يؤكد محمد حامد علي، رئيس جمعية جماعة المسلمين بسبتةالمحتلة، والأمين العام لحزب مسلمي سبتة، أن استمرار احتلال سبتة ومليلية هو في الأصل استجابة تاريخية لتوصيات بابوات مسيحيين في القرن الرابع عشر، وخصوصا، يقول حامد علي، وصية «إيزابيل الكاثوليكية التي كانت تكن العداء للإسلام والمسلمين، وتحث الجنود المسيحيين، إسبانا كانوا أو برتغاليين، على استعمار المغرب». كما يرى زعيم حزب مسلمي سبتة أن «المسيحيين، بقيادة الفاتكان، كانوا يودون أن يستعمروا قطعة من المغرب قبل أن يطردوا المسلمين من الأندلس»، وذلك حتى يسهل عليهم احتلال باقي العالم العربي والإسلامي. هل أنتم جماعة أم جمعية أم حزب؟ بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أقول لك يا أخي إن الجمعية التي أنتمي إليها، وأنا رئيسها والمسماة جماعة المسلمين بمدينة سبتة جمعية كسائر الجمعيات، كما أشغل منصب أمين عام لحزب يسمى حزب مسلمي سبتة، إذن جماعة المسلمين جمعية وحزب مسلمي سبتة حزب. هل يمكنكم أن تبينوا لنا الهدف من تأسيسكم هذه الجمعية والحزب أيضا؟ تأسست الجمعية سنة 1985 بهدف تمثيل المغاربة أمام السلطات الإسبانية، وفي ذلك الوقت لم يكن ليسمح للمغاربة بتأسيس أحزاب سياسية بما أنهم لا يتوفرون على الجنسية الإسبانية، وكان يسمح لهم فقط بإنشاء جمعيات دينية أو ثقافية أو اجتماعية. وبالنسبة إلى حزب مسملي سبتة فقد رأينا أن الأحزاب السياسية التقليدية الموجودة في سبتة كانت وما تزال لا تريد تمثيل المغاربة حق التمثيل، بحيث لم يسمح لهم بالانخراط فيها إلا في السنوات القليلة الأخيرة، وبالتالي كانت حظوظ هؤلاء المغاربة قليلة جدا في الانتخابات، التشريعية منها أو المحلية. وبسبب هذه المشكلة، قررنا أن ننشئ حزبا سياسيا يمثل المغاربة السبتيين حق التمثيل في هذه المدينة. أستاذ حامد، هل تعملون بكل حرية؟ إن الحرية حق يؤخذ ولا يعطى، وبالتالي فنحن في الحزب السياسي والجماعة الإسلامية نعمل بكل حرية لأننا أخذناها طبقا للدستور الإسباني، وطبقا للقوانين الجاري بها العمل، وهذا يعني أننا إذا تقاعسنا في أخذ حقنا فلن نأخذ هذه الحرية بتاتا. هل من ضغوطات تمارس عليكم؟ طبعا كما قلت مرارا وتكرارا، فإن من منهاج السلطات الاستعمارية الضغط على كل شخص أو جماعة تريد الانفلات أو الانعتاق من الاستعمار، وتواجهها بكل الممارسات والتصرفات غير الإنسانية التي تمارس ضد السكان الأصليين بالمدينة. لذلك يمكن أن أقول إن الضغوطات جارٍ بها العمل، وتتجلى في التضييق إعلاميا على جماعتنا، وتصريحاتنا في الإعلام المحلي على الخصوص، فلا يسمح لنا في كثير من الأحيان أن نلتقي الإعلاميين، أو يكون ضغط سلطات الاحتلال على الصحافيين والإعلاميين السبتيين لكي لا ينشروا عنا أية كلمة نقولها حول المدينة، وكيفما كان الرأي، مخالفا أو مساندا للوجود الاستعماري بالمدينة. ذكرتم أن هناك عراقيل داخل المدينتين المحتلتين (سبتة ومليلية)، فهل هناك مضايقات أخرى تتعرضون لها خارج المدينتين المحتلتين؟ خارج المدينتين، يمكن أن أقول إننا لا نتعرض لأية ضغوطات في إسبانيا، حيث نتكلم بكل حرية في الندوات التي نعقدها في كل مدنها، في غرناطة أو في مدريد أو غيرهما، أما في المغرب، فلا أتعرض لأية ضغوطات من لدن السلطات المغربية، ولكن هناك مضايقات للكثير من السكان المغاربة السبتيين والمليليين لما يجتازون الحدود الوهمية للدخول إلى التراب المغربي المحرر، وهذه مسألة تطرقنا إليها في كثير من المقالات الصحفية، ومع السلطات المحلية والوطنية المغربية. ما هو موقف النخبة الإسبانية المثقفة من احتلال مدينتي سبتة ومليلية؟ هناك آراء مختلفة، فمن المثقفين الإسبان خصوصا المنتمين منهم إلى اليسار الإسباني من يفضل أن تتم تصفية الاستعمار والوجود الإسباني في المدينتين والجزر التابعة لهما، وهناك من يقول إن على إسبانيا أن تنسحب انسحابا شرفيا من المدينتين، وترد بذلك الحق المسلوب من المغرب منذ قرون طويلة، هناك نخبة أخرى، وهي النخبة اليمينية، تتشبث بموقفها المعادي للمغرب ولكل مقدساته، وقد وقفنا على هذه الحقيقة منذ زمن طويل، ونراه حاليا في الزعماء اليمينيين للحزب الفرنكاوي الشعبي. بماذا تفسرون تشبث السياسيين الإسبان باحتلال أجزاء من التراب المتوسطي المغربي؟ تشبث السياسيين الإسبان بأجزاء من التراب المغربي راجع للتاريخ، فإذا رجعنا إليه سنجد أن إسبانيا أو البرتغال احتلت سبتة سنة ,1415 أي أنها احتلتها قبل أن تطرد المسلمين من الأندلس. ولما نتحدث عن الإسبان في القرن 14 نقول إنهم والبرتغاليين كانوا يشكلون دولة واحدة، وهي الدولة المسيحية التي كانت تحارب المسلمين ووجودهم في الأندلس، ولهذا فالمسيحيون بقيادة الفاتكان كانوا يودون أن يستعمروا قطعة من المغرب قبل أن يطردوا المسلمين من الأندلس، فتشبثهم بهاتين المدينتين راجع إلى التاريخ، وراجع إلى الوصايا التي أوصى بها البابوات الموجودون في ذلك الوقت، ووصية إيزابيل الكاثوليكية التي كانت تكن العداء للإسلام والمسلمين، وتحث الجنود المسيحيين، إسبانا كانوا أو برتغاليين، على استعمار المغرب. وهذا ما كان سيمكن من استعمار باقي الدول العربية. وبهذا يجب ألا ننسى أن معركة وادي المخازن كانت حاسمة في هذه القضية، وردت الغزو المسيحي، ومنعته من الوصول إلى الديار المقدسة كذلك، فلو أن الجيوش المسيحية كانت قد ربحت معركة وادي المخازن لكانت كارثة ستنعكس سلبا على مستقبل سائر المسلمين في العالم الإسلامي بأسره. هل تتصورون حلا لقضية الجيوب المحتلة في الوقت الراهن؟ في ظل حكم الحزب اليميني لا أتصور حلا لهذه القضية، أما وقد تبدلت الأمور، فيمكننا أن نتكلم عن آفاق جديدة لمستقبل المدينتين. وإذا رجعنا قليلا إلى الوراء، لما كان الحزب الاشتراكي يحكم إسبانيا كانت العلاقات المغربية الإسبانية متميزة جدا، وكانت هناك علاقات جيدة وشخصية بين الحكام الإسبان والمغاربة، وحتى مع الملك الراحل الحسن الثاني، بخلاف ما وقع في الأونة الأخيرة مع الحزب الشعبي، والذي ورث الإمبريالية الإسبانية والتوسعية التي كانت تمتاز بها في القرون الماضية... (مقاطعا) ووصية إيزابيلا؟ ووصية إيزابيلا كذلك. كيف هي العلاقة بينكم وبين الطوائف الدينية الأخرى بالمدينتين المحتلتين؟ علاقتنا مع الطوائف الدينية بالمدينتين المحتلتين، اليهود والهندوس والمسيحيين، علاقة تمتاز بالاحترام ، وكل منا يعمل في حقله، وليست ثمة أعمال مشتركة، بل هناك احترام متبادل ولا يتدخل أي أحد في شأن الآخر. ما هي الأشياء التي تزعجكم في المدينتين المحتلتين؟ والله يا أخي، أكثر ما يزعجني وأعاني منه هو مضايقات الاستعمار الإسباني، ويزعجني أولئك الذين يتعاملون مع المحتل ضد مصالح بلادهم، وضد مصالح إخوانهم في المدينتين. هذا الأمر أعاني منه أكثر مما أعاني من الاستعمار الإسباني. هل لكم أن تصفوا لنا الحياة اليومية للسكان المغاربة في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية؟ الحياة اليومية للسكان المغاربة في سبتة ومليلية حياة عادية، ويتميزون بكونهم من أصل مغربي، وبالتالي فكل الطقوس الدينية وكل ما يجري في المدينتين من طقوس وأعراس وتقاليد هي صورة لكل ما يعيشه المغاربة في بلدنا المحرر. وفي ما يخص معاملة الإسبان للمغاربة، خصوصا في حي برينسيبي، حيث يقطن به عدد هائل من المغاربة يمكن أن يكون الأكبر في المدينتين، فتتميز بممارسة سلطات الاحتلال لضغوط منكرة في جميع المجالات. وإذا أردنا أن نتكلم عن المجال الاجتماعي، فإن المشاكل تنخر المجتمع المغربي في المدينة السليبة عامة، وفي حي برينسيبي خاصة، حيث