ختمت المناظرة الوطنية حول الصحة والجودة أشغالها بمدينة مراكش أول أمس السبت، الثاني من شهر نونبر الجاري، بإصدار توصيات وصفتها مصادر مطلعة بالتوصيات الفضفاضة، ولم ترق إلى مستوى التوصيات الإجرائية التي يمكن متابعتها وتقييمها، و يخشى أن تبقى حبرا على ورق، منسية بين الرفوف. فيما عبر بعض المشاركين عن عدم إيمانهم بمفهوم الجودة في ظل نظام متهالك لوزارة الصحة العمومية والذي تطغى عليه النظرة الزبونية والحزبية، والتضييق على الحريات النقابية، واتهام الموظفين بالسرقة. هذه المناظرة الوطنية تواصلت أشغالها على مدى ثلاثة أيام، وكانت جميع مداخلاتها باللغة الفرنسية، ونظمتها مديرية المستشفيات والإسعافات المتنقلة، ومولتها الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية USAID عبر مشروع بروغريس PROGRESS والذي يقدر غلافه المالي بأربعة ملايين (4) دولار أمريكي على مدى ثلاث سنوات، ويندرج ضمن الاستراتيجية الجديدة للوكالة المذكورة لتحقيق هدف خاص حول تحسين مؤشرات الصحة الإنجابية، وضمن مؤشرات أخرى أهمها الزيادة في عدد الأزواج المستعملين لطرق تحديد النسل. وكشفت مصادر نقابية لً التجديد ً أن هذه المناظرة لا تعدو أن يكون تجمعا حزبيا لحزب الوزير الخياري، ولا تمت بأية صلة لأي مؤتمر علمي يحضره متخصصون في مجال الجودة الصحية، وتساءلت عن المعايير التي اعتمدت لاستدعاء ما يقرب من 200مشارك، حيث كانت مناسبة فقط لرد الجميل لمن عملوا مع الوزير أثناء الحملة الانتخابية لاستحقاقات 27 شتنبر البرلمانية، وأضافت المصادر نفسها أن ذلك تم ضمن إطار سياسة التبذير التي سلكها الوزير منذ توليه أمر حقيبة وزارة الصحة، ولم يكن همه استدعاء المتخصصين في مجال الجودة والعالمين بأمورها، بل إتمام صرف الميزانية المخصصة لوزارته قبل مغادرته للقطاع. ولم تستبعد مصادر أخرى مطلعة هذا الطرح حيث قالت إنه من المعروف أن عدة أطر ترحل من حزب إلى آخر وتحل حيث حل وزير الصحة للاستفادة من الترقيات والامتيازات . ومن جهته صرح صالح وليول الناطق الرسمي لهذه المناظرة ل ً التجديدً قائلا إن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة من الأعمال التي تهم ميدان الجودة ويشاركها فيها عدة خبراء دوليين ومغاربة سواء من القطاع الحر أو القطاع العمومي أو شبه العمومي وكذلك من القطاع العسكري، ونفى عنها صفة الحزبية. وأشار إلى أن عدة قطاعات في العالم دخلت ميدان الجودة في عدة ميادين منذ الأربعينات من القرن الماضي، وفي السبعينات في ميدان الطب، في حين تأخر المغرب إلى غاية بداية التسعينات، ليدخل هذا الميدان و ذلك لتحسين صورة الحالة المزرية لقطاع الصحة في بلادنا التي يندى لها الجبين. وأضاف إنه إذا كانت الجودة مطلوبة في المسكن والمأكل، فإن ذلك يجب أن يكون أدهى وأجلى في مجال الصحة، لأن المريض يكون في حالة مزرية، ومشرذم صحيا ومهمش اجتماعيا وعائليا وماديا، لذا فكرت وزارة الصحة في توحيد الجهود المشتتة من أجل وضع برنامج وطني للجودة مثله مثل البرنامج الوطني للتلقيح، ومثل البرنامج الوطني ضد الإسهال، وغيرها من البرامج الوطنية، وهو برنامج يلزم جميع العاملين في قطاع الصحة سواء على المستوى المركزي أو الجهوي، واعتبر أن جميع المتدخلين يجب أن يتوفر لديه بالإضافة إلى الكفاءات والخبرات والمعدات والتقنيات، تكوين نفسي يضمن لهم تعاملا جيدا مع المرضى، لأنه لا رجعة في مجال الجودة مادام المواطن أصبح واعيا بنوعية الخدمات المقدمة إليه. و من جهة أخرى قال ميشيل بيليتيي وهو مستشار لدى وزارة الصحة في مجال الإصلاح الصحي أن التكنولوجيا بدأت تأخذ شيئا فشيئا مكانها، ولكن يتم ذلك على حساب العلاقة الإنسانية بين الطبيب المعالج والمريض، ووجه نداء لمستعملي هذه التقنية الجديدة مشيرا أنه إذا كانت التقنية قد حققت بعض ًالمعجزاتً فإن شفاء المرضى لن تضمنه سوى تلك العلاقة النقية وتلك الثقة المتبادلة بين المريض والطبيب .لكن هذه التقنيات فرضت نفسها بشكل قوي في مجال الصحة، في مقابل تقلص الموارد المالية بشكل كبير، يلاحظ الدكتور العراقي، ويعتبر أنه من المشروع أن نطرح السؤال حول مدى إمكانية السير قدما في هذا الاتجاه مع تحقيق ذلك التوازن في العلاقة بين الجودة والكلفة، خاصة وأن 15% من سكان المغرب فقط يتوفرون على تغطية صحية وفوق ذلك هزيلة، كما أن الفوارق الاجتماعية يجعل ضمان الجودة يلعب في صالح الفئات الميسورة، ويبقى المستشفى العمومي الملجأ الوحيد للعديد من المواطنين، والذي يعاني من نقص مزمن للوسائل البشرية والعملية. واعتبر أن استعمال التكنولوجيا أصبح يلجأ إليه في مرات عديدة بطريقة غير مقبولة تماما، وخلص في النهاية أن إدماج جميع الفاعلين في القطاع والتضامن بين جميع الشرائح الاجتماعية، والبحث تحسين الموارد المالية هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح في تقديم خدمات ذات جودة مقبولة. وجدير بالذكر أن المستشار المذكور ميشيل بيليتيي MICHEL PELLETIER امتنع عن تقديم أي توضيحات ل ًالتجديدً بشأن بعض النقاط التي وردت في مداخلته مبررا ذلك بالتزامه بالعقدة مع وزارة الصحة والتي تنص على عدم إدلائه بأي تصريح للصحافة الوطنية ،ولم يفهم سبب ذلك . عبد الغني بلوط