من القوانين الإصلاحية المهمة التي أتت بها الحكومة الحالية، قانون الحق في الحصول على المعلومة. فعكس ما يظن البعض، فهذا القانون لا يخص الصحافيين وحدهم، بل يعني كل المواطنين، لكونه يعتبر من بين المؤشرات الدالة على مدى شفافية الحكومة، ويشكل اختبارا حقيقيا لدعم الخيار الديمقراطي الذي انخرطت فيه بلادنا بعد دستور 2011. فتفعيل الفصل 27 من الدستور الذي ينص على أن للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، يقتضي من الإدارة تجاوز ثقافة التكتم التي سادت خلال المرحلة السابقة، وكان من نتائجها مواطن منسلخ عن إدارته العمومية ومؤسساته المنتخبة، وأيضا صحافة تتغدى على بقايا الأخبار الباردة وعلى الإشاعات التي اضطرت إلى الانجرار إليها بعد أن تم إحكام غلق صنابير المعلومة. وبما أن الفصل 27 من الدستور يقنن مجالات الوصول إلى المعلومة في ما يخص الدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، فإعمال الشفافية يقتضي فتح أبواب ونوافذ ما تبقى من المرافق العمومية للمواطنين. الحصول على المعلومة قبل دستور 2011 كان مستحيلا، وإن توفرت في بعض الأحيان لم تكن تعكس الواقع نظرا لكون هاجس المسؤولين حينها كان هو تلميع واقع بأرقام ومعطيات تنقصها المصداقية. لم يبق من خيار إذن أمام الحكومة الحالية إلا تنزيل القوانين التنظيمية المتعلقة بقانون الحق في المعلومة، وتبسيطها للمواطنين، فنحن بكل بساطة في حاجة إلى المعلومة المفهومة والواضحة، لا الغامضة ولا المضللة.!