محاذير الهجرة إلى ديار الغرب- الخطيب عبد الله النهاري،وجدة بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على نبي الهدى وآله وصحبه إلى يوم الدين،إخوة الإسلام(...) كتب أحد إخواننا بالمهجر (عبد الكريم الداودية) كتابا تحت عنوان (مساجدنا في الغرب، واقعها والدور المطلوب) بعث لي مع أحد الأحبة نسخة منه تلخص تجربة الممارسة الميدانية للعمل الدعوي هنالك، واقعه وآفاقه ومعوقاته. استوقفني فيه ما ورد في آخر صفحاته (ص 621) يقول فيه: "لقد سألت مجموعة من الفضلاء الذين يعرفون واقع أجيالنا في هذا البلد عن كثب، ويتعاملون معهم معاملة ميدانية السؤال التالي: "بصفتكم أحد المهتمين بالواقع الإسلامي في الديار الغربية ما هو تصوركم لمستقبل أبناء المسلمين في هذه البلاد؟ فتفضلوا مشكورين بأجوبة قد تكون متحدة، وكأنها صدرت عن رأي واحد مضمونها: إذا كان الماضي سيساعد على فهم الحاضر، والحاضر سيساعد على فهم ما تكون عليه الحال في المستقبل، فإنه على ضوء ماضينا وحاضرنا نقول: مستقبل المسلمين في الغرب لا يطمئن ولا يبشر بخير إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه. يضيف: وإنه لجواب مر المذاق، ولكنه الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها إذ أن إنكارها لا يفيد بل يلحق أضرارا فادحة بمن يحاول تجاهلها. إن الله عز وجل لا يسأل أولادنا يوم القيامة لماذا ولدتم في أوروبا وأمريكا ولم تولدوا في المغرب أو تركيا، وإنما سيسألنا نحن الآباء والأمهات لماذا ذهبتم بأولادكم إلى هناك، وقذفتم بهم في كذلك البحر المتلاطم الأمواج دون أن تبصروهم بخطره. وتعلموهم كيف يقاومون أمواجه، فلنعد للسؤال جوابا... وكمثال على هذا النوع من ضياع كثير من أبناء جاليتنا في الخارج لافتقاد أية سياسة ترمي إلى حماية أجيال بكاملها. يقول أحد الدعاة المشارقة في كتيب بعنوان "جلسة مع مغترب" في آخر صفحاته: >قال صاحبي: كنت أدرس الطب في كندا . ولا أنس أبدا ذلك اليوم الذي كنت أقوم فيه بالمرور اليومي على المرضى في غرفة العناية المركزة في المستشفى، ولفت انتباهي اسم المريض الذي في السرير رقم 3 أنه محمد. أخذت أتفحص وجهه الذي لا تكاد تراه من كثرة الأجهزة والأنابيب على فمه وأنفه، إنه شاب في الخامسة والعشرين من عمره مصاب بمرض (الإيدز) دخل المستشفى قبل يومين إثر التهاب حاد في الرئة. حالته خطرة جدا جدا. اقتربت منه حاولت أن أكلمه برفق، محمد، محمد، إنه يسمعني. لكنه يجيب بكلمات غير مفهومة، اتصلت ببيته فردت علي أمه.. يبدو من لكنتها أنها من أصل لبناني عرفت منها أن أباه تاجر كبير يمتلك محلات حلويات. شرحت للأم حالة ابنها، وأثناء حديثي مع الأم، صرخت بها: لابد ن تحضري الآن، قالت أنا مشغولة في عملي، وسوف أحضر بعد انتهاء العمل، قلت: عندها ربما يكون الأمر قد فات وأغلقت السماعة، بعد نصف ساعة وصلت أم الفتى متوسطة العمر لا تبدو عليها مظاهر الإسلام، فانفجرت باكية، حاولت تهدئتها. وقلت: تعلقي بالله تعالى واسألي له الشفاء. قالت بذهول: أنت مسلم؟ قلت الحمد لله!! قالت: نحن أيضا مسلمون. قلت: حسنا لماذا لا تقرئين عليه شيئا من القرآن لعل الله يخفف عنه.. ارتبكت الأم ثم انخرطت في بكاء مرير. وقالت : هاد القرآن لا أعرف! لا أحفظ شيئا من القرآن! قلت كيف تصلين؟ ألا تحفظين الفاتحة؟ فغصت بعبراتها وهي تقول: نحن لا نصلي إلا في العيد منذ أن أتينا إلى هذا البلد، سألتها عن حال ابنها فقالت: كان ينوي أن يحج في آخر عمره! بدأت أجهزة الإنذار ترتفع أصواتها أكثر وأكثر، اقتربت من الفتى المسكين وهو يعالج سكرات الموت، والأم تبكي بصوت مسموع، الممرضات ينظرن بدهشة اقتربت من أذنه وقلت : لا إله إلا الله.. قل لا إله إلا الله. إنه يسمعني، بدأ يخيف وينظر إلى.. المسكين يحاول بكل جوارحه، الدموع تسيل من عينيه، وجهه يتغير إلى السواد. قل لا إله إلا الله. بدأ يتكلم بصوت متقطع. آه، آه.. ألم