أيد المشاركون في المؤتمر التاسع لرؤساء المصارف المغاربية الذي اختتم أشغاله أول أمس (الخميس) بالبيضاء فكرة إنشاء عملة مغاربية موحدة، معلنين دعمهم لقرار الدورة السابعة للجمعية العامة لاتحاد المصارف المغاربية المنعقد بالتوازي مع هذا المؤتمر القاضي بتشكيل لجنة تفكير يناط إليها دراسة الجوانب الأساسية لإنشاء هذه العملة، كخطوة من جانب الاتحاد في اتجاه بلورة هذا المشروع، وتسهيل الاندماج الاقتصادي والمالي لدول المغرب العربي. يأتي إطلاق فكرة إنشاء عملة مغاربية موحدة في ظروف سياسية عصيبة تطبع الوضع بمنطقة المغرب العربي، ويؤشر على ذلك ارتفاع حدة التوتر بين الجارتين المغرب والجزائر عقب الزيارة الأخيرة للرئيس الجزائري بوتفليقة إلى الديار الإسبانية، في إطار دعمهما الرافض لاتفاق الإطار الذي طرحه المغرب كآلية لحل مشكل الصحراء، وإعلان الرئيس الليبي معمر القذافي رسميا انسحاب بلاده من جامعة الدول العربية احتجاجا على الصمت العربي إزاء قضية فلسطين والعراق وقضايا الوحدة العربية. وفي هذا الصدد أكد محمد حركات أستاذ المالية العامة والاقتصاد السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط أن الحديث عن فكرة إنشاء عملة مغاربية موحدة في ظل الوضع المغاربي المتأزم بمثابة الحديث عن المستحيل، مبرزا في الوقت نفسه أن السعي وراء تكريس "عملة سياسية" موحدة في إشارة إلى ضرورة البحث عن وحدة سياسية لتجاوز الخلافات أسبق من البحث عن عملة نقدية موحدة. وقال ذ. محمد حركات المدير المؤسس للمجلة المغربية للتدقيق والتنمية في تصريح ل"التجديد":»بدون مشاريع مغاربية تنموية موحدة يصبح الحديث عن عملة مغاربية موحدة غير ذي معنى»، مضيفا إنه «في هذه المرحلة نحتاج إلى وحدة سياسية، ونحتاج إلى دعم بنيان اتحاد المغرب العربي الذي سيعقد مؤتمره في الأشهر القليلة المقبلة بالجزائر، وذلك من خلال الحرص على تجاوز كل العيوب والإكراهات التي تواجه مستقبل العلاقات بين دول المنطقة». وأشار ذ. محمد حركات إلى أنه يستحيل الحديث عن وحدة نقدية في غياب وحدة سياسية مستحضرا تجربة دول الاتحاد الأوروبي التي "بدأت بإنشاء مشاريع تنموية ناجحة قبل أن تتوج تجربتها بإطلاق عملة الأورو كعملة أوروبية موحدة" . وأضاف أن «العملة الموحدة كانت تتويجا لوحدة العمل التنموي والسياسي». وأوضح محمد حركات أن التفكير في وحدة مغاربية يفرض حتما الحديث عن مؤسسات أخرى يجب أن ترى النور مثل محكمة الحسابات المغاربية والبرلمان المغاربي. وشدد محمد حركات على ضرورة حل المشاكل المفتعلة بين المغرب والجزائر، وجذب ليبيا التي طلقت العمل الوحدوي العربي وأصبحت تبني عملها جنوب إفريقيا. وطرح محمد حركات حلولا داعمة لإطلاق فكرة عملة موحدة قائلا: «ينبغي أولا تفعيل المؤسسات المغاربية سياسيا، وثانيا تأهيل الموارد البشرية وفعاليات المجتمع المدني لكي يساهم كل حسب اختصاصه في بناء الوحدة المغاربية، وثالثا فتح الحدود المغلقة بين الدول المغاربية، فالحدود أسبق من النقود، حتى يستثمر المغربي في الجزائر ، والجزائري في المغرب عكس ما علىه الوضع الآن». و حول ماإذا كان هذا الإقتراح الذي خرج به المؤتمر التاسع لرؤساء المصارف المغربية بشأن إنشاء عملة مغاربية موحدة بمثابة محاولة من جانب المؤتمرين لإرسال رسالة إلى الحكام العرب من أجل الإسراع في إحداث تقارب سياسي كخطوة في اتجاه وحدة نقدية، أكد محمد حركات أن القطاع الخاص لا يملك أن يؤسس لمشاريع إستثمارية ونقدية ذات بعد وحدوي دون قرارات سياسية جريئة باعتبارها المحدد الأساسي والقوي لكل مشروع مغاربي وحدوي. يشارإلى أن المؤتمر التاسع لرؤساء المصارف المغاربية خرج بتوصيات تؤكد على المسؤولية الاجتماعية للمصارف المغاربية في مجال التربية والصحة وحماية البيئة والتنمية الثقافية ومحاربة الفقر والتهميش بما يضمن انصهارها في النسيج الاجتماعي داخل البلدان المغاربية ومساهمتها في جهود التنمية المستدامة. محمد أفزاز