مجلة التاريخ العربي تعتبر محاولة إعلامية وعلمية لتواصل ثقافي حقيقي بين كفاءات الأمة ونخبها العلمية سواء في المشرق أو المغرب. رافعة شعار: بحث من كل قطر. عن هذه المبادرة يكتب الأستاذ جواد الشقوري في أهدافها وأسباب رسوخها كما يستعرض محتويات العدد الأخير منها. أما مجلة البيان الصادرة من لندن فقد اخترنا من عددها الحالي (195) في شهر ذي القعدة 1424ه الموافق ليناير 2003م جزءا من مقالها المعنون ب: تجديد الخطاب الديني.. يريدون أن يبدلوا كلام الله! مع كشف بأهم محاور المقال. مجلة التاريخ العربي :رسالة اللقاء بين المغرب والإمارات من بين المحاولات الثقافية والعلمية الجادة التي بدأت تشق طريقها بهدوء نحو تأسيس تواصل ثقافي حقيقي بين كفاءات الأمة ونخبها العلمية مجلة التاريخ العربي. وانطلاقا من إيماننا بضرورة الاهتمام بالمبادرات الثقافية الجادة. في زمن أصبحت الثقافة الجادة والمسؤولة غريبة عن تداولنا اليومي، أقول انطلاقا من هذا الإيمان ارتأينا أن نقدم للقراء نبذة مركزة عن هذه المجلة، وربما سنتعرض في قابلات الأيام لمجلات أخرى تحقق نفس الأهداف التي ذكرناها سالفا. ومن بين الأسباب التي تجعلنا نختار مجلة التاريخ العربي ونقدمها على غيرها من المجلات الثقافية التي لا تقل أهمية عنها، كونها تقف وراءها إرادة سياسية تستشعر قيمة الثقافة والعلم والفكر في تحقيق أي نهضة مرتقبة. فالمجلة تحظى بدعم لا محدود من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أمير دولة الإمارات. وقد بدأت هذه التجربة بين المغرب والإمارات كي تساهم في تقريب الصورة الحضارية والثقافية للبلدين من شعبيهما. مجلة التاريخ العربي تجعل من التاريخ العربي والفكر الإسلامي حقلين أساسيين لاشتغالها.. وتعكس المستوى الرفيع لعلاقة الأخوة التي تجمع الرباط وأبو ظبي. يتمثل خطها الفكري في دعوة أهل الفكر في الوطن العربي إلى كلمة سواء ألا تفريط في شئ من مقومات أكبر حضارة عالمية عرفها تاريخ البشرية إلى عهد قريب. وهي دعوة لذوي الفكر بأن ما لا يدرك جغرافيا لا يترك تاريخا، وأن الانتصاب الحالي لحواجز جغرافية وأخرى سياسية لتحول بين إعادة إدماج الأقطار في الوطن العربي الكبير ليس بمانع أبدا من التحام أبناء هذا الوطن في نسيج فكري لحمته الثقافة الإسلامية وسداه التاريخ العربي. ومادام هذا الرصيد الحضاري حيا والكلام للجنة العلمية المشرفة على المجلة فإن الاندماج القطري لا يعدو مسألة تقنية قد تنحل في كل حين. ترفع مجلة التاريخ العربي أهدافا كبرى تجعلها في مقدمة ما ينبغي تحقيقه، من بينها: * توحيد مواقف وتصورات مثقفي أمتنا العربية ومبدعيها. * تعميق التواصل بينهم. * إبراز حقيقة التاريخ العربي المجيد. * الحفاظ على تراث وحضارة أسلافنا. * تكريس حلم أجدادنا كي تتبوأ أمتنا مكانتها المرموقة. وإن المتتبع لأعداد المجلة منذ صدور العدد الأول في خريف 1417ه/ 1996م سيلحظ دون عناء وفاء المجلة لأهدافها الكبرى ولخطها الفكري ولسياستها التحريرية. وقد انتهجت المجلة سياسة التوسع الأفقي المتمثلة في: - العمل بمبدإ بحث