قال سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إن هناك اتفاقا من قبل الجميع على أن الفساد يشكل في مختلف الأنظمة ظاهرة مقلقة ومنتشرة، موضحا أن الفساد يتضمن مخاطر عدة على المجتمعات، ومخاطر على الاستقرار، ومخاطر على التنمية المستدامة، ومخاطر على قيم المجتمع، وعلى سيادة القانون والمسار الديمقراطي. وشدد وزير الخارجية الأسبق، في ندوة حركة التوحيد والإصلاح منطقة الرباط، حول "مكافحة الفساد بين مسؤولية الدولة، وأدوار المجتمع المدني"، الجمعة 8 يناير 2016 على أن منظومة الفساد لها صلات واضحة بمنظومات أخرى للجريمة المنظمة التي يمكن أن تتداخل معها وتستفيد منها، ممثلا لذلك بالجرائم الاقتصادية من غسيل الأموال وغيرها، علاوة على جرائم الاتجار في المخدرات وغيرها، مضيفا أن الفساد يشمل طيفا من الأعمال والتصرفات غير المشروعة من رشوة، واختلاس للمال العام، واستغلال للنفوذ، ابتزاز، وتوظيف للمال العام لما هو غير مخصص له. وأكد القيادي بحزب "المصباح"، أن الفساد لم يعد ظاهرة محلية خاصة ببلد من البلدان، قائلا إن الفساد اليوم معولم إلى درجة أن هناك شبكات عابرة للحدود تتعاون على الفساد، وتتبادل منافع الفساد، وقد وعى المجتمع الدولي بضرورة وجود اتفاقيات دولية ووضع آليات دولية لمكافحة الفساد، والتعاون على مكافحة الفساد. وقال العثماني، إن المجتمع المدني بقدر ما يكون متخصصا بقدر ما يكونا فاعلا، لأن الفساد يطور نفسه، لذلك فإن معرفة آليات الفساد، ومعرفة كيفية مقاومة الفساد، ووضع استراتيجيات محاربته هو تخصص مطلوب، موضحا أن المجتمع المدني ليقوم بأدواره يجب أن تكون عنده خبرة على مستويين، الأول كيفية الاشتغال، ثانيا خبرة في موضوعات الاشتغال. وأكد المحاضر، أن الفساد يتسرب من شقوق قانونية أو تنظيمية أو عملية، مشددا على دور المجتمع المدني المتخصص في إغلاق تلك الشقوق، على غرار دور جمعية الشفافية العالمية "ترانسبرانسي" وفرعها بالمغرب، مضيفا أن من مسؤولية الدول أن تساعد على بروز مجتمع مدني قادر على مكافحة الفساد من أجل تضافر جهود مكافحته. وأكد الباحث، أن المجتمع المدني يمكن أن يقوم في مجال مكافحة الفساد بعدد من الأدوار الأكثر دقة منها أولا : التوعية الاجتماعية والوعي العام، ثانيا: فضح الفساد من خلال تقارير عامة أو خاصة لتقيم عملية مكافحة الفساد، ثالثا: إعداد الدراسات والبحوث في هذا المجال، رابعا: بناء شبكات نضالية للضغط، خامسا: أن يقدم المجتمع المدني نموذجا بمنظمات خالية من الفساد بتطبيق مفاهيم النزاهة والشفافية الداخلية. وأوضح العثماني، أن المجتمع المدني يجب أن يتحرك لتسليط الضوء على شقوق الفساد التي في قضية تقاعد الوزراء والبرلمانيين من أجل إصلاحها، وخلص الطبيب النفسي إلى أن مكافحة الفساد عملية معقدة وطويلة المدى، تحتاج إلى خبرة، وإلى تقوية المجتمع المدني المتخصص في محاربة الفساد. وقال العثماني، إن محاربة الفساد تقتضي الجمع بين الحسنيين الجانب القانوني والتشريعي والجانب الديني القاضي بنشر ثقافة النزاهة والشفافية والتربية عليها، موضحا أن وجود مجتمع مدني غير متخصص يقاوم الفساد لا يغني عن وجود منظمات مدنية متخصصة في مقاومة الفساد لتستطيع أن تساهم في وضع استراتيجيات وطنية فاعلة باعتبار هذه القضية طويلة المدى تعجز أمامها حتى الدول الديمقراطية.