احتفالية القناة الثانية بذكرى التأسيس، احتفالية بهذا الحجم وبما حظيت به من تغطية إعلامية إشهارية واسعة، وبما شغلته من مساحة بث وإعادة بث، وباستخدام التقنيات المتطورة للديكورات الفنية لاستديو الاحتفالية... كل هذه المميزات كان من الممكن أن تقدم أعدادا كبيرة من المواهب، لا أن تختزل مجموعة المواهب في موهبتين فقط... وفي محاولة لاستعراض أهم الفقرات في هذه الاحتفالية يمكن الوقوف عند فقرة استضافة الوجوه الإعلامية للحديث عن ماضي القناة وطموحاتها المستقبلية، هذه الوجوه، وإن اختلفت ذكرياتها ومستويات إعجابها بالقناة، وطموحاتها المستقبلية، أجمعت أيضا على أن الطاقات الشابة المتبارية، والتي أخذت القناة الثانية مسؤولية اكتشاف مواهبها على عاتقها، طاقات ستضيف إلى القناة الشيء الكثير!!. هذه الطاقات الشابة مثلت من جهتها الفقرة الرئيسية داخل هذه الاحتفالية، ومثلت لجنة التحكيم الجهة الأخرى.. هذه اللجنة اتسمت بعدم الانسجام بين أعضائها، وانعدام الانسجام هذا جاء نتيجة لاختلاف المهن الفنية لأعضاء اللجنة (صحفية ممثلة منشط فكاهي منشط برامج مخرجة)، وإن كان من المفترض أن الرابط الأساس بين مجموعة المهن المختلفة هي العملية الإبداعية أولا، والتقييم والتقويم متنوع المذاهب للإبداعات المفترضة للمتبارين ثانيا، فقد انعكس اختلاف المهن الفنية لأعضاء اللجنة، على اختلاف الآراء، هذه الآراء اتسمت بالسطحية في التقييم، وأحيانا أخرى بالعجز عن التقييم، هذا التقييم الذي كان من المفترض أن يخضع للقوانين المنهجية الأكاديمية في التعامل مع المادة المقدمة من جهة، ومع شخصية المنشط من جهة أخرى، وبقياس نسب التكامل بين عناصر المادة وبين مواصفات المنشط. ونتيجة للخبرة العملية لأعضاء لجنة التحكيم، فإن التقييم نحى منحى الحكم على المادة المقدمة من قبل المتسابقين، حكما نوعيا. بعيدا عن البحث في عناصر بناء النصوص، وإغفال للشخصية الفنية للمنشط، في تقييم لجماليات الصوت والإلقاء والحضور. وهذا لا ينفي الدور المهم الذي قامت به لجنة التحكيم، لكنها لم ترق إلى مستوى المطلوب، ولا إلى مستوى طموحات المتبارين، الذين أقصي العديد منهم بالرغم من بوادر إمكانيات إبداعية... هذه الإمكانيات الإبداعية التي كان من المفترض أن تعي وتدرك تمام الإدراك أن مجرد الوقوف أمام لجنة التحكيم وتلاوة مقطع أدبي أو اجتماعي، أو محاولة لترتيب كلمات وجمل لتوصيل معنى محدد لا يعتبر مقياس للموهبة، وأن التجميل اللغوي والبحث عن المصطلحات الرنانة ومحاولة إضفاء الصبغة البلاغية على النصوص المقدمة، لا يعني الظفر بصفة التنشيط. لأن أنسب السبل للوصول إلى المشاهد والمستمع هو سبيل المزاوجة بين اللهجة العامية واللغة العربية البسيطة، وإن عملية التنشيط الإذاعي والتلفزيوني بالإضافة لكونها موهبة فنية بمواصفات عديدة، جمالية الصوت والإلقاء، الثقة بالنفس، الثقافة العامة، سرعة البديهة، بالإضافة إلى كل هذا أصبح التنشيط علما يخضع للنظريات العلمية لمناهج وعلوم الاتصال.. بقي أن نقول إن ظاهرة البحث عن المواهب الفنية والإعلامية ورعايتها ظاهرة جديرة بالتقدير في ظل انعدام قنوات رسمية تعمل على رعاية المواهب وتأطيرها علميا".