قدّم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته مساء يوم الخميس 22 يناير 2015، وذلك بعد وقت قصير من تقديم الحكومة استقالتها كي "لا تكون طرفا في ما يجري من أحداث"، حسب تعبير المتحدث باسمها، وسبق ذلك وصول مبعوث الأممالمتحدة لليمن جمال بن عمر إلى صنعاء. ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر رئاسي تأكيده أن هادي قدّم استقالته، حيث وجّه هادي كتاب استقالته إلى هيئة رئاسة مجلس النواب. وقال هادي في خطاب الاستقالة إنه لم يعد قادرا على تحقيق الأهداف التي تحمّل المسؤولية من أجلها، وأضاف "عانينا من الخذلان من فرقاء العمل السياسي للخروج بالبلاد إلى برّ الأمان". وقدّم اعتذاره للشعب بعد أن وصلت الأمور لطريق مسدود، واعتبر أن أحداث 21 سبتمبر/أيلول أثرت على سير العملية الانتقالية، وذلك في إشارة إلى اليوم الذي سيطر فيه مسلحو جماعة الحوثي على صنعاء. اوقبل استقالة هادي، قالت مراسلة الجزيرة هديل اليماني إن الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية راجح بادي أكد أن رئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح قدّم استقالة حكومته إلى الرئيس هادي. وأوضحت الحكومة في بيان استقالتها أنها لا تريد أن تكون طرفا في ما يجري من أحداث، وأنها لم تعد قادرة على القيام بمهمتها في الظروف الراهنة. وقال بادي للجزيرة إن الأزمة وصلت إلى طريق مسدود "لذا قررت الحكومة الاستقالة حتى لا تنجرّ إلى المتاهة السياسية التي يحاول البعض أن يجرنا إليها"، وأضاف أن الحكومة لا تريد أن تتحمل مسؤولية ما يقوم به غيرها أمام الله والشعب، حسب قوله. وذكرت مراسلة الجزيرة أن المشادات التي حدثت مؤخرا والاتفاقات التي تم التوصل إليها دون أن تنفذ كانت من أبرز مبررات استقالة الحكومة، ولفتت إلى أن عدة أحزاب يمنية سارعت فور وصول بن عمر إلى إصدار بيانات شديدة اللهجة، مما يوحي بأنها كانت تنتظر وصوله كي يكون شاهدا على استقالة الحكومة. وفي الأثناء، قال مصدر حكومي إن بن عمر وصل عصر اليوم إلى صنعاء في مستهل زيارته ال36 لليمن منذ تعيينه في منصبه عام 2011، وكان من المقرر أن يُجري خلالها لقاءات مع كبار مسؤولي الدولة وممثلين عن الأحزاب والمكونات السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، لبحث الخطوات التي تم إنجازها على صعيد العملية السياسية في البلاد. من جهته، قال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين محمد البخيتي للجزيرة إن استقالة الحكومة لا تعني نهاية العمل السياسي، لأنها كانت حكومة تصريف أعمال مؤقتة بانتظار تشكيل حكومة أخرى. وأضاف أنه حتى مع استقالة الرئيس "فهذا لا يعني انهيار مؤسسات الدولة"، معتبرا أنه ينبغي الفصل بين المؤسسات والأشخاص. وحمّل البخيتي مسؤولية وصول الأمور إلى هذه النقطة إلى الرئيس والحكومة، مشيرا إلى أن شرعية هادي والحكومة ارتبطت بتمديد اتفاق الشراكة الوطنية، لكن جميع بنوده لم تطبق بسبب تعنت السلطة وبعض القوى السياسية، حسب قوله. وأضاف البخيتي أن جماعته لا يمكنها أن تربط نفسها بمن يصر على "حماية رموز الفساد"، وأكد أنها لم تطالب هادي بتقديم التنازلات، بل كانت تسعى فقط لتمديد اتفاق الشراكة وتطبيقه عبر مكافحة رموز الفساد وإشراك الحوثيين في السلطة. وقال أيضا "لو كنا إقصائيين لقمنا بتغيير السلطة بالكامل"، مضيفا أن جماعة الحوثيين حرصت بدلا من ذلك على توقيع اتفاق الشراكة الوطنية الذي يستوعب الجميع. في المقابل، عقّب بادي على تصريحات البخيتي بالقول إن الحوثيين لم يلتزموا بدورهم باتفاقية السلم والشراكة، وقال للجزيرة إن الحكومة كانت حريصة على الخروج من الأزمة، "ولكن ما حصل خلال ثلاثة أيام دمر كل شيء"، متهما الحوثيين بانتهاك حرمة منزل رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة. وأضاف أن رئيس الحكومة كان "رئيس تكنوقراط" ولم يكن محسوبا على أي طرف سياسي، لكن المسلحين حاصروا مقر إقامته لثلاثة أيام رغم الاتصالات المستمرة. وأكد أن بحاح كان يعمل منذ تكليفه على تقديم التنازلات والتقريب بين الفرقاء، "ولكن كل الجهود قوبلت بتعنت عجيب". ومن ناحيتها، أكدت مراسلة الجزيرة هديل اليماني أن استقالات هذا المساء لم تكن متوقعة، مشيرة إلى أن هناك حديثا يدور في الشارع اليمني عن قيام كل من الرئيس والحكومة باتخاذ قرار مشرف، حيث ينظر الكثيرون إلى قراري الاستقالة على أنهما رفض لما يجري في الساحة السياسية، وإعلان عن عدم الرغبة في المشاركة بالأحداث. يذكر أن هادي كان قد أبرم مساء أمس اتفاقا مع الحوثيين لإنهاء الأزمة، وأكد الاتفاق على حق الجميع -بمن فيهم الحوثيون والحراك الجنوبي- في التعيين بأجهزة الدولة، بينما تعهد الحوثيون بالإفراج فورا عن أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس المختطف منذ السبت الماضي، وبسحب اللجان الشعبية من الأماكن الحساسة التابعة للدولة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.