يعتبر الادخار صمام أمان للأسر ضد التوتر والقلق مما يخبئه المستقبل، ولهذا تحتاج الأسر إلى دورات تكوينية حول كيفية الادخار الذي يرتبط ارتباطا وطيدا بكيفية تدبير ميزانية الأسرة. وتختلف طرق الادخار لكنها تصب جميعا في كون الأسرة التي تعتمد الادخار يمكنها أن تطبق مشاريعها المستقبلية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وفي ظل ضغط متطلبات الحياة. وفي الوقت الذي يميل البعض للادخار رغم قلة المداخيل فإن البعض الآخر يعمل بمقولة "اصرف ما في الجيب حتى يأتيك الغيب". فما هي فوائد الادخار وما هي طرقه؟ حبيبة أوغانيم لا للادخار الحسنية موظفة وزوجها موظف وهي أم لبنت لا تؤمن بفكرة الادخار وصرحت ل "التجديد" بالمناسبة: "بصراحة أنا وزوجي فاشلان في هذا الموضوع، ولانحب إلزامنا بهذا الموضوع، ويعجبنا أن نعيش حياتنا بدون تفكير في جمع الأموال والادخار وحين تكون هناك مناسبة نتدبر الأمر عن بعد، ودائما نناقش الأمر وقلنا إن الأصل أن نعيش الحياة دون أن نبقى نتعارك مع النقود ويمر العمر منا، هذا بالإضافة إلى المعيشة في الرباط غالية والتزاماتنا يصعب علينا معها الادخار". أهمية التخطيط فاطمة ربة بيت وزوجها أستاذ التعليم الثانوي تؤمن بأهمية التخطيط وعدم الإسراف لأجل الادخار وعن تجربتها قالت: "قضينا فترة في سلطنة عمان وهناك استطعنا جمع النقود لأن الراتب هناك أحسن من المغرب وبفضل الله تعالى ثم بفضل سياسة عدم الإسراف اشترينا بيتا في فاس، ليس كل من ذهب إلى عمان استطاع أن يشتري بيتا بسبب سوء التدبير، لكن من كان يخطط ولا يبذر استطاع شراء بيت". واستدركت فاطمة لتوضح: "عدم الإسراف لايعني أن الواحد يكون بخيل على نفسه، ولكن الواحد يحسن التخطيط لا ضرر ولا ضرار، المهم ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك". إن الأسر إذن تحتاج إلى التوعية بأهمية الإدارة المنزلية لعدة أسباب، من أبرزها: غياب التخطيط في شتى النواحي، لاسيما أن التخطيط للمورد المالي يسوده الارتجالية والإسراف والعشوائية في الإنفاق، فضلاً عن عدم الاهتمام بوضع الميزانية، وقلة الوعي بطريقة وضعها، وعدم الاهتمام بالتخطيط للمستقبل، وخاصة مرحلة التقاعد. وكل فرد وأسرة، بل والمجتمع بأسره، يحتاج إلى تحديد الأهداف والتخطيط والتنظيم والتوجيه. "دواير الزمان" نجاة موظفة أم لولد وبنت أمضت سنوات في الحياة الزوجية لا تكترث لموضوع الادخار مثل زوجها لتكتشف بعد حين أن زوجها على صواب وصرحت ل "التجديد" بالمناسبة: "من وجهة نظري أرى أن ادخار ولو جزء قليل من الراتب ضروري رغم ارتفاع مستوى المعيشة والزيادة في الأسعار. وانطلاقا من تجربتي كان زوجي (شفاه الله) يحرص على ادخار مبلغ بسيط كل شهر تحسبا لأي طارئ من وجهة نظره وكان لا يصرف هذا المبلغ إلا إذا دعت الضرورة لذلك، وكان يقول دائما إنه (لدواير الزمان) وشاءت قدرة الله أن يدور الزمن دائرته علينا ويمرض مرضا مزمنا وكان هذا المبلغ الذي ادخره هو الذي التجأت إليه للقيام بجميع الفحوصات والتحاليل ولله الحمد لم أحتج إلى الاقتراض. بالنسبة لي كان على العكس تماما كنت أعمل بمقولة (اصرف ما في الجيب حتي يأتيك الغيب) لكن الآن اقتنعت أنه على الطريق الصواب وأحاول قدر الإمكان أن أوفر مبلغا مهما كان بسيطا". القرعة البعض يسميها "دارت" والبعض الآخر يسميها "القرعة"، والمراد واحد هو أن مجموعة من الناس يتناوبون على أخذ مجموع أقساط من المال يساهم كل فرد بنصيبه وتكون دوريتها إما شهرية أو أسبوعية وتختلف أسهم المشاركين حسب ما اتفقوا عليه وحسب مستواهم الاجتماعي، تنتشر بين ربات البيوت كما تنتشر بين الموظفين تساعد المستفيدين منها على تفادي الديون أو التعامل الربوي للأبناك. (ك.