انفجرت في السنين الأخيرة فضائح مالية ضخمة تمثلت في اختلاسات مالية واختلالات في تدبير وتسيير مؤسسات عمومية ذات دور مهم في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للقرض الفلاحي والقرض السياحي والعقاري، وأخيرا وليس آخر البنك المغربي للإنماء الاقتصادي. وقد شكل مجلس النواب بغرفتيه لجنا لتقصي الحقائق للنظر في ما وصلت إليه تلك المؤسسات من أزمة قادتها إلى فقدان توازنها المالي وتردي الخدمات التي تقدمها بسبب ضخامة الاختلاس المرتبك فيها (115 مليار درهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)، وخلص عمل اللجن بالرغم من الانتقادات التي وجهت إليها إلى صياغة تقارير تبين هول الاختلاسات التي وقعت في الأموال العامة التي تسيرها تلك المؤسسات لتحال الملفات على القضاء وتنطق الحكم بالسجن والغرامة المالية على أسماء وازنة كانت على رأس المسؤولية في تلك المؤسسات، بيد أن استرجاع الأموال المنهوبة لم يتحقق إلا بنسبة هزيلة. وما تزال المتابعات القضائية مفتوحة بالنسبة إلى بعض المؤسسات كملف القرض العقاري والسياحي. وإذا كانت جرائم نهب أموال المؤسسات العمومية قد وضعت تلك المؤسسات في وضعية حرجة قاربت درجة الإفلاس، وتطلب الأمر معها إلى تدخل الدولة لضخ أموال في ميزانيتها ومباشرة برنامج لإعادة هيكلتها، إلا أن ضررها ينسحب على مجمل النسيج الاقتصادي، بحيث إن هذه الجرائم الاقتصادية عطلت مسيرة التنمية لسنوات عدة، ووضعت عوائق جمة أمام حركية المجتمع وحيويته وهامش تحرك الحكومة لتمويل عمل أجهزتها. والخطير أيضا أنها عززت الإحساس لدى فئات المجتمع المحرومة بالغبن. في هذا الملف، تقدم التجديد حوارا مع الرئيس الدوري للهيئة الوطنية لحماية المال العام التي تأسست قبل 3 سنوات، ومقالا يوضح دور المجلس الأعلى للحسابات بوصفه مؤسسة دستورية ملزمة بمراقبة تدبير المال العام إلى جانب مؤسسات أخرى كالمفتشية العامة التابعة لوزارة المالية وبنك المغرب. إعداد: محمد أفزاز أحمد حموش المجلس الأعلى للحسابات مؤسسة مدعوة لتفعيل آليات المراقبة والانفتاح على المواطن المغربي محمد المسكاوي الرئيس الدوري للهيئة الوطنية لحماية المال العام ل "التجديد": كل درهم من المال العام يختلس يعد جريمة اقتصادية لا بد من قوانين لا تترك للمختلس أي مفر من العقاب