تميزت العهدة المنقضية للمنتخبين المحليين بارتفاع حالات الفساد واستغلال مناصب المسؤولية لخدمة الأغراض الشخصية والإثراء غير الشرعي، وهذا ما أدى إلى تقديم العشرات من رؤساء البلديات والمنتخبين إلى المحاكم(349)، للنظر في المخالفات التي يكونوا ارتكبوها وقد صدرت عقوبات في حق عدد كبير منهم. إن دل على هذا على شيء فإنما يدل على نقائص العملية الانتخابية، التي شابها تزوير إرادة الناخبين في أكثر من استحقاق، وفبركة أغلبيات سياسية أرجلها من طين، وتضم في صفوفها من الانتهازيين أكثر من النزهاء الأكفاء الذين يغلبون المصلحة العامة ويضحون في سبيل التكفل بمشاكل المواطنين. واليوم هناك عزوف واضح للمواطنين عن العملية الانتخابية، مثلما ظهر ذلك جليا في التشريعيات الماضية بتسجيل رقم قياسي في الامتناع عن التصويت، وهذا بعد أن لمسوا ميدانيا قلة جدية هؤلاء المنتخبين عدم قيامهم -سواء كانوا في المجالس البلدية والولائية أو على المستوى الوطني-بحل مشاكلهم الأكثر إلحاحا في الشغل والسكن وإطار الحياة. أمام هذه الظاهرة المخيفة، التي قد تنزع كل مصداقية لهذه العملية الهامة في حياة المجتمع، فإن السلطة تضاعف جهودها من اجل قلب هذا الإتجاه وإقناع المواطنين بالتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم 10 أكتوبر وتحمل المواطنين المسؤولية عن حسن اختيار ممثليهم، مما يؤدي إلى قيام المؤسسات المنتخبة بدورها على أحسن وجه. من أجل ذلك تقوم السلطة بشن حملة سياسية وإعلامية مكثفة يأتي في مقدمتها إرسال عناصر نسوية تابعة لأسلاك الأمن والحماية المدنية والمساعدات الاجتماعية من أجل اقناع النساء الجزائريات بالانتخاب، وتأمل وزارة الداخلية المسؤولة عن هذه العملية بالاقتراب من حوالي 3 ملايين امرأة. لكن تغيير هذا الوضع ليس بالسهولة التي نتصورها مع بقاء نفس الممارسات السابقة، خاصة في أوساط الأحزاب من خلال عملية اعداد قوائم الترشيحات التي لا تستند في جانب كبير منها على معايير موضوعية، الأمر الذي انجر عنه حركات احتجاج محمومة وتمرد للقواعد النضالية لهذه الأحزاب، لذلك فإن النتيجة في النهاية لن تذهب على الأقل في الوقت الراهن، في اتجاه إعادة الاعتبار لعملية الانتخاب واسترجاع ثقة المواطنين. ن. ه