ضِمن حُزمة ما جاء به وزير التعليم "الإسرائيلي" الجديد "نفتالي بينت"؛ رئيس حزب "البيت اليهودي"، استعدادًا لافتتاح السنة الدراسية الجديدة، إلزامه للمدارس العربية بتعليم الطلاب اللغة العبرية؛ بدءًا من صف البستان، وليس من الصف الثالث كما كان الحال حتى يومنا هذا. ظاهر الأمر ومحاولة تفسير الوزير قراره هذا بأنه للمساهمة في تأهيل الطلاب العرب للتمكن أكثر من اللغة العبرية، تسهيلًا لاندماجهم في الحياة العامة في الدولة، ولزيادة مستوى تعليمهم حتى يتمكنوا من الانخراط في كافة مجالات العمل، وقبل ذلك حتى يتمكنوا من دخول الجامعات والتعلم فيها، وفي التالي تضييق الفجوة بين العرب وبين اليهود سعيًا للوصول إلى المساواة التامة! لا شك أن ظاهر هذه الخطوة جيد وجميل، ولكن لا يمكن أبدًا التغاضي عن خلفية الوزير السياسية وآرائه ونظرته إلى العرب عمومًا والفلسطينيين خصوصًا؛ هذه الخلفية المُغرقة في التطرف والمواقف المغمسة بالكراهية، والممارسات التي تدل دلالة واضحة أننا أمام وزير يميني مستوطن يكره الفلسطينيين كراهية عمياء، وأنه أصرَّ على حقيبة التعليم ليستطيع، عبر مناهج التعليم، رسم صورة الدولة وهويتها لتكون يهودية خالصة. فإذا كان السيد وزير المعارف حريصًا، وبحق، على رفع مستوى التعليم في الوسط العربي ليصبح بنفس مستوى التعليم في الوسط اليهودي -كما يزعم- فإنني أدعوه إلى إثبات حسن نيته عبر إلزام المدارس اليهودية بأن تعلم طلابها، بل وقبل ذلك معلميها، ما هو أهم من تعليمهم اللغة العربية أو تعليم الطلاب العرب اللغة العبرية، وذلك لتغيير نظرتهم المتأصلة حول هل العربي في أعينهم هو إنسان أو غير ذلك! يا حضرة الوزير! علموا الطلاب اليهود أن العرب ليس لهم ذيول!! - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا صراصير. - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا أفاعي سامة. - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا حميرًا على هيئة بشر. - علموا الطلاب اليهود أن العربي الجيد ليس هو العربي الميت. - علموا الطلاب اليهود أن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي العرب؛ ليس لصًا ولا كذابًا ولا قاتلًا، كما هو الحال في مناهجكم التي لا تجد اسمًا للص أو لقاتل في أية قصة إلا وتسميه محمدًا. - علموا الطلاب اليهود أن القرآن الكريم؛ الكتاب الذي يتعبد به العرب، ليس من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم. - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا غزاة (פולשים) اغتصبوا أراضي الدولة اليهودية. - علموا الطلاب اليهود أن العربي لا يظل خائنًا ولا غدارًا حتى بعد موته بأربعين سنة، فلا يؤمَن مكره فيجب الحذر منه. - علموا الطلاب اليهود أن مساجد العرب وكنائسهم لا يصح إحراقها ولا تدنيسها لأنها أماكن للعبادة مثل الكُنُس. - علموا الطلاب اليهود أن رفات اليهودي في مقبرة دارسة في أطراف باريس أو برلين، توازيها في القدسية وضرورة الاحترام رفات المسلم في مقبرة "مأمن الله" التي أقيمت عليها خمارة، أو مقبرة "الشيخ مونس" التي أقيم عليها فندق "هلتون"، والأمثلة غيرها كثير. - علموا الطلاب اليهود إذا ذكر أمامهم اسم عيسى ابن مريم عليه السلام، النبي الكريم، ألا يقولوا (لِيُمسح اسمه وذكره)، وألا يقولوا عن أمه مريم الطاهرة البتول إنها زانية، فهكذا يقول الحاخامات الكبار، فما بالك بالطلاب الصغار؟ وصدق الشاعر إذ يقول: إذا كان ربُّ البيت بالدف ضاربٌ فشيمة أهل البيت كلهم الرقصُ - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا سرطانًا في جسم الدولة، يجب اجتثاثه لمنع تفشيه. - علموا الطلاب اليهود أن العرب ليسوا قنبلة موقوتة، ولا بد من التعامل معها قبل انفجارها. - علموا الطلاب اليهود أن "باروخ غولد شتاين" المجرم الذي قتل 29 فلسطينيًا وهم في الصلاة في المسجد الإبراهيمي في الخليل عام 1994 هو مجرم، وليس صِدِّيقًا يُبنى له قبر يُزار للتبرك منه، والدولة تعلم ذلك. - علموا الطلاب اليهود أن ضابط الشرطة الذي كان مسؤولًا عن قتل 13 من المواطنين في انتفاضة الأقصى عام 2000 كان يجب أن يحاكم، وفي الحد الأدنى أن لا يُرقّى لقتله مواطنين، ناهيك عن ترشيحه ليكون الشرطي رقم واحد؛ أي مفتش عام الشرطة الإسرائيلية. - علموا الطلاب اليهود أن الطبيب العربي في المستشفيات الإسرائيلية هو طبيب وهو إنسان، لا أن يرفض المريض اليهودي أن يقدم له ذلك الطبيب العلاج لكونه عربيًا، والحالات تتكرر. - علموا الطلاب اليهود أن وجود مريضة فلسطينية في الغرفة ليس سببًا لجعل المريضة اليهودية تصر على نقلها إلى غرفة أخرى؛ لأنها لا تريد أن ترى عربية ولا أن تسمعها. إنها أمثلة قليلة من قائمة طويلة مما يتوجب عليكم أن تفعلوه، إن كنتم حقًا وزراء للعرب ولليهود سواءً بسواء. السيد الوزير "بينيت"؛ نحن نعلم مقدار كراهيتك للعرب، وأنت الذي تترأس حزبًا قوميًا دينيًا اسمه (البيت اليهودي). ومن حزبك هذا وزيرة القضاء "أييليت شاكيد"، التي تريد سن قانون حازم لمواجهة تعدد الزوجات في النقب، لا انتصارًا للمرأة ولا حرصًا على أطفال النقب وشفقة عليهم -كما زعمت- وإنما لمواجهة ما تسميه (حرب الأرحام) و(الحرب الديمغرافية)، لذلك فإننا لن نصدق أبدًا أنك حريص على تعلم الطلاب العرب اللغة العبرية منذ صف البستان وروضة الأطفال رغبة منك في دمجهم في كل مجالات التعليم والعمل، وإنما سعيد ليس إلا لمحاولة تشويه هويتهم وإفساد ألسنتهم ومسخ انتمائهم. السيد الوزير؛ ليس المطلوب منكم أن تعلموا أبناءنا العبرية، وإنما المطلوب منكم أن تعلموا أبناءكم الإنسانية. فعلموا أبناءكم أن العربي إنسان، وأنه ليس مجرمًا ولا مخربًا ولا إرهابيًا مفترضًا يجوز قتله وهو طفل، خشية أن يكون قاتلًا مفترضًا عندما يكبر، كما قال ذلك بصراحة الحاخام "أليتسور" في كتابه "توراة الملك". فيا حضرة الوزير "نفتالي بينيت" المتباكي على أطفالنا؛ عليك تنطبق مقولة العصفورة لصاحباتها وهن يرين الصياد تدمع عيناه من لفح البرد، فظنت العصافير أنها دموع الرحمة، فقالت لهن عصفورة: "لا تنظروا إلى دموع عينيه؛ وانظروا إلى فعل يديه". إنها أفعالك ومواقفك وسياساتك العدائية ضد العرب، وما أكثرها!