شديد.. آه. أريد مسكنا للألم، آه، آه، بدأت أدافع وأتوسل إليه قل لا إله إلا الله.. بدأ يحرك شفتيه، فرحت يا إلهي سيقولها، سينطقها الآن لكن قال (I cant I cant) أريد صديقتي، أريد صديقتي. لا أستطيع، الأم تنظر وتبكي، النبض يتناقص.. يتلاشي.. لم أتمالك نفسي أخذت أبكي بحرقة، أمسكت بيده.. عاودت المحاولة، أرجوك قل لا إله إلا الله، لا أستطيع، لا أستطيع، توقف النبض. انقلب الفتى ثم مات. انهارت الأم، وارتمت على صدره تصرخ، رأيت هذا المنظر لم أتمالك نفسي نسيت كل الأعراف الطبية، انفجرت صارخا بالأمر، أنت المسؤولة، أنت وأبوه ضيعتم الأمانة ضيعكم الله.. مثل هذه الأحداث الأليمة تفيد طرح السؤال القديم الجديد بحكم الإقامة في بلاد غير المسلمين والتي تتعارض سياستها ونظمها مع الفطرة والدين؟ يقول الأخ عبد الكريم الداودية في معرض الجواب على السؤال: يختلف حكم الإقامة باختلاف أحوال المقيمين وظروفهم، وباختلاف قصودهم ونياتهم وبالنظر إلى النتائج الحسنة والسيئة المترتبة على الإقامة. فإذا كان المقيم آمنا علي نفسه وعلى أولاده من الفتنة ومتمكنا من إظهار دينه وممارسة شعائره وهو بالإضافة إلى ذلك يعرف الغربيين بالإسلام ويدعوهم إلى الله عز وجل، ويحس بأن دعوته تثمر الثمار الحسنة يوما بعد يوم فليهنأ بإقامته في الغرب. أما إذا كان المسلم المقيم في الغرب غير آمن ولا مطمئن على دينه وذريته، ويشعر بأن إقامته محفوفة بالمخاطر ومعرضة لعاصفة تقتلع الأخضر واليابس بحيث ينظر عن يمينه هكذا وعن شماله هكذا فيجد أن 08% من أولاد المسلمين قد جرفهم التيار. وذابوا في ذلك المحيط، فما أظن أن هناك عالما يخاف الله يمكنه أن يفتيه بمشروعية الإقامة في تلك الأرض الموبوءة إنه لم يكن مضطرا إليها...؟<. إذا كانت الهجرة تشكل تهديدا لدين المسلم والتزامه وتهديدا لدين ذريته يعتبر الإقدام عليها بحجة البحث عن سبل العيش هناك مغامرة غير مأمونة العواقب... ولذلك يحتاج إخواننا المغتربون إلى جملة نصائح يجب أن توضع نصب أعينهم حتى لا تكون وبالا عليهم وعلى ذريتهم. 1 عداوة الكفار للمسلم دفينة وباقية حتى ولو أظهروا بعض الآداب الطيبة يقصدون بها استمالة المسلم إلى دينهم ومنهاج حياتهم، ولتحقيق مصالح في تكثير سوادهم. وتنمية اقتصادهم ولكن لا بد من الحرص على تربية أبناءك التربية التي تضمن انصهارهم في المجتمع وخدمة بلدهم في المستقبل. 2 اعتبار تواجدك في بلاد الغرب مؤقتا، تقتنع به، وتقنع به أبناءك، وتهيئهم نفسيا لقبول فكرة الرجوع إلى البلاد للمشاركة في خدمتها ونهضتها أما فكرة الاستقرار وتحول المهاجرين إلى فكرة بيع منازلهم، وشراء أخرى هناك كارثة تستدعي التوقف والتدبر كثيرا. 3 الحفاظ على الدين مع إقامة الشعائر في وقتها، فهو رأسمالك، ولا تغرنك الدنيا وبهرجتها، وتقضي جل أوقاتك تحلم بترقية مستواك المادي يوما بعد يوم. 4 تفعيل دور المنزل، مملكتك الصغيرة اجعلها قبلة تقيم فيها الصلاة وتربي فيها النشء وتصنع فيها مكتبة تستقبل فيها أسبوعيا المؤمنين لتدارس أمر الدين. 5 الاهتمام بتنشئة الأبناء التنشئة الإسلامية. وذلك بتحفيظهم سور القرآن القصار الضرورية لإقامة الصلاة بإدخالهم إلى المركز الإسلامي أو المسجد أو غيره، تستعين على ذلك بالأشرطة ،المسجلة وغيرها. 6 تعليمهم الآداب الإسلامية (الأكل الشرب اللباس ،النوم الخلاء..) 7 التعاون مع الزوجة على هذه المسؤولية. 8 الانخراط في الدعوة ما أمكن بعد تعلم الدين في إطار جلسات مع المؤمنين وحضور دروس العلماء المقامة هناك. 9 احذر من الزواج من نصرانية أو فاسقة، فالزوجة المتدينة عون لك على النجاة والأمان. هذا كله لا ينفي وجود طائفة تتحرق لرؤية حال المسلمين في تحسن فمن الآباء من استطاع ليس فقط أن يحافظ على دينه ودين أبنائه، بل وفق بفضل الله تعالى إلى تربية أبناءه، فحفظوا القرآن كله، وأقبلوا على تعلم الشريعة وقد ولدوا هناك...(...)والحمد لله رب العالمين.