ما إن تدخل السوق اليومي بشارع النصر جماعة العايدة سلا حتى تجد على جنبات الطريق الباعة يفترشون الأرض عارضين سلعهم من خضر وبقول وأواني فخارية، والأصوات تتعالى في كل مكان، ومن بين ما يتيرك في هذا السوق الصغير المسمى "بالسويقة" امرأة ذات الستين عاما تبيع الحمص المرطب في كؤوس متوسطة بدرهم أو درهمين حسب الطلب وحسب ثمن الحمص في السوق. بوجه بشوش وابتسامة عريضة تقابل "لافاظمة" زبنائها قائلة "خدو الحمص راه رطب وطياب" في إشارة منها إلى انه لا يستغرق إلا بضع دقائق لكي يكون جاهزا للاستهلاك سواء في الحساء أو في الأكلات التي تحضر في هذا الشهر الفضيل. "للافاظمة" لم تكن متواجدة من قبل في "السويقة" أخدت لها مكانا فقط بعد حلول الشهر الفضيل، هذا ما قالته لنا بصوت ذو نبرة خافتة، مضيفة "في رمضان من كل سنة اختار أن أبيع الحمص المرطب نظرا للطلب الكثيف عليه خلال الشهر الفضيل لمساعدة إبني المريض نفسانيا وابنتي ذات 30سنة وكي اجمع قسطا من المال أعول عليه في أوقات الشدة". تشتري "لافاطمة" أربع كيلوغرامات إلى 5 ب15 درهم تضعها في الماء ليلا بهدف ترطيبها، وفي الصباح الباكر تقشرها، وترجعها إلى الماء من جديد، وعند الثالثة بعد الزوال تبدأ عملها الفعلي بالخروج إلى "السويقة" وتشرع في مناداة زبانائها. وبخصوص ما تجنيه في هذه المهنة الموسمية تقول "لافاظمة "، "مستورة والحمد لله ما أجنيه يسد حاجتي، فقد يصل مدخولي الصافي في اليوم إلى 100 درهم وقد ينخفض أو يرتفع هذا الثمن حسب إقبال الزبائن لكن على العموم تظل الأمور جيدة". لا "حريرة" بدون حمص تقول حكيمة وهي إحدى الزبائن الأوفياء ل"لافاظمة" الحساء المغربية الأصيلة يجب أن تتوفر على العديد من المقادير الضرورية لتحضيرها ومن بين هذه المكونات الحمص الذي يعطي نكهة خاصة وطعما لذيذا للحساء باللإضافة إلى الطماطم و"الكرافس" والتوابل.. وتضيف لا"في بداية رمضان من السنة الفارطة اشتريت كيلو غراما من الحمص وقمت بترطيبه ووضعته في مبرد الثلاجة لكنه فقد طعمه ولم يعد طازجا، هذه السنة بدأت اقنتي الحمص مرطبا ووجدت الأمر أحسن من السابق". ويدخل الحمص في تركيبة العديد من الإأطباق المغربية على رأسها الحساء الرمضانية، وله فوائد جمة للصائم فهو غني بالمعادن الضرورية مثل البوتاسيوم والفوسفور والمغنيسيوم والكالسيوم والحديد والزنك، وهو أيضا، مصدر جيد للألياف التي تفيد في تنظيم حركة الأمعاء، والوقاء من الإمساك ، كما أنه يجعل الصائم يشعر بالشبع لمدة أطول. وينتمي الحمص إلى الفصيلة البقولية، من النوع الذي تعد ثماره هي بذوره، في نفس الوقت، تتشكل في قرون صغيرة بيضويّة الشكل يحوي كل قرن منها بذرةَ واحدة أو اثنتين، وموطنه الأصلي إقليم حوض البحر الأبيض المتوسط.