صدر حكم المحكمة الرياضية الدولية "الطاس"، لينصف المغرب في معركته الطويلة مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف". صراع استمر أزيد من 6 أشهر كانت حصيلته حرمان المغرب من تنظيم "كان 2015″ ومنحها إلى غينيا الاستوائية مما أبعد معه تلقائيا أسود الأطلس من المشاركة، وتسليط عقوبات ثقيلة على الجامعة والمنتخب كان بإمكانها أن تعصف بحلم جيل كامل من اللاعبين وتغيب المنتخب عن التباري الإفريقي لأربع سنوات. "الطاس" قضت الخميس الماضي ببطلان قرارات "الكاف"، القاضية بحرمان المغرب من المشاركة في النسختين المقبلتين من منافسات كأس إفريقيا للأمم، وأقرت العقوبات المالية الأدنى في قوانين الاتحاد الإفريقي والتي لا تتجاوز 50 ألف دولار، التي تنص عليها العقدة المنظمة بين الاتحاد الإفريقي والمغرب بصفته البلد المنظم آنذاك، للتقرب أكثر من القضية طرحنا ثلاث أسئلة على الأستاذ منصف اليازيغي و كانت تعليقاته كالتالي 1- ما دلالة حكم المحكمة الرياضية الدولية لصالح المغرب في ملف عقوبات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم؟ ** إذا أخذنا حكم المحكمة الرياضية الدولية في سياقه العام ومن منظور شامل نجد أن المغرب استطاع أن يكسب الرهان على عكس المرة السابقة في أكتوبر 2014 عندما طلب التأجيل وكان ملفه متواضعا والمفاوضون أضعف. اليوم نحن أمام جامعة تقدمت بملف قوي بتخطيط قبلي وبمفاوضين أقوياء وأيضا بدراسة مسبقة للموضوع وبتوجه أمام محكمة لوزان بمنظور واضح وقوي. أما الدلالة الثانية هي أن الجامعة -حتى لا نمارس النقد دائما ونكون موضوعيين- أحسنت الاختيار عندما اختارت الذهاب إلى لوزان عكس بعض الدعوات التي كانت تدعو إلى عدم اختيار هذا المسلك مخافة أن تزداد عقوبة الكاف وأنا واحد ممن دعا إلى هذا الطرح. الدلالة الثالثة هو القرار الصائب للجامعة التي ضمنت استمرارية الناخب الوطني بادو الزاكي؛ ففي الوقت الذي كان الجميع يقول إن الزاكي يعيش بطالة تقنية ويأخذ أجرا بدون مقابل اختارت الجامعة أن يستمر عمل الزاكي وإجرائه لمباريات إعدادية، وظهر في الأخير أن الجامعة ربحت الوقت، ويمكن أن نقول إننا نتوفر اليوم على منتخب بقدرات عالية أبان عنها في مباراة الأروغواي الودية. 2- حكم "الطاس" الذي جاء ضد "الكاف" سبقه حكم آخر لم يكن في صالح الاتحاد الإفريقي في ملف فريق شبيبة القبائل الجزائري. هل يمكن أن نقول أن هذا الجهاز القاري بات على المحك؟ ** أولا اللوائح الداخلية للاتحاد الإفريقي فيها إشارة إلى أن أي نزاع يعرض أمام المحكمة الرياضة الدولية "الطاس". ثانيا المحكمة الدولية تقر في أنظمتها أن بإمكان الطرفان التقدم بطلب من أجل فض النزاع، ثالثا لو لم يكن لدى الكاف إشارة إلى إحالة النزاعات التي يكون طرفا فيها إلى "الطاس" لكان من الضروري أخذ موافقته للمثول أمام المحكمة. إذا الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مقتنع بدور أعلى هيئة تحكيمية رياضية في العالم ويبقى هذا الحكم من بين أحكام عدة صدرت ضد الكاف ومن بينها الحكم لصالح الفريق الجزائري. بل الأكثر من ذلك فقد سبق للمحكمة أن حكمت ضد الاتحاد الدولي للعبة "الفيفا" في قضايا كثيرة. لا يجب أن نأخذ الأمور بنظرة ضيقة ونعتبر أننا إزاء هزيمة وانتصار هناك إرجاع للأمور إلى نصابها؛ الكاف أخطأ والمغرب طعن وفاز بطعنه. شخصيا لن أحول الأمر إلى دراما بقدر ما آخذ من سؤالك جزءا منه، حان الوقت ليعاد النظر في استراتيجية بعض الدول اتجاه الاتحاد الإفريقي وأيضا في الطريقة التي تجري بها الانتخابات التي تفرز انتخاب شخص منذ 1988 على رأس هذا الاتحاد، كما يجب مراجعة القرارات الأخيرة على أساس أن يكون رد فعل، أما أن نقول أن هناك خطأ وانتصارا فليس صحيحا، ولو لم تكن الأخطاء لما كانت المحاكم.
3- من الناحية القانونية هل يمكن للمغرب أن يتقدم بدعوى أخرى ل"الطاس" من أجل استصدار حكم بشأن حرمانه من المشاركة في "كان 2015″ ونقل التظاهرة إلى غينيا الاستوائية؟ ** المغرب كان قد طلب التأجيل والكاف من حقه أن يرفض طلبه، الذي ليس من حقه هو العقوبة التي فرضها عليه. وبعد نقل البطولة إلى غينيا الاستوائية لم يكن ممكنا للمغرب المشاركة لأن التصفيات المؤهلة أفرت تأهل 15 منتخبا إضافة إلى البلد المنظم، ولذلك كان الإقصاء أوتوماتيكيا. والخطأ كان في العقوبات الشادة والقاسية التي ليس لها مرجع في القوانين الأساسية. كان المغرب سيطلب التعويض لو لم يشارك في كان 2017 واستصدر الحكم لصالحه بعد ذلك ، يمكن أن نقول آنذاك أن عليه طلب تعويض سحب المشاركة. أعتقد أن المغرب فاز في معركته ضد الكاف وعليه أن يعود ليأخذ دوره في الاتحاد القاري وليس في صالحنا الدخول في صراع معه لأنه يبقى في الأخير أكبر جهاز كروي في القارة وهو الممر على مستوى البرمجة والحكام والتداريب والدبلومات. علاقة المغرب بالكاف لا تتوقف بتنظيم الكان ولكن في أشياء أخرى متشعبة. وكان تصريح فوزي لقجع رئيس الجامعة بعد صدور حكم "الطاس" دبلوماسيا ومتزنا لا ينم عن حماس زائد، عندما قال إن "المغرب سيسترجع مكانته في الاتحاد الإفريقي وهو شريك لنا"، هذا هو المنظور الذي يجب الاشتغال به. 4- هل تتوقع أن يعطي قرار المحكمة الرياضية الدولية دفعة قوية للكرة الوطنية التي تعيش مرحلة "كمون" منذ مدة ليست بالقصيرة؟ ** بالتأكيد هذا القرار سيخلق حماسا لدى اللاعبين الذين كانوا سيحرمون من المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا سنة 2017، ولن يسجلوا حضورهم العالمي إلا في مونديال روسيا 2018، إذا من شأن هذا القرار أن يزكي حماس اللاعبين الذين يتمنون تسجيل حضورهم في الكان الإفريقي. من جانب الآخر فإن المجهود الذي قام به الزاكي لن يذهب هباء منثورا إذ سيستفيد من استمرارية العمل في تحضيراته المقبلة. *خبير في الشأن الرياضي