من كل قطر. - مشاركة المجلة، في مناسبات مخصوصة، بلدا في حدث علمي متميز؛ الأمر الذي يضطرها إلى الأخذ بأصل بحث من كل جامعة من نفس القطر. من خلال سياسة أو استراتيجية التوسع الأفقي استطاعت مجلة التاريخ العربي خلال مدة قصيرة احتضان 192 باحثا جامعيا من 71 جامعة عربية وإسلامية. توزعت مساهمات المفكرين والباحثين بين التخصصات والمعارف التالية: التاريخ القديم والتاريخ الإسلامي وتاريخ العالم العربي وتاريخ المغرب وتاريخ فلسطين والقدس الشريف والتاريخ الحديث وعلم التاريخ والتاريخ المدني والثقافي وتاريخ الفكر الإسلامي وتاريخ العلوم وتاريخ الحضارة الإسلامية والدراسات اللغوية وفلسفة اللغة والمنطق وعلم المكتبات والوثائق والجغرافيا والشرعيات (علوم القرآن، علوم الحديث، الفقه وأصوله)، ودراسات فلسفية موجهة وأخرى استشراقية وأندلسية ومجال الأدب (تاريخ الأدب ونقده والشعر)... من جانب آخر، استقرت مجلة التاريخ العربي على إصدار كل عدد منها في ثلاث طبعات متغايرة: منها طبعتان إلكترونيتان: إحداهما قرصية تستجيب لمستلزمات المكتبة الإلكترونية العصرية، وقد زود القرص الأخير بمحرك للبحث في مواد الأعداد العشرين الأخيرة من المجلة. والأخرى شبكية موصولة بمختلف الباقات، فيسرت على القارئ بالعربية أن يصل في دقائق إلى التاريخ العربي بأي محرك للبحث، ومكنته من أن يحمل إليه فورا مواده العلمية من موقع المجلة على الأنترنيت www.attarikh-alarabi.com الطبعة الثالثة ورقية توزع على نطاق واسع. ورأينا أنه من المهم أن نذكر نماذج من الدراسات والكتابات التي تضمنتها أعداد المجلة، وسنقتصر على العدد الأخير: الثامن والعشرين. فقد خصص للحديث عن دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قسم إلى محاور، وكل محور تضمن مجموعة من الموضوعات: المحور الأول: الإمارات العربية المتحدة عبر التاريخ. المحور الثاني: رجل الصحراء صانع الحضارة. المحور الثالث: من لا يعرف ماضيه لا يعرف حاضره. المحور الرابع: الشعر من ديوان التاريخ العربي. وقد وجهت اللجنة العلمية المجلة دعوة إلى عموم الباحثين للإسهام في مواد المجلة انطلاقا من المحاور التالية: 1 الفكر الإسلامي: حضارة ومضمونا. 2 معلمات الحضارة العربية الإسلامية: مصادرها ومراجعها. 3 الفكر العربي في إبداعاته المعاصرة. 4 دراسة ما كتب عن العروبة والإسلام والتعليق عليه. 5 مظاهر الإبداع في الفكر العربي والإسلامي. 6 كشف النقاب عن الجوانب الغامضة في التاريخ العربي. 7 التراث العربي: التعريف بالمخطوطات الغميسة النادرة. 8 الأندلس في مساره الحضاري العربي الإسلامي طوال ثمانية قرون. 10 لغة الضاد بين اللغات. 