وضعت وزارة العدل و الحريات السنة الجارية (2014) اللبنات الأولى لتنزيل بنود ميثاق إصلاح منظومة العدالة من خلال الشروع في وضع النصوص القانونية المجسدة لهذا التنزيل، ولهذه الغاية وتنزيلا لآليات الهدف الرئيسي الأول من الميثاق المتعلق بتوطيد استقلال السلطة القضائية، وكذا الهدف الرئيسي الثاني المتعلق بتخليق منظومة العدالة تم وضع مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، وتنزيلا لآليات الهدف الرئيسي الثالث من الميثاق المتعلق بتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات تم وضع مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية والاشتغال على إنجاز مسودة مشروع القانون الجنائي، وتنزيلا لآليات الهدف الرئيسي الرابع المتعلق بالارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء تم وضع مسودتي مشروع التنظيم القضائي وقانون المسطرة المدنية. وحسب التقرير الذي قدمته وزارة العدل والحريات أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، بمناسبة تقديم مشروع الميزانية الفرعية برسم السنة المالية 2015، اتخذت الوزارة مجموعة من التدابير على مستوى تحديث المنظومة القانونية، ووضع سياسة جنائية فعالة وناجعة مع الحرص على التتبع والإشراف على سير الدعوى العمومية، كما عملت على استكمال إعداد العديد من الأوراش التشريعية لمشاريع القوانين ذات الصلة بمجال العدالة الجنائية بهدف تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات ومراجعة السياسة الجنائية وإصلاح سياسة التجريم والعقاب، بما يعزز ضمانات المحاكمة العادلة ويرتقي بأداء العدالة الجنائية. سنتوقف عند أهم التدابير التي أعدتها وزارة العدل و الحريات السنة الجارية في مجال العدالة الجنائية من أجل تنزيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة. مشروع قانون المسطرة الجنائية وضعت وزارة العدل و الحريات مسودة مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، تضمنت ضمن طياتها مجموعة من المستجدات الهامة، شكلت-حسب تقرير للوزارة- ثورة حقوقية في مجال تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة والارتقاء بأداء العدالة الجنائية، وفق ما أقرته المبادئ والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودستور المغرب. ومن بين أهم المستجدات التي تضمنتها المسودة، تأكيد مجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة خاصة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث تم التنصيص على ضرورة مراعاة مبادئ المساواة أمام القانون والمحاكمة داخل أجل معقول واحترام حقوق الدفاع وضمان حقوق الضحايا والمتهمين واحترام قانونية الإجراءات وخضوعها لمراقبة السلطة القضائية ومراعاة مبادئ الحياد وسلامة ونزاهة الإجراءات المسطرية والحرص على حقوق الأطراف خلال ممارسة الدعوى العمومية، بالإضافة إلى مراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية، من خلال التضييق من حالات اللجوء إليها باعتبارها تدبيرا استثنائيا لا يمكن اللجوء إليه إلا في حالات محددة، وكذا وضع العديد من التدابير والإجراءات التي يتوخى منها مراقبة ظروف الوضع تحت الحراسة النظرية وضمان حقوق الأشخاص المودعين واحترام كرامتهم وإنسانيتهم، وكذا الحد من كل عمل تعسفي أو تحكمي قد يلحق بهم، أو من شأنه المس بسلامتهم الجسدية، أو حرمانهم من الحقوق المخولة لهم قانونا وفق ما أقرته المواثيق الدولية ودستور المملكة. وأقرت المسودة بضرورة ترشيد الاعتقال الاحتياطي، بوصفه تدبيرا استثنائيا، وذلك من خلال وضع ضوابط قانونية له، والقيام به وفقا لمعايير أكثر دقة، بالإضافة إلى تقليص مدده وتعليل قراراته، ووضع آليات للوقاية من التعذيب، من شأنها إضفاء مزيد من الثقة على الإجراءات التي تباشرها الشرطة القضائية، ولاسيما خلال فترة الحراسة النظرية. وعملت الوزارة على تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، من خلال وضع آليات إضافية تمكن السلطات القضائية من مراقبة وإشراف فعال على عمل الشرطة القضائية، تعزيز حقوق الدفاع، بمكتسبات جديدة سواء خلال مرحلة البحث والتحري أو التحقيق أو المحاكمة، ولضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها، أكدت المسدة على ضرورة وضع أساليب أخرى لحل المنازعات تتميز ببساطة وسهولة الإجراءات، وتبسيط المساطر المنصوص عليها وتجاوز الانتقادات الموجهة إليها، بالإضافة إلى اعتماد الوسائل العلمية والتقنية في الإجراءات، في إطار استثمار التطور التكنولوجي والمعلوماتي في مجال تحديث آليات العدالة الجنائية، وإعادة النظر في بعض قواعد الاختصاص، في إطار تحقيق النجاعة القضائية والارتقاء بأداء مؤسسات العدالة الجنائية. المسودة توقفت أيضا عند تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة، من خلال تمكين آليات العدالة الجنائية من اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحة الجريمة، والعناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية، من خلال إقرار مجموعة من المستجدات الحمائية المعززة لمركز الضحية في سائر مراحل الدعوى العمومية، ناهيك عن تعزيز التدابير الرامية إلى حماية الأحداث، من خلال تفريد عدالة الأحداث بمعالجة حمائية خاصة تراعي طبيعة هذه الفئة تماشيا مع ما أقرته شريعتنا السمحاء والشرعة الدولية في هذا الصدد، وضع عدة مستجدات على مستوى طرق الطعن. مشروع القانون الجنائي تنكب وزارة العدل والحريات على تحضير مسودة مشروع تعديل القانون الجنائي وفق ما أقرته توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، الوزارة -حسب تقريرها- ستعمل على مراجعة شاملة تهدف إلى إصلاح سياسة التجريم والعقاب وملاءمة أحكامه مع مبادئ الدستور والاتفاقيات الدولية، حيث تنكب لجنة محدثة على مستوى هذه الوزارة لإنهاء صياغة المسودة في أفق عرضها للنقاش العمومي في نهاية هذه السنة. مشروع قانون المرصد الوطني للإجرام أعدت وزارة العدل والحريات مشروع قانون يتعلق بإحداث مرصد وطني للإجرام وفق منظور يراعي تعددية مكوناته بشكل يجعله أكثر انفتاحا على مختلف القطاعات الحكومية ومؤسسات البحث العلمي و المؤسسات الوطنية. ويشكل هذا المرصد -حسب نفس التقرير- إطارا مؤسساتيا لرصد وتتبع تطور مؤشرات الجريمة على المستوى الوطني واقتراح السبل الكفيلة بالوقاية والحد من مخاطرها والمساهمة في رسم معالم السياسة الجنائية، ومن بين المهام التي ستناط بالمرصد القيام برصد تطور الجريمة وتحليل أسبابها وجمع المعطيات الإحصائية المتعلقة بها بتعاون وتنسيق مع باقي الجهات القضائية والإدارية والأمنية ووضع مؤشرات تطورها، والقيام بالأبحاث والدراسات التي من شأنها الوقاية والحد من مظاهر الجريمة واقتراح الحلول الكفيلة بتحقيق هذه الغايات ورفع توصيات بذلك إلى وزير العدل و الحريات. المرصد سيقوم بالدراسات السوسيو جنائية حول حالة العود واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها، كما سبدي رأيه حول مشاريع النصوص التشريعية الجنائية، بإعداد قاعدة بيانات خاصة بالمعطيات الإحصائية الخاصة بالجريمة، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الباحثين والمهتمين في مجال العلوم الجنائية، ونشر الأبحاث والدراسات الجنائية. ولضمان التنسيق بين برامج القطاعات الحكومية المعنية بمكافحة ظاهرة الجريمة، سيقوم المرصد بإعداد تقرير سنوي يضمنه خلاصة أعماله والتوصيات التي يقترحها، يحال على رئيس الحكومة حتى يتم ضمان تنسيق الجهود وتحقيق الاندماج في تدخلات وبرامج القطاعات الحكومية المعنية بهذه الظاهرة، ومن أجل انفتاح المرصد على محيطه الخارجي سيتم وضع خلاصات أبحاثه رهن إشارة العموم والمهتمين. مشروع قانون تنظيم الطب الشرعي لم ترق الوضعية الحالية لمنظومة الطب الشرعي بالمغرب بعد إلى