صيغ التحديث جرى الاصطلاح على تخصيص بعض الألفاظ لكل طريقة من طرق التحمل إلا أن بعض أئمة الحديث - كالبخاري - لم يلتزم بهذه الصيغ والألفاظ لأن تأليفه للصحيح كان قبل التخصيص. وصيغ التحديث التي يستخدمها المحدثون وما تفيده هي : 1. سمعت : وهي أرفع العبارات، وهي صريحة في السماع ، فإنه لا يكاد أحد يقول : (سمعت) في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه. 2. حدثنا وحدثني : وتستخدم في السماع من لفظ الشيخ، وتلي (سمعت) في المرتبة، وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له : (حدثنا)، روي عن الحسن أنه كان يقول : حدثنا أبو هريرة، ويتأول أنه حدث أهل المدينة، وكان الحسن إذ ذاك بها إلا أنه لم يسمع من أبي هريرة شيئًا كما ذكر الحافظ أبو بكر بن الخطيب، ويرى ابن الصلاح أن سماعًا من أبي هريرة ثابت للحسن، أو يكون قوله (حدثنا) من غلط الرواة عليه. وحكي عن قوم من المتقدمين ومن بعدهم أنهم جوزوا إطلاق (حدثنا) في الرواية بالمناولة، حُكي ذلك عن الزهري، ومالك وغيرهما. والصحيح والمختار الذي عليه عمل الجمهور وإياه اختار أهل الورع والتحري منع ذلك، وتخصيص ذلك بعبارة تشعر أنه يقيد هذه العبارات فيقول : (حدثنا فلان مناولة) أو غيرها. 3. أخبرنا : وهي كثيرة الاستعمال فيما سمع من الشيخ، حتى إن جماعة من أهل العلم كانوا لا يكادون يخبرون عما سمعوه من لفظ مَن حدثهم إلا بقولهم : (أخبرنا) منهم حماد بن سلمة، وعبدالرزاق بن همام، ويزيد بن هارون، وغيرهم، قال محمد بن أبي الفوارس : هشيم ويزيد بن هارون وعبدالرزاق لا يقولون إلا :(أخبرنا) فإذا رأيت (حدثنا) فهو من خطأ الكاتب، قال ابن الصلاح : وكان هذا كله قبل أن يشيع تخصيص (أخبرنا) بما قرئ على الشيخ. والتحقيق أن إطلاق (أخبرنا) في القراءة على الشيخ فيه مذاهب :فمن أهل الحديث من منعه، وقيل هو قول ابن المبارك، ويحيى بن يحيى التميمي، وأحمد بن حنبل والنسائي، وغيرهم. ومنهم من ذهب إلى تجويز ذلك، وقيل : هو مذهب معظم الحجازيين، والكوفيين، وقول الزهري ومالك وسفيان بن عيينة، وهو مذهب البخاري صاحب الحديث في جماعة من المحدثين. وهو مذهب الشافعي وأصحابه، وهو منقول عن مسلم صاحب الصحيح.وحكي عن قوم من المتقدمين ومن بعدهم أنهم جوزوا إطلاق (أخبرنا) في الرواية بالمناولة، حُكي ذلك عن الزهري، ومالك وغيرهما. والصحيح والمختار الذي عليه عمل الجمهور وإياه اختار أهل الورع والتحري منع ذلك، وتخصيص ذلك بعبارة تشعر أنه يقيد هذه العبارات فيقول : (أخبرنا فلان مناولة) أو غيرها. 4. أنبأنا ونبأنا : وهي قليلة الاستعمال فيما سمع من الشيخ. 5. قال لنا فلان أو ذكر لنا فلان : هو من قبيل قوله : (حدثنا فلان) غير أنه لائق بما سمعه منه في المذاكرة، وهو به أشبه من (حدثنا). وهذا اللفظ محمول على السماع إذا عرف لقاؤه له وسماعه منه على الجملة، لا سيما إذا عرف من حاله أنه لا يقول : (قال فلان) إلا فيما سمعه منه، وقد كان حجاج بن محمد الأعور يروي عن ابن جريج كتبه، ويقول فيها : (قال ابن جريج). فحملها الناس عنه واحتجوا بروايته، وقد كان من حاله أنه لا يروي إلا ما سمعه. 6. قرأت على فلان أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به : وهي أجود وأسلم ما استعمل في القراءة على الشيخ، ومثلها (حدثنا فلان قراءة عليه، أو أخبرنا قراءة عليه) 7. كتب إلي فلان : وهي مستعملة في تحمل الحديث كتابة، وذلك معمول به عندهم، معدود في المسند الموصول. وفيه إشعار قوي بمعنى الإجازة، ومثله : (أخبرني به مكاتبة، أو كتابة) 8. قرأت أو وجدت بخط فلان عن فلان : وهي مستعملة في تحمل الحديث عن طريق الوجادة. 9. فلان عن فلان أو أن فلانًا. وتحمل على الاتصال بشرطين : (أ) ألا يكون الراوي مدلسًا. (ب) ثبوت اللقاء كما هو شرط البخاري، أو المعاصرة كما هو شرط مسلم إعداد: عبد الغني بوضرة