توج المسار الديموقراطي، الذي قدم الشعب التونسي تضحيات عظيمة لإرسائه والحفاظ عليه، بانتخاب رئيس الجمهورية في أول انتخابات أجمع المراقبون والأطراف المشاركة فيها على كونها أنزه انتخابات عرفتها تونس. وبانتخاب الباجي قائد السبسي رئيسا للجمهورية تكون تونس قد دخلت مرحلة جديدة عنوانها الكبير مطلب الوفاء لثورة 14 يناير، التي أطاحت بنظام بن علي. وفي هذا السياق سيكون الرئيس الجديد أمام امتحان ديموقراطي كبير، أعلن هو نفسه عنه، عنوانه الكبير ما وعد به في أول تصريح له إثر إعلان فوزه بالانتخابات ب"ضمان عدم رجوع الاستبداد الى تونس وبالحفاظ على حرية الصحافة الوليدة في البلاد التي تأمل استكمال مسارها نحو ديمقراطية كاملة". السبسي يتحمل مسؤولية كبيرة في تحقيق مطالب الوفاء لثورة 14 يناير، والتي على رأسها القطع مع الاستبداد والتحكم والاقصاء، وهو ما ترجمه دستور ما بعد الثورة حين أعطى صلاحيات واسعة للبرلمان ولرئاسة الحكومة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية وذلك خوفا من عودة استبداد الرئيس. إن أهم سمات تونس ما بعد الثورة هي تغليب مصلحة الوطن، والتوافق والتشارك، وهي عنوان الخيار الذي قاد تونس طيلة مرحلة الانتقال التي عرفت هزات سياسية كبيرة كان تقديم التنازلات لصالح الوطن طوق النجاة الذي أخرجها من دوامة الصراع السياسي والايديولوجي المبني على الحسابات السياسوية الضيقة، إلى بر الأمان. إن التحديات التي تواجه تونس اليوم، تتمثل في "المديونية الكبيرة، والنمو الاقتصادي الضعيف، والبطالة المرتفعة، والقدرة التنافسية (الاقتصادية) المتدهورة، والأمن المهدد بشكل كبير". ولا تتعلق بالمطلق بالتعدد والتنوع السياسي والايديلوجي. والسؤال الكبير المثار اليوم هو: هل سينجح السبسي في إدارة تونس الثورة، تونس التعدد، تونس الحريات، بعد نجاحه في صناديق الاقتراع؟