م) موظفة لا تكاد تنتهي من قرعة حتى تنخرط في أخرى لأنها تجد فيها معينا على قضاء عدة أغراض فمن مال القرعة أدت مناسك العمرة ومنها أنفقت على حفل عرسها وعلى عقيقات أبنائها، صرحت ل "التجديد" أن "القرعة" هي البنك الإسلامي الرفيع الذي لا يأخذ منها فوائد، كما أنها الملجأ الذي لا يتركها تستدين من أشخاص قد يحرجونها في حياتها بطلب حقهم، وأضافت: "إني أسعد بالقرعة لأنها تجعلني في غنى عن الناس وتساعدني على جمع المال بل وادخاره، فبعد أن أديت العمرة وقضيت أغراض شخصية أفكر الآن في استثمار القرعة للادخار لمستقبل أبنائي". أمين المزيان،مدرب في التنمية البشرية : الادخار يؤمن للأسر حالة من الاطمئنان النفسي تعريف الادخار في اللغة يعني التوفير للمال والاحتفاظ به لحاجة مستقبلية وروى البخاري ومسلم حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "كلوا وأطعموا وادخروا". ووردت كلمة الادخار على لسان عيسى عليه السلام في سورة آل عمران في قوله تعالى: "وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم". ويتعلق موضوع الادخار بوضع ميزانية للأسرة إذ أن الادخار هو الفائض الذي يحصل بعد أن ننقص النفقات من المداخيل. وعن أهمية الادخار يقول أمين المزيان: "إنه يحسن معيشة الأسرة ويحفظها ويؤمن مستقبلها، ويساعد على تحقيق أهدافها المستقبلية بعد أن كانت خططت لذلك، وهنا يجب على الأسرة أن تخطط لمستقبلها، كما يجب أن يشارك جميع أفراد الأسرة في الادخار". وأوضح المستشار أمين المزيان في حديثه ل "التجديد"، أن هناك عددا من طرق الادخار ذكر منها ما يسمى بترشيد النفقات عبر الإقلال من المصروفات ويتم ذلك عن طريق الانتقال من الشراء اليومي إلى الشراء الأسبوعي، والنقص من استهلاك الماء والكهرباء وكثرة الاتصالات، وهذا يتعلق بالتربية وباستحضار الأبناء في هذه العملية. ومن طرق ترشيد الاستهلاك الحد من الشراء الاستهلاكي واعتماد الضروريات خلال التسوق، كما يستحب الاقتصاد في التغذية عبر اعتماد الجودة بدل الكثرة وتجنب كثرة الأكل خارج المنزل. وذكر أمين المزيان من طرق الادخار توزيع الدخل وتخصيص 25 في المائة للادخار و25 في المائة للطوارئ من قبيل المرض أو غيرها ومحاولة التوفير مما تبقى من مصاريف النفقات اليومية. وأشار المتحدث إلى أن هناك دورات تكوينية تنظم حول ميزانية الأسرة ومنها ما يستفيد منها المقبلون على الزواج حتى يتفادوا مشاكل يستعصى حلها وقد تنتهي بالطلاق. وعن طريقة الادخار عبر ما يسمى ب "دارت" أو "القرعة" يقول المزيان إنها طريقة جيدة لادخار المال ويجب على أفراد الأسرة أن يعلموا أهميتها وأنها وإن كانت تقتطع جزءا من مداخيل الأسرة فإنها تجمع لتستفيد منها الأسرة حين يأتي دورها. وهذه الطريقة يعتمدها البعض لجمع الأموال وادخارها لمشاريع مستقبلية مختلفة حسب كل أسرة. وخلص المزيان إلى أن الادخار يؤمن للأسر حالة من الاطمئنان النفسي، بعيدا عن القلق بسبب العوز الذي طالما كان سببا في توتر الأسر في حالة العوز المالي وعدم انسجام أفرادها لعدم اليقين بما قد يحدث مستقبلا. ولا بد من التذكير بأن التبذير والإسراف يعرض الأسر للفاقة وللعجز في التصرف والحاجة المستقبلية للإنفاق على الضرورات.. كما أن الله عز وجل في محكم كتابه المجيد، وفي عشر آيات كرام ذَم ّالإسراف والمسرفين، وكان أوضحها في سورة (الأنعام) إذ يقول الله عز من قائل (... ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وفي سورة (الأعراف) نقرأ (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).