اعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك أول أمس الخميس في روما أنه سيكون من المفيد إجراء تعديل أخير لمشروع القرار المطروح على مجلس الأمن الدولي حول العراق ، لازالة "بعض الالتباس" الذي ما يزال قائما بشأن مسألة اللجوء إلى القوة. ونقلت المتحدثة باسم الإليزيه كاترين كولونا عن شيراك قوله خلال لقاء مع رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلوسكوني "نحن في المرحلة الأخيرة من المفاوضات. لقد تم إدخال تحسينات كثيرة ونحن من دون أدنى شك على مقربة من الهدف". وتابع شيراك "لا يزال هناك بعض الالتباس وسيكون من المفيد إدخال تعديل أخير", معتبرا أن الاجماع في مجلس الأمن "سيكون له مزايا كثيرة لأنه سيتيح التحرك بشكل فاعل وتوجيه رسالة واضحة إلى العراق بأن الوقت قد حان للتعاون". وأضاف شيراك "نحن نعمل بهذه الذهنية. ولا بد من أن تكون الأمور واضحة إلى أقصى حد ممكن بشأن مسألة اللجوء إلى القوة" التي اعتبر أنها يجب أن تكون الخيار الأخير. من جانبه أعرب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن شكوكه بإمكانية التوصل إلى اتفاق في مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع قرار أميركي معدل حول العراق قبل الأسبوع المقبل. وأشار المتحدث باسمه إلى أن بلير يدرك تماما بأنه ليس واثقا من التوصل إلى اتفاق اليوم أو غدا أو حتى الاثنين المقبل. وقد ألقت واشنطن بثقلها للتصويت على مشروع قرارها المعدل -الذي تدعمه لندن- من أجل التصويت عليه داخل مجلس الأمن يوم غد الجمعة. ولم يستبعد سفير الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة جون نيغروبونتي إجراء تعديلات أخرى على مشروع القرار في مناقشات اليوم, ليأخذ بالحسبان مداخلات كبير مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة هانز بليكس. وكان بليكس أبلغ مجلس الأمن أول أمس أن لديه بعض المشاكل التطبيقية في نص مشروع القرار. لكنه أكد عزمه على قيادة فريق إلى بغداد خلال أسبوع أو عشرة أيام من تبني القرار. وفي سياق إقناع واشنطن لبقية الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن للتصويت لصالح مشروع القرار قال المتحدث باسم البيت الأبيض آري فلايشر إن القرار بصيغته المعدلة يغطي مجمل المحاور التي ترى واشنطن ضرورة تضمينها في القرار، ومنها تأكيد خرق العراق الصريح لقرارات الأممالمتحدة حول عمليات التفتيش، وكذلك فرض نظام تفتيش صارم على الأسلحة وتحذير بغداد من عواقب وخيمة في حال ثبوت عرقلتها عمليات التفتيش. من جانبه أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية مارك غروسمان خلال زيارته إلى المغرب اليوم أن مشروع القرار الأميركي حول العراق يبقى "متطابقا" مع الأهداف الأساسية للرئيس جورج بوش. مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة ما كانت لتقدم "مشروعا لا يكون متطابقا مع الطروحات التي عبر عنها بوش في خطابه الذي ألقاه في 12 شتنبر أمام الأممالمتحدة". وتشير مصادر في مقر الأممالمتحدة بنيويورك إلى أن مجلس الأمن يقترب أكثر من أي وقت مضى من التوصل إلى تسوية بشأن مشروع القرار الأميركي المعدل حول العراق. وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عن أمله في أن يتمكن مجلس الأمن من تبني قرار بالإجماع حول العراق بنهاية الأسبوع الحالي. وفي سياق ذلك، أعلنت الصين أول أمس أن مشروع القرار المعدل بشأن العراق خفف بعض مخاوف الدول الأعضاء. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية كونغ كوان خلال مؤتمر صحفي في بكين إن "الصين ستلعب دورا إيجابيا بناء وتضغط من أجل إجراء مزيد من التشاور بشأن مشروع القرار". لكنه تجنب الرد على سؤال عما إذا كانت بلاده ستمتنع عن التصويت على القرار أم أنها ستصوت لصالحه. وكانت كل من فرنسا وروسيا والصين أعربت عن قلقها مما اعتبرته ثغرات في مشروع القرار الأميركي المعدل حول العراق، بما يمكّن واشنطن من الحكم على الانتهاكات التي يمكن أن تكون أساسا لشن حرب. ورغم إشادة الرئيس الفرنسي جاك شيراك ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بالتعديلات التي أدخلت على مشروع القرار الأميركي حول العراق، إلا أنهما دعيا إلى إزالة النقاط التي يكتنفها الغموض في مشروع القرار، وخاصة الإشارة إلى خيار اللجوء التلقائي للقوة. وفي بغداد اتهم الرئيس العراقي صدام حسين يوم الخميس الولاياتالمتحدة وبريطانيا ب"التمرد" على القانون الدولي داعيا دول العالم إلى اتخاذ موقف "منصف" من العراق "دفاعا عن نفسها ومصالحها". ونقل التلفزيون العراقي عن الرئيس صدام حسين قوله خلال استقباله وزير الإعلام الماليزي تان سري خليل يعقوب الذي يزور العراق, قوله إن "هناك إدارتين متمردتين على القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة والرأي العام العالمي". وأضاف أن هاتين الإدارتين "تتعاملان مع العالم كما لو كان عليه أن يتبع ما تقررانه ... وتحاولان الضغط على المجلس ليتخذ قرارات تناقض القانون الدولي ولا تستجيب استجابة منطقية للرأي العام العالمي". ورأى أن موقفهما ناجم عن رغبتهما في "السيطرة على اقتصاديات ونفط منطقة الشرق الأوسط", معتبرا أنه "لو تعلق الأمر بالقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة ومعاييرهما في موضوع العلاقة بين العراق ومجلس الأمن لما نشأت مشكلة كالمشكلة القائمة الآن". كما جددت الصحف العراقية دعوتها للصين وفرنسا وروسيا لإفشال مشروع القرار الأميركي ومعارضة أي صياغة لمشروع القرار الأميركي قد تستخدم في تبرير هجوم عسكري. وقالت صحيفة الثورة إن "أميركا تريد أن يتضمن القرار نصا أو نصوصا يتخذ منها فيما بعد ذريعة وغطاء للعدوان على العراق وعلى الأمة العربية ودول أخرى في المجلس تحاول أن تحول دون ذلك". واعتبرت صحيفة بابل التي يشرف عليها عدي صدام حسين النجل الأكبر للرئيس العراقي أن المشروع "فاشل وعدواني" ودعت الصحيفة باريس وموسكو إلى استخدام "ثقلهما ودورهما الأساسي لتفويت الفرصة على الأميركيين والبريطانيين بأن يجعلوا من المنظمة الدولية وسيلة لتحقيق أهدافهم العدوانية.