المستوى الذي يؤهلها للعب الدور الكبير المنتظر منها لترسيخ أسس العدالة الجنائية، لذلك بقيت آفاقه مرتبطة بآمال الاهتمام بهذا القطاع من خلال وضع إطار تشريعي وتنظيمي يحكمه ويجعل منه ركيزة من ركائز الإصلاح الشامل والعميق للعدالة، ولهذه الغاية أعدت وزارة العدل و الحريات في إطار المخطط التشريعي للحكومة، مشروع قانون ينظم ممارسة الطب الشرعي روعي في فلسفته استحضار التوصيات والمقترحات التي تمخضت عن الندوة الجهوية الخامس بمدينة فاس حول موضوع "تحديث السياسة الجنائية و تطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة"، والمواثيق الدولية ذات الصلة بالموضوع، في مقدمتها، دليل الأممالمتحدة للتقصي والتوثيق الفعالين في الجرائم المتعلقة بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، إضافة إلى التشريعات و التجارب المقارنة. سعى مشروع هذا القانون -حسب تقرير الوزارة- إلى وضع إطار قانوني متكامل لممارسة الطب الشرعي باعتباره أحد المهن المساعدة للقضاء، من خلال تحديده للجهات الطبية المخول لها ممارسة هذه المهام عن طريق تحديد المقصود بالطبيب الشرعي وتحديد اختصاصاتها و حقوقها وواجباتها، كما حدد أيضا كيفيات انتداب الطبيب الشرعي والجهات المخول لها انتدابه، بالإضافة إلى تنظيم العلاقة بين هذه الأطراف وتحديد معايير إنجاز تقارير التشريح الطبي وفقا لما هو متعارف عليه دوليا كما خول مشروع هذا القانون للأطباء المتخصصين في الطب الشرعي، التسجيل المباشر بجداول الخبراء القضائيين بمحاكم الاستئناف وهو ما سيؤدي إلى الرفع من جودة الخبرات القضائية التي سيتم إنجازها في إطار هذا التخصص الطبي، وتوفير الأطر البشرية المؤهلة والمتخصصة لتكون في خدمة العدالة. اعتبرت الوزارة أن وضع إطار قانوني لممارسة الطب الشرعي، لا يمكن أن ينهض وحده بهذا التخصص الطبي لكي يكون في خدمة العدالة الجنائية إذا لم يتم وضع إطار تنظيمي مصاحب له، وهو ما تم استحضاره في مشروع هذا القانون، حيث تم لهذا الغرض إحداث وحدات للطب الشرعي بالمستشفيات الجامعية و الجهوية و الإقليمية يمارس بها الأطباء مختلف مهام الطب الشرعي. ولتأطير ممارسة هذه المهام وتوحيد طرق ممارسة مهام الطب الشرعي ببلادنا والرفع من مستوى العاملين به، نص مشروع هذا القانون على إحداث معهد وطني للطب الشرعي يتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي، يهدف إلى تنظيم عمل الطب الشرعي ووضع المعايير العلمية والمهنية لممارسته، وتأطير الأطباء الشرعيين وإعداد تقارير سنوية عن ممارسة الطب الشرعي ورفع التوصيات الكفيلة بالرفع من مستواه إلى الجهات الحكومية المختصة. كما حاول مشروع هذا القانون وضع مقتضيات قانونية كفيلة بإعطاء مصداقية أكبر للشواهد والخبرات الطبية التي تعرض على القضاء في إطار النزاعات التي يبت فيها، وهو ما سيساهم في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، ولتمكين أطباء الطب الشرعي من ممارسة مهامهم بكامل التجرد والاستقلالية، جاء مشروع القانون بمقتضيات زجرية حمائية لفائدة هذه الفئة. مشروع قانون حول بنك وطني للبصمات الجينية من أجل تقنين استعمال البصمة الجينية في القانون المغربي، بما يخوله ذلك من إمكانية استخدامها في البحث الجنائي واعتمادها كأداة إثبات في المادة الجنائية من طرف القضاء، تعمل وزارة العدل و الحريات على تهييئ مشروع قانون حول "بنك وطني للبصمات الجينية"، يهدف إلى وضع إطار قانوني يسمح باستعمال البصمة الجينية في المادة الجنائية؛ تحديد حالات استخدام البصمة الجينية، تحديد الجرائم التي يتم اللجوء بشأنها للبصمة الجينية، تحديد الأشخاص الذين يتم أخذ عيناتهم الجينية، تحديد الطريقة التي يتم بها أخذ العينات الجينية للأشخاص، أنواع العينات الجينية التي يمكن أخذها، تحديد المدة التي سيتم فيها الاحتفاظ بالصمات الجينية، ووضع إطار قانوني للسجل المركزي للبصمات الجينية.