لازالت الصحافة الوطنية والدولية تعلق على نتائج الانتخابات الأخيرة التي عرفتها بلادنا، وتفرد الصعود الذي حققه حزب العدالة والتنمية بحصوله على اثنين وأربعين مقعدا رغم أنه لم يغط أكثر من 56 دائرة من أصل 91. ومن ذلك الملف الذي خصصته أسبوعية "La vie économique" لنتائج الحزب ملفا خاصا ضمن المحور الذي أفردته للانتخابات الأخيرة. الملف تضمن إضافة إلى افتتاحية العدد التي تكرر فيها الحديث عن الموقع الجديد الذي أصبح يحتله الحزب في الخريطة السياسية المغربية مقالين تحليليين، الأول كتبه حليم الشراج، ويعتبر مكونات الحركات إذا اجتمعت (الحركة الشعبية والحركة الوطنية الشعبية والاتحاد الديموقراطي والحركة الاجتماعية الديموقراطية وكذلك حزب العهد قبل انضمامه إلى اليسار) وحزب العدالة والتنمية مرتكزات كل ائتلاف ممكن. والثاني وهو عبارة عن تحليل توضيحي بقلم الأستاذ محمد العبادي الذي يعود إلى نفس نغمة التخويف من وصول الإسلاميين إلى السلطة، ولكنها نغمة يبدو أنها أخذت في الخفوت لدى صاحب المقال، ربما بفعل، أن الحزب أصبح الآن قوة لا يمكن الافتراء عليها، لأنها موجودة في الساحة وقادرة على إعطاء صورة حقيقية عن نواياها. ويعتبر العيادي: "أن حزب العدالة والتنمية يتبنى إيديولوجية شمولية لا تطمح فقط إلى إدارة الشأن العام للبلاد، بل إلى تعميم مظاهر حياة اجتماعية حسب النموذج الأوحد الذي يعتبر نفسه إسلاميا". ويعتبراحتمال انقلاب الحزب على الديموقراطية وقضاءه عليها يبقى قائما، وأن التجربة في بعض البلدان الإسلامية تثبت بأن الأمر ليس فقط تخوفات نابعة من البعض أو نتيجة توهمات بعض "النخب المتغربة"، ولكنه الخطر الذي يتهدد كل مجتمع أمام صعود تيار سياسي شمولي في وسطه. إلا أن "المحلل" يرى أن الطريق إلى صد هذا النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية والذي يتهدد النخب "الحداثية الديموقراطية" ليس في فرض ديموقراطية حسب المقاس تقصي من تشاء وتؤوي من تشاء. "بذريعة الوقوف في وجه الخطر، بل بالعكس فإن الديموقراطية وحدها قادرة على حماية الديموقراطية". بعد ذلك قدمت الأسبوعية لقرائها استطلاعين للرأي حول النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية، الأول أنجزه جواد مديدش ووضع له عنوانا: "الإسلاميون في الحكم، هل يمثلون تهديدا.. بعض الأطر يعبرون عن رأيهم. والثاني أنجزته ربيعة الشابي بعنوان: لماذا صوتت لحزب العدالة والتنمية؟.. واستطلعت من خلاله آراء بعض من منحوا أصواتهم، وقد أجاب بعضهم بأنه صوت لهذا الحزب نظرا لكون أعضائه موجودين دائما عندما يحتاجهم الناس، وذلك من خلال جمعياتهم ذات النشاط الاجتماعي. وأجاب البعض أنه صوت للذين يحملون القرآن في قلوبهم، وليس فقط في أفواههم، وختمت الصحافية استطلاعها بالقول: "إن السياسة هي في الغالب مسألة حسن التواصل، ويبدو أن الأحزاب الأخرى قد تعلمت ذلك على حساب خسارتها. إذ الملاحظ أنه في هذه الانتخابات قد استيقظ حزب