11 الحاضرة العربية. بقي أن نشير إلى أن مجلة التاريخ العربي مجلة فصلية محكمة، تصدرها جمعية المؤرخين المغاربة ومديرها هو الدكتور عبد الكريم كريم. وتشرف على المجلة لجنة علمية مكونة من مجموعة من الشخصيات العلمية والثقافية البارزة. إعداد: جواد الشقوري مجلة البيان تقول:دعاة تجديد الخطاب الديني يريدون أن يبدلوا كلام الله! شغلت ثلاث عناوين الحيز الأكبر من غلاف العدد الجاري من مجلة البيان وهي: أولا المتابعة في العمل التربوي فيه يقول كاتبه: سالم بن أحمد البطاطي: إن العمل التربوي عمل ضخم كبير وضرورة لا تستغني عنها الأمة الإسلامية، ويكفي في بيان علو منزلة التربية وصف الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بأنه مزكٍّ للنفوس ومربٍّ لها، فقال: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) الجمعة: .2 وهذا العمل التربوي الكبير بحاجة دائماً إلى تقويم وتوجيه مستمر، حتى نتخلص بإذن الله من ضعف الإنتاجية في أعمالنا التربوية... والثاني يتساءل فيه محمد الشرقي عن ليل تونس الطويل أما آن له أن ينجلي؟! والثالث يكشف فيه خالد أبو الفتوح في مقال مطول حقيقة تجديد الخطاب الديني ويؤكد أن دعاته يريدون أن يبدلوا كلام الله!. تجديد الخطاب الديني.. يريدون أن يبدلوا كلام الله! نشرت جريدة الأسبوع القاهرية في شهر يناير الماضي تفصيلات خطط أمريكية لما أطلقت عليه: (أمركة الخطاب الديني للمسلمين)، وجاء فيما نشرته الصحيفة أن أمر تطوير الخطاب الديني كان جزءاً من الحملة الأمريكية الأولى على ما وصفته بالإرهاب... وفي تفصيلات الخطط الأمريكية التي أوردتها الصحيفة: أن وزارة الخارجية الأمريكية شكلت لجنة تعرف باسم: (لجنة تطوير الخطاب الديني في الدول العربية والإسلامية) وأن هذه اللجنة انتهت على حد قول الصحيفة من توصياتها فعلاً وأنه سوف يتم تبليغ الدول بها، مع توضيح أن استمرار المعونات الأمريكية مرهون بتنفيذ هذه الخطط. وتتمثل التوصيات الأمريكية في: تهميش الدين في الحياة الاجتماعية للناس؛ وذلك عبر إغراق الشعوب العربية والإسلامية بأنماط مختلفة من الحياة العصرية الغربية وحيازة التكنولوجيا الحديثة (التكنولوجيا ذات الطابع الترفيهي). التقريب بين الديانات الثلاث اليهودية والنصرانية والإسلام عن طريق تكوين لجنة عليا من المحمديين (أي المسلمين) والمسيحيين واليهود؛ لتبصير كل شعوب العالم بالتقارب بين الأديان الثلاثة كما تتحدث الخطة وتقترح ضمن ما تقترحه بشأن هذه اللجنة أن تعمم هذه اللجنة توصيات ملزمةً لكل الدعاة في العالم العربي والإسلامي بحيث لا يخرجون عن هذه التوصيات. تحويل المسجد إلى مؤسسة اجتماعية تتضمن حدائق للأطفال والسيدات (فقدان المسجد لهيبته وخصوصيته)، وأن تتولى الإشراف عليه شخصية غير دينية ناجحة. خضوع خطبة الجمعة والخطباء تحت رقابة أجهزة الأمن في الدولة، وأن يتم البعد عن تسييس الخطبة، أو تعرضها للجانب الحياتي أو المجتمعي بمعنى (علمنة الخطبة)، أي منع الحديث عن الأمريكان أو اليهود، أو الحديث عن الجهاد وبني إسرائيل. وتهدف الخطط الأمريكية إلى أن تصبح خطبة الجمعة حلقةً نقاشيةً للجميع لا ينفرد بها الخطيب وحده؛ حيث ستكون الخطبة بذلك أكثر ديمقراطيةً في نظرهم ، كما تهدف أن تشارك المرأة في خطبة الجمعة، حيث رأوا أنه لا توجد نصوص دينية تمنع المرأة من ذلك. وأن يكفل للمرأة سبل الاختلاط مع الرجال والمشاركة في التدريب على الانتخابات لتعليم المرأة الديمقراطية. إلغاء مادة التربية الدينية الإسلامية، مع تخصيص يوم كامل للقيم الأخلاقية والمبادئ بدلاً منها، والعمل على اكتساب الطلاب مهارات التسامح، والتحرر من اعتقاد المسلمين أنهم خير أمة أخرجت للناس! وأن يعلم الجميع أن العقائد والأديان هي نتاج التنشئة الاجتماعية والأفكار المسبقة، وأن الانتماء للإنسانية هو الجامع لهم، أما المعتقدات فهم أحرار فيها. ماذا وراء الجعجعة؟ الحديث عن ضرورة أن يراجع المسلمون قيمهم وتصوراتهم ويعدلونها بما يوافق التغيرات العالمية ليس جديدًا، فقد ظهر بعد انتهاء الحرب الغربية الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي، ثم نشط بشدة بعد أحداث شتنبر 2001م، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن ما نشرته الصحيفة جاء عقب مبادرة باول المسماة (مبادرة الشراكة بين الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط) وما تلاها من أنشطة وإجراءات على المستويات المحلية مست مناهج التعليم و(الخطاب الديني). مبادرة باول أعلنت يوم 12/12/2002م أمام مؤسسة التراث بواشنطن (مؤسسة يمينية أمريكية)، وتركز كما أوضح باول نفسه ونائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط والمسؤولة الرئيسية في الوزارة عن المبادرة على أربعة ميادين مختلفة: الإصلاحات الاقتصادية، الإصلاحات السياسية، الإصلاحات التعليمية، وتمكين المرأة. وهذه الوصفة ليست إلا جزءًا من استراتيجية شاملة يراد تطبيقها في المنطقة، وكما يقول مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وليام بيرنز في مؤتمر (مركز دراسة الإسلام والديمقراطية) الذي انعقد في واشنطن يوم 16/5/2003م: إن التحول إلى الديمقراطية يعني تغيراً تدرجياً وإن كان حقيقياً شاملاً، وإن هذا التغير يتضمن أكثر من مجرد إجراء انتخابات، إنه يشمل عملية بناء المؤسسات السليمة وحكم القانون والمجتمعات المدنية النابضة بالحياة والنشاط برمتها، وهي عملية مؤلمة صعبة متدرجة متطورة، وأحياناً محفوفة بالمخاطر، ثم يتابع: .. ولا يمكننا أن ننظر إلى هذا وكأنه قائمة طعام في مطعم يمكننا اختيار بعض الأطباق فقط منها، فنسعى إلى تحقيق هدف ما ونهمل الأهداف الأخرى، فكما أوضح الرئيس بوش في خطابه المهم في جامعة ساوث كارولينا في التاسع من ماي: إن الولاياتالمتحدة مصممة على أن تقود بنشاط جهود السعي إلى تحقيق جميع هذه الأهداف، بمشاركة قيادات وزعامات المنطقة؛. وكانت بقية عناوين المقال: شنشنة قديمة نعرفها وعندما تتكلم المصالح وجواب عن سؤال: فما السبيل إلى التغيير المنشود؟ ثم يدعو القراء: تعالوا نرتب الأوراق بالمنطق الأمريكاني ليتحدث عن ملامح الحملة ليقول في عنوان فرعي موالي: ثم تتوالى السهام وينهي المقال بالجواب عن سؤال: هل ينجحون؟ ويقول فيه: والذي أراه أن الظرف الذي تمر به الأمة يتطلب فوق اليقظة والنشاط حلولاً غير تقليدية لاستنفار جموع الأمة واستخراج القوى الكامنة في قطاعاتها الشعبية، بعد أن رفعت معظم الأنظمة جميع الرايات البيضاء التي في حوزتها، حتى إنهم رفعوا أخيرًا ما كانوا يسترون به عوراتهم أمام شعوبهم. خليل بن شهبة