بين الفينة والأخرى تنكشف مفارقات خطيرة في تدبير الصفقات العمومية تخسر فيها الدولة ملايير الدراهم. ولعل ملف مرآب مطار محمد الخامس يمثل أحد نماذجها، فمرآب المطار كان يكترى في عهد الوزير السابق في حكومة عباس الفاسي بسبعة ملايين درهم للسنة، لكن قفزت قيمته في عهد الوزير الرباح إلى 58 مليون درهم، كما أن باحات الاستراحة في الطرق السيارة فوتت ب 300 مليون سنتيم بعدما كانت تفوت ب 30 مليون فقط، والفارق بين قيمة الصفقات في نفس العين المكرية لا يفسره أي شيء سوى أن كراء المرافق العمومية من الملفات التي كانت تشوبها اختلالات خطيرة تفوت على الدولة موارد مالية كبيرة. وتبين مثل هذه النماذج الحجم الكبير من الأموال الذي تتكبده خزينة الدولة بسبب سوء تدبير أو فساد، وهو ما يتطلب وضع آليات لمراقبة الصفقات العمومية كيفما كان غلافها المالي، ووضع معايير مرجعية يسهل معها الكشف عن الصفقات المشبوهة، وإعمال آليات الافتحاص للتصدي لأي تلاعب بالمال العام فيها. لا شك أن الفرق بين قيمة الصفقات العمومية المتعلقة بنفس المرفق العمومي وفي غياب معطيات موضوعية وعلمية تبرر حجم اختلافها، يعد مؤشر قويا على شبهة وجود فساد مالي، وأن الواجب يقتضي، وضع منظومة رقابة فعالة، من أجل بث ثقافة مواطنة في تدبير الصفقات العمومية.