فتيحة البوكيلي: الهدية سبب لتكسير الروتين الذي يتسلل إلى الحياة الزوجية والأسرية ويدمرها إيمان لعوينة: الهدية تبرز مدى اهتمام كل طرف بشقه الثاني من منا لم يذق طعم وقع الهدية في قلبه سواء كانت مرتفعة الثمن أو رخيصة، المهم أنها تترك وقعا في النفس سواء كانت من زوج لزوجته أو من أب لابنه، المهم أنها رسول حب تترجم معاني التقدير حث عليها الإسلام فمن منا لا يعرف الحديث النبوي الشريف "تهادوا تحابوا"، لكن زحمة الحياة تنسي بعضنا البعض في الاستمرار في تقديم الهدية، وظنا من البعض أن البعض الآخر في غنى عن الهدية. والهدية لا تقدر بثمنها ولكن برمزيتها لهذا ينصح المختصون في قضايا الأسرة بالاستمرار على عادة التهادي من أجل إنجاح العلاقات الأسرية سواء بين الزوجين أو بين الأبناء والآباء وفي ما يلي التفاصيل: وجهات نظر لطيفة سيدة أم لبنتين عبرت عن رأيها بخصوص الهدية بالقول: "أنا أراها محفزا للتآلف وسببا لتجديد المحبة ولتكسير النمطية داخل الأسرة، كما أنها دافع لأداء أفضل من جميع الأطراف، خصوصا إذا استعملت الهدية بشكل مثير وفجائي للطرف المقصود" وأضافت في تصريحها ل "جديد بريس": "الهدية فضلها كبير في إيصال البهجة والسعادة لجميع الأسرة كما أنها تكون سببا في توثيق الأواصر وتمتين التعلق بعضهم ببعض" وتوافق السعدية (أم لابن واحد) لطيفة الرأي بقولها: "إن الهدية بين الزوجين ثوتق العلاقة وهي نوع من إظهار المحبة ولو كانت هدية رمزية، فوردة بلون أحمر تكسر الحواجز وتقرب القلوب، أما عند الأطفال فالهدية شيء آخر، وإن كنا في غالب الأحيان اعتدنا عن النهر والتوبيخ بدلا من الهدايا إلا من رحم ربي. فهناك محطات لابد خلالها من تقديم الهدية كبداية الصلاة والنجاح" وذكرت السعدية تجربتها مع ابنها إذ أثناء نجاجه في الثالثة إعدادي اشترت له حاسوبا وكانت مفاجأة له ابتسم وقبل رأسي والديه وعندما حصل على شهادة الباكلوريا اشتريا له حاسوبا محمولا، الفرق بين الهديتين هو أن الأولى اشترياها بدون علمه والثانية أخد المبلغ واشتراها هو. تدريب الأبناء إيمان لعوينة رئيسة جمعية "المستقبل للأسرة والشباب" صرحت ل "جديد بريس" أن: "الهدية هي عربون للمحبة وتبرز مدى اهتمام كل طرف بشقه الثاني، والهدية لا تقدر بثمنها ولكنها تقدر برمزيتها. وهي تزيد من منسوب المحبة والألفة بين الزوجبين، لأنها تحمل معاني التقدير المقترن بالتعلق والحب، وحتى أنها تعتبر أفضل وسيلة لتقديم الاعتذار والتأسف في حالة الخلاف أو الخصام". وأضافت إيمان لعوينة في حديثها ل "جديد بريس": "وإن كانت الهدية عادة مقرونة في أذهاننا بالظرفية المناسباتية إلا أنها اليوم عليها أن تتجاوز هذا الحيز الضيق لتتحول إلى عادة حميدة في حياة الأزواج خاصة وفي علاقة الآباء بالأبناء، التي تطغى عليها اليوم هيمنة النزعات المادية. الأبناء اليوم سيطرت على علاقاتهم مع آبائهم القيم المادية، وتحولوا الى آخذين عامين، على الآباء اليوم أن يدربوهم على العطاء المتبادل، وليس هناك أفضل من الهدية يعطونها لآبائهم أو أحبائهم من مالهم الخاص كعربون محبة وامتنان". وعن الهدية في حياتها الخاصة تقول إيمان: "أجل أتبادل الهدايا مع زوجي خصوصا في ذكرى الزواج وعندما أسافر خارج أرض الوطن". ثمن الهدية ليس ذا أهمية مما كتبه الدكتور جاسم المطوع المستشار المختص في قضايا الأسرة على موقع "الأسرة السعيدة" على الأنترنت ما يلي: "للهدية وقع خاص في نفس الزوج أو الزوجة، فتسبب نوعاً من الرضى والفرح.. ليس بالهدية ذاتها وإنما بسبب تذكر الطرف الآخر أن هناك في الدنيا مَنْ نرتبط به برباطٍ سام أما عن أغلب الأزواج أو الزوجات فإنهم يقدمون الهدايا في مناسبات معينة كمناسبة الأعياد العامة أو المناسبات الخاصة بالزوجين