألقتها باسمها خلال افتتاح أشغال الندوة: إن >أي تغيير في الاتجاه الإيجابي يمر عبر تربية الأطفال على قيم المواطنة وحب الوطن والافتخار بالانتماء إلى وطنهم وبهويتهم الدينية<. وأضافت أن اختيار المغرب لاحتضان هذا اللقاء المغاربي الهام يأتي مساهمة لتكريس الدينامية التي بادر بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من خلال مدونة الأسرة، مضيفة أن هذا العمل تم تعزيزه عبر انخراط جميع مكونات المجتمع المدني. وصرح محمد الصغير جنجار، نائب مدير المؤسسة المحتضنة للندوة، لالتجديد إن هذه الندوة هي بمثابة محطة لرصد التراكمات التي حصلت على مستوى البحث العلمي بخصوص الأسرة في المجتمعات المغاربية، ورصد المفاهيم الجديدة المستعملة في دراسة الأسرة، وما هو النقد الذي يمكن توجيهه لمفاهيم قديمة، ثم الجوانب العلمية، سواء منها ما تعلق بمستوى القوانين أو مستوى البنيات الواجب إدخالها لكي تتماسك الأسرة أكثر، وتقوم بوظائفها من أجل كسر الهوة بين الخطابات حول الأسرة وواقعها المختلف تماما مع هذه الخطابات. حبيبة أوغانيم