العدالة والتنمية باكرا وباكرا جدا. وعلى خصومه أن يتعلموا أنه في بلد أغلب سكانه أميون، وهم بالتالي لا يفهمون كثيرا في الأساليب الانتخابية، فإن المطلوب هو منهاج آخر للاقتراب منهم غير الخطاب المكتوب على أوراق توزع، ولنا أن نتساءل كيف أهمل متمرسون كتيار في السياسة مقاربة الاتصال المباشر، ظانين أنه يكفي توزيع منشورات على بعد عشرة أيام من يوم الاقتراع لإقناع المغاربة بالتصويت لصالحهم. إن هذه النتائج تترجم أن هناك حاجة للاستماع للمجتمع والاتصال به مباشرة أكثر من الحاجة إلى الانخراط في حزب من الأحزاب". ونقدم فيما يلي ترجمة للنص الكامل لاستطلاع الرأي الذي استهدف الأطر والنخب المثقفة، نظرا لأهمية التعرف على رأي هذه الفئة في حزب العدالة والتنمية: الإسلاميون في الحكم، هل يمثلون تهديدا؟ .. بعض الأطر يعبرون عن رأيهم. كيف ترون انتخابات 27 شتنبر؟ كيف تفسرون صعود حزب العدالة والتنمية؟ هل يجب التخوف من وصول الإسلاميين إلى السلطة؟ أصحاب مهن حرة، رؤساء مقاولات، أطر مسيرة، رجال ونساء يدلون بوجهة نظرهم: عبد الله العلوي (رئيس جامعة الطاقة (C.G.E.M): لا خوف من الإسلاميين. "لقد كانت هناك شفافية دون أدنى شك، والنتائج كاتنت منسجمة وموافقة لمدى قوة الأحزاب، ولقد كان صعود حزب العدالة والتنمية متوقعا، بفضل تبنيه لسياسة الاقتراب أكثر من المواطنين، هذه السياسة نفسها التي سكانت تمثل قوة الأحزاب الديموقراطية منذ أربعين سنة. ولقد آن الأوان لهذه الأحزاب كي تتعبأ من جديد لاسترجاع مناطق نفوذها نالمفقود، وذلك بتكوين مناضليها وتجديد نخبها. وأنا لا أحس بأي تخوف من الإسلاميين". عائشة صخري (مديرة نشر مجلة (Femmes du Maroc)):التأخر في إعلان النتائج زرع الشك لقد كانت الانتخابات بكل تأكيد ذات مصداقية، إلا أنه كان هناك غيابا في التواصل خلال ال 84 ساعة التي تلت الاقتراع. وفيما يخص نتائج حزب العدالة والتنمية، فإنها تعكس المكانة التي يحتلها هذا الحزب كقوة سياسية في بلادنا. ويجب القبول بذلك أنا لا أخاف الإسلاميين، إننا في بلد الحقوق حيث كل شخص هو حر في التعبير عن رأيه شريطة احترام آراء الآخرين". أسماء بنيخلف (رئيسة قسم الإعلام في مديتيل):"يجب وضع قوة العدالة والتنمية في موضعها النسبي" إن صعود حزب العدالة والتنمية في حاجة إلي وضعه في إطاره الحقيقي، فهذا الحزب لا يمثل في الحقيقة إلا 31% من المقاعد في البرلمان وهي نتيجة نسبية، إذا أضفنا إليها حجم الامتناع عن التصويت الذي بلغ 25% و51 من الأوراق الملغاة، فإن هذا الحزب ليس قويا بالقدر الذي يظن. الخوف من الإسلاميين؟ لا، إنهم جزء من مشهدنا السياسي. إن بعض متطرفيهم يعكرون علي صفو المزاج. ولكنني أعتقد بأن المغاربة أذكياء بما يكفي لمنعهم من الإساءة". محمد بنزكري (مدير فرع الشركة متعددة الجنسية):حزب العدالة والتنمية حزب معتدل إن التأخر في إعلان النتائج هو الذي تسبب في حالة القلق. وحزب العدالة والتنمية حزب معتدل، والنتائج التي حصل عليها لا تخيفني، وماداموا معتدلين فإنهم لا يقلقونني نهائيا". مامون عبد الرزاق (مدير شركة سمسرة):حزب العدالة والتنمية لا يملك حلولا لمشاكل البلاد "لم أصوت لسبب بسيط هو أنه لم يتم العثور على بطاقتي الانتخابية في اليوم الذي ذهبت فيه لسحبها، وهذا ما يعبر كثيرا عن الشفافية التي أصموا بها آذاننا". إن النتائج التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية لا تطمئنني، هؤلاء الناس يستغلون فقر وبؤس الآخرين ليتغلغلوا داخل المجتمع. والمصيبة أنه ليس لديهم ما يقترحونه لإخراج البلاد من التخلف. إنني لا أعتقد أن الإسلاميين قادرون على إيجاد حلول للمشاكل الكبرى لهذه البلاد، إنهم لن يستطيعوا إلا تعميق تأزيم الوضع أكثر." هشام بلبشير (المدير العام لمؤسسة unitex):يجب القبول بحكم صناديق الاقتراع إن حزب العدالة والتنمية قوة سياسية تمثل قطاعا من المجتمع، وإذا كنا نقبل باللعبة الديموقراطية فيجب القبول بحكم صناديق الاقتراع. إسلامي كلمة لا تعني شيئا بالنسبة إلي، أما مسلم فنعم، ويجب عدم الخلط. إسلامية على الطريقة الجزائرية أمر يخيفني، إنه أمر خطير". جمال بلحرش (المدير العام لمؤسسة Man Power) :الإسلامية المتزمتة هي التي تخيف "إن الإرادة في الشفافية كانت واقعا حتميا خلال هذه الانتخابات. لم يسبق لنا أبدا أن عشنا حملة إعلامية تتعلق بالانتخابات لهذا الحجم، ولكن لم يساهم الجميع في ذلك. وكون حزب العدالة والتنمية قد حقق هذه النتيجة يعتبر انتصارا للديموقراطية في المغرب. إن الإسلامية المتطرفة والمتزمتة هي التي تخيف. أما حزب العدالة والتنمية فله نظرية سياسية جيدة للإمور، وقد حصل أن استدعينا بعض أطر هذا الحزب إلى بعض ندواتنا. وأعترف بأنهم أبانوا عن أداء ممتاز، وهم يحظون بإعجاب الكثير من الناس». كميل الوزاني (مدير مقاولة): "إن التفاوت بين نظرة حزب العدالة والتنمية وبين التحديات التي على البلاد أن تواجهها أمر يقلقني" "كان يمكن لهذا الحزب أن يحصل على مقاعد أكثر، لأنه أحد الأحزاب الأحسن تنظيما في بلادنا. إنها نتيجة عشرين عاما من العمل، وأنا لا أخاف من الإسلاميين. الذي يخيفني هو التفاوت بين نظرتهم للأشياء وبين التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي على بلادنا أن تواجهها. وأنا لا أتصور أن الحالة الإسلامية في بلادنا يمكن أن تعرف تدهورا على الطريقة الجزائرية". مليكة يوسوفين (مديرة الموارد البشرية في أكسا تأمينات المغرب): "هل سوف يتعامل الإسلاموين بديموقراطية عندما يصلون إلى الحكم؟" إن التأخر فى إعلان النتائج قد تسبب في بعض القلق، وقد بدأ الناس يتكلمون عن حدوث مساومات، مما فتح الأبواب لمضاربات ازدادت تخويفا. النتيجة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية كانت متوقعة. إنه الحزب الوحيد الذي قام بعمل تواصلي قريب من المواطنين. إضافة إلى أنه يعدهم بالجنة في الأرض، والجنة في الحياة الأخرى. لا، الإسلاميون لا