كمناسبة مرور عام على الزواج مثلا أو بمناسبة قدوم المولود الجديد أو غير ذلك من المناسبات. ويكون وقع الهدية أجمل عندما لا ترتبط بتاريخ معين أو مناسبة معينة، فغالباً ما تحقق هذه الهدايا بين الزوجين مفاجأة كبيرة لأنها تخرج عن سياق الواجب أو المتوقع، وتكون معبرة عن مشاعر صادقة تكون بمثابة رسالة من القلب إلى القلب.. فهي إذن أكثر قيمةً من الهدايا التي تأخذ شكل الواجب عندما تقدم بمناسبة معينة، أما عن ثمن الهدية فليس بذات أهمية، فربما تكون الهدية عبارة عن وردة حمراء مثلاً، وهذه الهدية يراها الطرف الآخر أجمل من هدايا الدنيا لأنها ترتبط بحالة شعورية عاطفية أكثر مما ترتبط بحالة مادية خالية من العواطف وكم سمعنا عن علاقات زوجية قد هُدمت مع أن الهدايا كانت بين الزوجين من أغلى الجواهر، فأمور الحب بين الزوجين ليس لها علاقة بغلاء الهدية أو رخصها ولا ينبغي أن ننسى أن للهدية آداباً يجب مراعاتها منها مثلاً الذوق في الاختيار لكي تعبّر الهدية عن امتنان الطرف الذي يحملها إلى الطرف الذي ستذهب إليه كما أنه يجب أن يختار الزوج أو الزوجة الهدية لشريك الحياة على مزاج شريك حياته لا على مزاج مَنْ يشتري الهدية.. ولا ننسى أن نضع بطاقة صغيرة إلى جانب الهدية ونكتب عليها جملة من المودة والحب؛ لأن الهدية في النهاية عبارة عن رسول محبة بين الطرفين". الهدية لتكسير الروتين فتيحة البوكيلي مستشارة في قضايا الأسرة صرحت ل "جديد بريس" بأن "الهدية لها وقعها الأسري والاجتماعي وهي حاجة ملحة لدى الفقير والغني على حد سواء، والهدية سبب لتكسير الروتين الذي يتسلل إلى الحياة الزوجية والأسرية ويدمرها وأكثر من ذلك حتى بين المربين وتلاميذهم، أعرف أستاذة دأبت على إهداء الشوكولاتة لتلاميذها فذاب الجليد الذي بينها وبينهم وأصبحوا منضبطين وتحسن عطاؤهم الدراسي". وأشارت البوكيلي إلى أن الأزواج الذين يتخلون عن تبادل التهادي بسبب تقادم الحياة الزوجية واكتمال بنائها هم على خطإ، إذ أن الهدية يحتاجها الزوجان في كل فترة من فترات زواجهما، بل وإنها تكسر الروتين الذي يحدث بتقادم الحياة الزوجية. ونصحت البوكلي الأبناء بتقديم الهدايا لآبائهم حتى بعد زواج هؤلاء الأبناء ولو كان آباؤهم أغنياء، لأن للهدية وقعها الخاص على النفوس خصوصا إذا كانت من أقرب الناس. ومن خلال عملها في الإرشاد الأسري، تقول البوكيلي: "ننصح الأزواج بتقديم الهدايا لبعضهم البعض حتى يتم تفادي بعض الخصومات، ولأجل الصلح وتقديم الاعتذار، وهي كلها أسباب لرأب الصدع الذي يحدث في البناء الأسري لسبب أو لآخر". الإسلام والهدية مما جاء في كتاب "فقه المعاملات بين المؤمنين والمؤمنات للشيخ مصطفى العدوي": "الهدية كما عرفها أهل العلم هي عطية بلا اشتراط مقابل، وقد ورد ذكرها والحث عليها في القرآن والسنة، وهي من أعظم الأسباب التي تعين على إزالة ما في النفوس وتحبب المؤمنين بعضهم إلى بعض، وهي شعيرةٌ إسلامية جميلة جداً، فبها يتم سببٌ عظيمٌ للتآلف بين القلوب والاجتماع، وشيوع المودة بين المسلمين، وهي عطية بلا اشتراط مقابل. وهي دليل على الحب وصفاء القلوب، وفيها إشعار بالتقدير والاحترام، ولذلك فقد قبلها النبي صلى الله عليه وسلم من المسلم والكافر، وقبلها من المرأة كما قبلها من الرجل، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على التهادي وعلى قبول الهدايا. وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الإهداء ولو بالقليل فقال عليه الصلاة والسلام: ( تهادوا تحابوا). وأخرج (البخاري في الأدب المفرد: 157) بإسناد صحيح عن عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية ولا تضربوا المسلمين). وكان عليه الصلاة والسلام يقبل القليل كما يقبل الكثير".