بدأ ملف ما يسمى بالسلفية الجهادية يثير عدة ردود أفعال على الصعيد الدولي، بحيث أن بعض الدول كشفت عن وجهها البغيض إزاء التطورات التي يعرفها هذا الملف، فقد أكدت بعض الصحف الإسبانية والجزائرية الصادرة يوم الإثنين الأخير أن اكتشاف هذه الشبكة يفنذ الصورة التي كان المغرب يبرز بها كبلد "مسالم" بعيد عن أخطار الاتجاهات الفكرية المنحرفة المتطرفة وقالت بعض الصحف الإسبانية أن هذه الشبكة السلفية التي تعتمد خط ؛الجهاد" ضد السلطات تعد الامتداد الفكري والمنهجي للجماعة الإسلامية في الجزائر! بل أكثر من ذلك، تبرز هذه الصحف أن هذا التيار "الجهادي" بدأ يقوم بعمليات منظمة ضد المواطنين مما يشكل بالنظرة العامة للسمعة الطيبة للمغرب في المجال الأمني تحولا خطيرا ولا تخفي هذه الصحف الإسبانية شكها في أن تكون المخابرات الجزائرية وراء هذه الجهات! فالجزائر التي طالما عملت في الخفاء وفي العلن توضح هذه الصحف لأجل دعم البوليزاريو كأداة تسخرها لايجاد منفذ نحو الأطلسي طوال السنوات السبع والعشرين الماضية، لا تدخرجهدا في أن تشغل المغرب عن قضاياه الكبرى بمثل هذه المحاولات، خاصة وأن السلطات الجزائرية تتخوف من إيجاد حل قريب لمشكل الصحراء المغربية اعتمادا على الطرح الذي قدمه المغرب والذي تدعمه الولاياتالمتحدة، بحيث أنه يرتكز على منح سلطات موسعة للزقاليم الجنوبية مقابل احتفاظ المغرب بالسيادة عليها، وهو طرح ترفضه الجزائر بقوة، الوجه الإسباني سيبدو أكثر قبحا وخبثا حينما ستدعي إحدى هذه الصحف أن هذا التيار المكتشف من المحتمل أن يكون قد خطط للاعتداء جسديا على جلالة الملك أي أنه حاول القيام بالدور الذي فشل فيه أصحاب الانقلابات السابقة ضد الملكية وتزعم هذه الصحف أن جهاز المخابرات (DST) ليتخذ إجراءات أمنية مشددة في كل ظهور علني لصاحب الجلالة! الجزائر التي ستحتضن لقاءا دوليا حول "الإرهاب" ابتداءا من السادس والعشرين وحتى الثامن والعشرين من أكتوبر المقبل، عبر بعض فاعليها السياسيين عن نفس الأفكار التي اتجهت إليها الصحف الإسبانية. في هذا السياق أوضحت هذه المصادر الجزائرية أن المغرب أصبح بدوره مهددا بدائرة "الإرهاب" التي طالما افتخر" على جيرانه بأنه في أمان منها، وهكذا أبرزت بعض الصحف الجزائرية أن سلطات الأمن المغربية اكتشفت خلية "إرهابية" تدعى "التوحيد" (!!!)، بحيث تؤكد أنه تنظيم يتشكل من عناصر سبق لها أن شاركت في الجهاد الأفغاني، وتبدو أكثر اقتناعا بضرورة "الجهاد" لإصلاح المجتمع متخذة في سبيل ذلك جميع الوسائل، وهي تؤكد أن هذا التنظيم قام بعدة عمليات اعتداء على مواطنين مغاربة، تحت هذه الذريعة موضحة أن تكرار مثل هذه الاعتداءات يبرز بجلاء أن "التيار الإسلامي" المغربي بدأ >يظهر على حقيقته< التي طالما أخفاها وراء ادعاءاته بالاعتدال! و يتضح من خلال ذلك أن نفس الرؤية توحد بين كل من هذين البلدين "الجارين"، وبالتالي يبرز بوضوح الخيط الجامع بينهما، فكلا البلدين له مصالح في جعل المغرب ينشغل بقضايا "مزعومة" عن قضاياه الكبرى والتي تؤرق هذين " الجارين"، ذلك أنهما وكما سبق وأن أوضحت ذلك بعض التحاليل بتضخيمها للأحداث يحاولان دفع السلطات المغربية إلى التعامل بالسياسة الأمنية الشرسة مع هذه المجموعات، لخلق حالة من الاضطراب والفوضى في المغرب كتلك التي في الجزائر أو التي في إسبانيا ذاتها. هذا التوجه تؤكده المبالغة في تقييم آثار الأحداث بل وربطها مباشرة بالتهديد المباشر لشخص الملك! وهو توجه يفتقد إلى أدنى المقومات الموضوعية والتي تؤكد أن ما يقع هو حالات فردية تكاد لا تظهر لولا هذه العين المجهرية" التي تسلط عليها كل الأضواء لخدمةأهداف ضيقة منحطة. ومن المعلوم تاريخيا أن التيار الإسلامي كان دائما عنصر استقرار داخل المغرب، عكس بعض التيارات التي طالما شكلت تهديدا حقيقيا للسلطة المركزية. والأكيد حسب بعض التحاليل، أن ضرب التيار الإسلامي بصفة عامة وخلق الفوضى وتشويه سمعته بخلق الأكاذيب عنه، هو أعلى الإمنيات التي يتمنى الأعداء وقوعها حتى يجدوا الطريق مفتوحا أمامهم لتحقيق مصالحهم الذاتية،هذه الفوضى ستحرم التيار الإسلامي من الحصول على تمثيلية مهمة داخل البرلمان. وقد عبرت عن ذلك صراحة في كتاباتها التي دعت فيها سلطاتها الرسمية إلى "مساعدة" المغرب للحفاظ على استقراره، مضيفة أن هذا "الاستقرار" هو الخيار الوحيد الذي يخدم المصالح الأوروبية بالخصوص. وتركز بعض الاتجاهات السياسية في اسبانيا بشكل خاص اهتمامها في ضرورة منع ما تسميه الخطر الأصولي من دخول مراكز القرار لأنه يشكل تهديدا خطيرا لمصالحها، وهي بذلك تدعو صراحة إلى خلق حالة من الصراع بين السلطةوأنصار هذا التيار، الشيء الذي لا يخدم مصالح المغرب في شيء، بل على النقيض من ذلك تماما، يخدم مصالح أعداء وحدتنا الترابية. تجدر الإشارة إلى أن الجارة الشمالية سبق وأن عبرت في العديد من المناسبات عن تخوفها مما تسميه بالمد الأصولي بالمغرب "وحذرت" السلطات المغربية دوما من أن طريقة تعاملها الحضارية مع ؛الحركة الأصولية" سيكون وبالا عليها. وقد حاولت الجارة الشمالية وكذلك الجزائر وتونس وغيرها من الدول العربية جر المغرب إلى دائرة التعامل الأمني الضيق مع تسمية هذه الدول "بالإرهاب الأصولي" من خلال عدة لقاءات سواء، في اجتماع فالينسيا لدول الشراكة الأورومتوسطية، أو اجتماعات وزراء الداخلية العرب.. ومما لا شك فيه أن الخصوم التقليديين للمغرب يأملون في أن يتخلى هذا الأخير عن ركب التنمية ويدخل في فوضى تخدم مصالحهم، الشيء الذي يفرض وجود حالة من التكاثف والتفاهم لإحباط هذه المحاولات المعادية للمغرب، بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية من جانب، والسلطات الرسمية المسؤولة من جانب آخر. أحمد حموش