في أصيلة، كل شيء موجود ولا شيء موجود، مقولة يرددها بعض أجدادنا في أصيلة فيها مزج بين المزاح والجد. قد تكون تحمل ظاهريا نوعا من التناقض، إلا أن المتأمل فيها يجد فيها ألف حكمة. إن أي زائر لهذه المدينة يأخذه الانبهار والافتتان، ويغبط سكان هذه المدينة الساحلية على ما يتمتعون به من بنيات تحتية ثقافية، ومن مناطق خضراء، ومن حدائق جميلة، ومن مآثر تاريخية، تصل إلى أزيد من 41 مأثرة تاريخية، ومن فضاءات نظيفة... إلخ. غير أن هذا الانبهار والافتتان سرعان ما يتلاشى عند الاكتشاف بأن سياسة تزيين الواجهات ونخبنة élitisation الفضاءات هي السائدة، وسياسة شوف وما تقربش هي القائمة. ما يربو عن 41 مأثرة تاريخية يكاد السكان لا يعلمون عنها شيئا. صالات وقاعات للعروض والمحاضرات لا تفتح أبوابها إلا موسميا، مكتبة وصفت بالأضخم والأكبر في المغرب ولا من مستفيد. مساحات خضراء وحدائق جميلة كلها موصدة الأبواب، ومحرم على أطفال المدينة زيارتها أو اتخاذها مكانا للمرح واللعب بمعية آبائهم وأمهاتهم. هذه بعض عجائب أصيلة، وتبقى مسألة الحدائق المغلقة أغرب عجيبة فيها. إنها فعلا حدائق معلقة، لكن ليست تلك المصنفة ضمن عجائب الدنيا السبع، وإنما هي حدائق معلقة الفتح إلى أجل غير مسمى.. مناطق خضراء فاتح لونها وأخرى فاقع لونها تسر الناظرين، لكنها تمتنع عن استقبالهم واحتضان الطفولة البريئة لأبنائهم وبناتهم. هذا قدر أطفال مدينة المواسم الثقافية.. ما زالت أصيلة صغيرة ومحاينها كبار، وما زال أول المتضررين من محاينها هم أساسا صغار. إسراء زهيرة