يوجد كثير من الشباب بدون ثقافة، والذي يتعرض من حين إلى آخر إلى مساومات من قبل عصابات، سواء كانت الإرهابية أو عصابات بيع المخدرات أو الأسلحة، وفضلا عن ذلك يعيش هذا الشباب مشاكل اجتماعية لانعدام فرص الشغل لفائدته، سيما وأن السلطات الاستعمارية الإسبانية تعطي العمل القار للإسبانيين فقط، وذلك لكي لا يرحلوا عن سبتة ومليلية، وبالتالي يبقى الشباب المغربي مشردا في الشوارع، ومعرضا لكل أنواع الانحلال. كثيرا ما نسمع عن الاغتيالات وبعض الممارسات العنصرية ضد المغاربة في إسبانيا عامة وسبتة خاصة، هل لكم أن تفسروا لنا هذه الظاهرة؟ هي ظاهرة يعيشها في إسبانيا الكثير من المغاربة، وعدد الذين اغتالتهم منظمات عنصرية أو أشخاص عنصريون كبير. أما في مدينة سبتة، فتقع بين الفينة والأخرى جرائم قتل مغاربة، كما حصل للشهيد مصطفى لحرش، الذي قتله على الحدود الوهمية الحرس المدني، وهذا شيء اعتدناه. ولكن المؤسف أن السلطات المغربية لا تتحرك في الاتجاه الذي يجب أن تتحرك فيه، ألا وهو الاحتجاج وطلب تعويضات من السلطات الاستعمارية، دفاعا عن حق الذين قتلوا، وعن حق أبنائهم الذين شُردوا. ما تعليقكم على توشيح أزنار للجنود الذين احتلوا جزيرة تورة؟ عملية استعمارية محضة، ولا تمت بتاتا إلى عملية حربية كما يريد أن يوحي به إلينا الفاشستي خوسي ماريا أزنار. إنه يريد أن يوحي إلينا وإلى العالم أن هؤلاء الجنود الذين وشحهم في أليكانتي أخيرا جنود تصدوا لجنود مغاربة وألقوا القبض عليهم، واحتلوا الجزيرة، في حين أنه كان في الجزيرة 6 أو 7 جنود بدون أسلحة ومعهم هواتف محمولة فقط، فالسلطات الإسبانية كما رأينا آنذاك أخذت القضية برمتها، وتكالبت على الجزيرة بكل أنواع الأسلحة الحديثة، وكأنها ستحتل المغرب ككل، والتعليق أو التصريح الذي صدر عن وزير الدفاع الإسباني آنذاك، والذي أنعته بالغبي، لما تكلم عن احتلال جزيرة تورة، أو نيته في احتلالها 8 سنوات قبل وقوع الحادثة، فهذا تصريح ليس في محله، وكان على هذا الوزير أن يقدم استقالته. وهذا ليس قولي وحدي، بل يقوله كثير من الزعماء السياسيين في إسبانيا، لأن تلك التصريحات لا تخدم مصلحة إسبانيا ولا مصلحة المغرب، وبالتالي فهي مرفوضة من لدننا ومن قبل المجتمع السياسي، والنخبة السياسية الإسبانية ككل. وماذا عن زيارة أزنار الأخيرة لسبتة ومليلية؟ الزيارة الأخيرة لخوصي ماريا أزنار لسبتة ومليلية المحتلتين تدخل في إطار ما يتميز به الحزب الشعبي من استفزاز للمغرب، خصوصا وأنه لم يراع الوضعية التي كان يمر منها المغرب بعد زلزال الحسيمة، وتمادى في استفزاز بلدنا ومشاعر المغاربة كلهم. وكيف ترون نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ل14 مارس في إسبانيا؟ الانتخابات التشريعية الأخيرة وحسب الإحصائيات والصحف كانت اللغة فيها متوازنة بين الحزبين الشعبي والاشتراكي، ولم يكن لأحد أن يقول أي شيء عن هذا الموضوع إلا في يوم 14 مارس، والشعب الإسباني وحده كانت له الصلاحية ليختار من يشاء. بصفتكم عنصرا فاعلا في المجتمع المدني، ما موقعكم داخل اللجنة المحلية لمحاربة الفساد بتطوان؟ موقعنا داخل اللجنة المحلية لمحاربة الفساد بتطوان يجعل عملنا ينحصر في الدفاع عن حقوق الإنسان أولا، وثانيا في رفض كل الممارسات غير القانونية لبعض الموظفين ورجال السلطة بمدينة تطوان، وفي كثير من المدن الأخرى، وقد اقترحنا على اللجنة أن تنفتح على المغرب كله، وأن تنشأ لجن أخرى محلية في كل المدن المغربية، ونحن في مشاورات مع إخواننا في الناظور، نظرا لكونها مدينة حدودية كذلك وقريبة من مدينة مليلية. كما أننا في مشاورات مع بعض الجمعيات في المدينة نفسها لكي تنشأ لجنة محلية أخرى، وكذلك الأمر في مدينة طنجة ومدن أخرى إن شاء الله. حاوره: عبد الله الرامي