أكدت دراسة قام بها فريق من باحثين دوليين ومحليين أن المناهج التعليمية الفلسطينية شبه خالية من التحريض والتحقير بحق الكيان الصهيوني، ما أثار ارتياح السلطة الفلسطينية وغضب الدولة العبرية التي تتهم الفلسطينيين بتغذية ثقافة الكراهية. الدراسة التي عرضت نتائجها الاثنين في مؤتمر صحافي عقد في مدينة القدسالغربية، من إعداد سامي عدوان من جامعة بيت لحم ودانيال بار تال من جامعة تل أبيب بالتعاون مع باحثين دوليين. وأجريت بمبادرة من مجلس المؤسسات الدينية في الأراضي المقدسة وبتمويل من وزارة الخارجية الأميركية.وقالت الدراسة أن الصراع العربي الإسرائيلي ينعكس بشكل واضح في سرد الوقائع في الكتب المدرسية في المنهاجين الفلسطيني والإسرائيلي.ونقلت الدراسة مقاطع وتعابير من الكتب المدرسية الإسرائيلية الرسمية جاء فيها مثلا في وصف العرب بأنهم «مجموعات من أمة غير متحضرة». وتعتبر مدارس اليهود المتشددين وعدد التلاميذ فيها يفوق 500 ألف تلميذ وتلميذة، أن المستوطنات «أقيمت على أنقاض قرى عربية كانت دائما أعشاشا للمجرمين ولمجموعات عربية متعطشة للدماء». من جهة أخرى، تعتب «إسرائيل» في الكتب المدرسية الإسرائيلية «محاطة بجيران من الأعداء، يرفضون الاعتراف بسيادتها ويعملون للقضاء عليها»، في حين أن العرب هم «الذين بادروا بالهجمات الإرهابية لإلحاق الأذى بدولة إسرائيل ولشن حرب شاملة عليها». وتصف كتب مدارس اليهود المتشددين إسرائيل بأنها «محاطة بدول عربية عدوة وهي مثل الحمل في بحر من الذئاب»، وقام بعرض الدراسة البروفسور اليهودي الأصل بروس ويكسلر من جامعة ييل الأميركية بحضور الحاخام دانيال سبيربر من جامعة بار إيلان ومحمد دجاني من جامعة القدس، بصفتهما عضوين في اللجنة الاستشارية العلمية الدولية الخاصة بالدراسة. وهاجمت إسرائيل بشدة هذه الدارسة، متهمة إياها ب»التحيز» و»اللامهنية» و»اللاموضوعية». وقالت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، أن الدراسة «منحازة بشكل واضح والبحث غير مهني وغير موضوعي إلى حد كبير»، وأضافت «من الواضح أن النتائج كانت معروفة مسبقا وبالتأكيد لا تعكس بدقة الحقيقة الواقعية»، معتبرة أن هناك «محاولة لإجراء مقارنة بين نظم التعليم الإسرائيلية والفلسطينية، وهو أمر لا أساس له على الإطلاق، ولا يمت للواقع بصلة». وأكدت الوزارة الصهيونية أنها «اختارت ألا تتعاون مع عناصر البحث الذين يرغبون بالإساءة وإلحاق الأذى والتشهير بالنظام التعليمي الإسرائيلي وبدولة إسرائيل، لذا كان قرارها صائبا بعدم التعاون معهم». وقال دانيال بار تال لوكالة فرانس برس، تعليقا على تعرضه لانتقادات «لم يتحدث معي أي شخص بشكل مباشر عن رأيه لكنني هوجمت في الصحف».وأضاف «لم يعجبهم أسلوبي وطالبتهم عن طريق محام بالاعتذار وحتى الآن لم احصل على رد». ودأب الكيان الصهيوني والدول الغربية على انتقاد المنهاج الفلسطيني، وطالبو مرات عدة بتغييره لأنه يحرض على العنف والكراهية، بحسب رأيها.بالمقابل، عبر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في بيان له عن ارتياح السلطة الفلسطينية لنتائج الدراسة «التي لم تجد في المناهج الفلسطينية أي تحريضات صارخة تجاه الآخر، مثلما تكرر الادعاءات حول مناهجنا». وقال محمد الدجاني لفرانس برس، أن «هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها المنهاج التعليمي الإسرائيلي على تصويره للفلسطيني وينظر إلى مناهجنا بعمق وموضوعية». وفي واشنطن، وصفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند الدراسة التي أجريت بالشراكة بين منظمتين غير حكوميتين تنشطان من أجل الحوار والسلام، بأنها «تحليل مستقل»، مبررة تمويلها بأنها تشجع «السلام والتسامح الديني في البرامج المدرسية».ووجدت الدراسة في الكتب الفلسطينية اقتباسات حول النظرة للآخر في كتاب «لغتنا الجميلة» عن فتاة فلسطينية اسمها حياة جرحت في بيتها «في يوم من أيام الجمعة الذي هو يوم عطلة عندما انهمر الرصاص ودوت المدفعية». وأوردت الدراسة اقتباسات أخرى مثل «قيام العدو بتفريغ المنازل المهجورة من محتوياتها وسرقة ما يستطيعون حمله من القرية التي تحولت إلى مقبرة».وحول الحالة الفلسطينية أوردت الكتب الفلسطينية أن «الشعب الفلسطيني تعرض لنكسات عدة منذ 1917 بحلول الانتداب البريطاني الذي استمر حتى نكبة عام 1948 واحتلت العصابات الصهيونية 4.77 بالمئة من أرض فلسطين وأتمت احتلالها في 1967»، كما أوردت الدراسة.وبموجب اتفاقات اوسلو، شكل الفلسطينيون والكيان الصهيوني، لجانا مشتركة لبحث المناهج الدراسية الفلسطينية والإسرائيلية. وطلب القائمون على الدراسة من السلطة الفلسطينية وإسرائيل، أن «تكون المناهج على أجندة» المناقشات في حال استأنف الطرفان مفاوضات السلام. وبحسب الدراسة فإن المناهج الإسرائيلية لم ترد كلمة «فلسطين» أو «فلسطينيين» أو»السلطة الفلسطينية» بل «عرب»، وكذلك الأمر في الخرائط، أما السلطة الفلسطينية فلم تدرج اسم «اسرائيل» في الخرائط.