يخيفونني. إلا أن نتيجتهم لا تطمئنني. إن تقدم حزب العدالة والتنمية يذكر مع الاختلاف طبعا بالنتائج التي حصلت عليها الجبهة الوطنية في فرنسا، غير أننا لا نملك تقاليد ديموقراطية كما هو الحال في هذا البلد. إن الإسلاميين لا يدخلون في اللعبة الديموقراطية إلا من أجل الوصول إلى السلطة. ولكن يمكننا أن نتساءل ، هل سوف يستمرون في التعاطي مع اللعبة الديموقراطية بنفس الديموقراطية عندما يصلون إلى السلطة؟". فاطمة الزهراء عمور (مديرة مالتسويق في مجموعة AKWA): إنني متضايقة كامرأة، فماذا سيكون مصير إصلاح المدونة؟" "لقد كان للشفافية على الأقل فضل أن تعكس الحقيقة. وهذه نقطة حسنة تسجل لبلادنا، صعود حزب العدالة والتنمية على الرغم من كون حزب معتدل، أمر مقلق، خصوصا بالنسبة للمرأة. هذا أمر يزعجني، انظروا إلى ما يجري في الجزائر! إن المدونة تقيدنا بما فيه الكفاية ، فكيف سيكون وضعنا نحن النساء إذا ما حكمنا الإسلاميون في يوم من الأيام؟" نبيل بوطالب (المدير العام لمؤسسة ALTAIR) :محاربة الفقر لتوقيف الإسلاميين "لقد كانت الانتخابات شفافة، ولكن النظام الجديد في الاقتراع هو الذي وضع مشكلا في بلد أغلب ناخبيه أميون. الإسلاميون أناس عاجزون على السير بالبلاد نحو النمو الاقتصادي والاجتماعي. إنهم سياسيون لا يفكرون إلا في الاستحواذ على الحكم. إن البديل الوحيد للوقوف في وجههم هو محاربة الفقر والبؤس والأمية، والفوارق الاجتماعية الصارخة التي تنخر بلادنا". سعاد العلوي عبد المالك (رئيسة المصلحة الصحية في جماعة سيدي بليوط الدارالبيضاء): "الدين شيء وإدارة شؤون الدولة شيء آخر" "هذه الانتخابات، وبالطريقة التي جرت عليها، قد منحت بعض الأمل لهذه البلاد. والنتائج التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية كانت منتظرة. إن تأثيره على الناس يجب عدم إهماله أبدا. وعلي الاعتراف بأن الإسلاميين يخيفونني. إنهم ظلاميون لدرجة أنهم يسيرون في اتجاه معاكس للنمو والتحرر. إنهم يستغلون البؤس والعوز الاجتماعي لكسب الأصوات. وأنا لا أستطيع أن أتصورهم يسيرون البلاد. فالدين شيء وإدارة شؤون الدولة شيء آخر". سعيدة الشرايبي (موثقة بالدارالبيضاء):"إن نتائج حزب العدالة والتنمية تعكس الحقيقة" "إن الجميع يتحدث عن الشفافية ولكنني لا أعلم ما الذي جرى في الكواليس. حزب العدالة والتنمية قد عمل بشكل جيد ونتائجه تعكس الحقيقة، وهو يستحق هذا النجاح. إنني لا أخاف من الإسلاميين إذا كانوا يريدون تأطير المجتمع وتنظيمه وفقا للضوابط الحقيقية للإسلام. وبالمقابل فإن الذين يستغلون الدين لأغراضهم الخاصة هم الذين يخيفونني". الغالي المنجرة (إطار في مقاولة):مادامت الدولة تراقب الوضع..." "لقد كانت نتائج حزب العدالة والتنمية جد منتظرة. إن الإسلاميين لا يخيفونني مادامت الدولة تراقب الوضع ونحن بلد مسلم. إن الإسلامية المتطرفة هي الخطر". أنجز الاستطلاع لصالح La vie économique: جواد مديدش ترجمه: إبراهيم الخشباني