طيلة أربعة أيام، انعقدت ببلادنا ندوة دولية حول "قضايا الطفل من منظور إسلامي" من التاسع والعشرين أكتوبر إلى الفاتح من نونبر من السنة الحالية. ندوة تعاون على تنظيمها كل من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي. وكانت الندوة تهدف إلى مناقشة وضعية الطفولة في العالم الإسلامي، والتوعية بحقوق الطفل المسلم من وجهة نظر إسلامية، وتعزيز تبادل الرأي والخبرة حول قضايا الطفولة في العالم الإسلامي، وتأهيل الطفل للإسهام في البناء الحضاري والتنموي، وحماية الهوية الإسلامية للأطفال من تيارات الاستلاب والعولمة. وقد تدارس المشاركون بحوثا قيمة، وناقشوا قضايا هامة ونافعة إن تم تحويلها إلى برامج عملية، وإن وجدت إرادة سياسية لمتابعتها وتنفيذها. لكن الأهم من هذا هو صناعة الآباء الذين يدركون وظيفتهم الطبيعية ويتقنون القيام بواجباتهم الوالدية خير قيام، ففي طول العالم الإسلامي وعرضه لا توجد برامج في هذا الأمر إلا نادرا، ولا يتم إعداد الذكور في المؤسسات التربوية والثقافية والاجتماعية، وحتى السياسية ليكونوا آباء حقا وصدقا، كما لا يتم الأمر نفسه بالنسبة للأمهات ليصبحن مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. وكما أشار إلى ذلك بعض الباحثين المشاركين، فإن هذا الأمر غائب تماما في البرامج التربوية التعليمية، للمؤسسات الرسمية وللمؤسسات غير الرسمية، بما فيها حركات الإحياء الإسلامي، فالأبوة والطفولة من القضايا الغائبة تقريبا في مشروع الإصلاح والنهضة. وقال الدكتور عبد الحميد أبو سليمان، رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، معبرا عن هذا النقص الكبير "الشوك لا يثمر عنبا ومن أراد العنب لابد له أن يبذر العنب لا أن يلعن شجر الشوك، والتربية والوعظ في الكبر كالنقش في الماء لا ينقضي وعظ الواعظ إلا وقد نسي الموعوظ ما وعظ به ونسي ما ألقي إليه". فمتى نبدأ صناعة الآباء حتى يصنعوا أبناء آخرين يخلفون سلفا تاه في سبل التغريب والضياع أكثر من أربعين سنة؟ تلك مهمة جميع المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسات السياسية والتربوية والثقافية.