يرى خالد شيات، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، أن المنطلق الذي ترتكز عليه توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الإرث "ليس المساواة بل التعادلية أو حتى المناصفة بمعناها العددي والكمي وليس بغاياتها الفضلى، وهو أمر آخر"، وأكد أن النقاش "لا ينبغي أن ينطلق من مفهوم أن الإسلام لا يحقق مفهوم المساواة في الإرث، وأن المطلب هو المساواة، وإلا سيكون مطلبا مشروعا لاعتبار أن المساواة أمر ضروري في كل الأحوال". وأشار شيات إلى أن الدستور في ما يخص المناصفة، إضافة لإصراره على تغليف هذه القواعد في إطار "الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء"، فإن المبدأ السامي هو أن "الهوية المغربية تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها"، مبينا أن المساواة التي تتحقق على المستوى العام والشامل التي يضمنها الإسلام "أسبق من مسار ضيق ومنفرد ومتشرذم لمفهوم المناصفة". وأبرز الأكاديمي المغربي في تصريح ليومية "التجديد"، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان عليه أن يراعي أيضا "جانب وجود مؤسسات أخرى وصية وساهرة على إسلام المغاربة مؤسساتيا وعلى رأسها مؤسسة إمارة المؤمنين، والهيئات الدستورية بما فيها المجلس العلمي الأعلى الذي له حق الإفتاء"، معتبرا أن المشكل راجع إلى "مسألة المرجعيات وعدم التوازن الذي هو واقع المجلس المذكور الذي ينهل من مرجعية "كونية" حقوق الإنسان باعتبار أنها غير قابلة للتجزيء". وتابع شيات، في حديثه قائلا "تجد هذه التوصية رافدا لها من رفع المغرب كل تحفظاته عن الاتفاقية الدولية الخاصة بحضر كل أشكال التمييز ضد المرأة والتي تنص على مسألة المساواة العددية أو الكمية"، مشددا على أنه سواء تعلق الأمر بوضع تحفظات أو برفعها "ترفق الاتفاقيات كما تمت المصادقة عليها بمذكرة تفسيرية، وهي غير متوفرة حتى نعرف موقف المغرب من مسألة التساوي المطلق وتغييب مقررات قطعية في الشريعة الإسلامية". وأوضح أستاذ القانون الدستوري "ربما تأتي توصية المجلس بملاءمة القوانين الوطنية مع مقتضيات الاتفاقية الدولية كما تم إقرارها ضمن مقتضيات الفصل 55 من الدستور الذي جاء في فقرته الأخيرة "إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك، أو رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور"، مضيفا "هذا يعني أنه لا يمكن تطبيق مسألة المناصفة في الإرث إلا بعد تعديل دستوري لا أراه ملائما إلا في إطار استفتاء في هذه الحالة". * أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة