أكد الدبلوماسي المغربي المهدي ميمون، أن مستقبل المغرب وشركائه في إفريقيا. واستعرض المتحدث الإنجازات التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، والمتمثلة في وجود 26 سفارة بإفريقيا، ووجود علاقات اقتصادية للمغرب أسست على مستويات متعددة مع أزيد من 40 دولة بمجموع يزيد عن 600 اتفاقية مختلفة، ووجود خطوط جوية تربط المغرب ب25 عاصمة وأزيد من 30 خط جوي، بالإضافة إلى وجود فروع للأبناك المغربية في 20 بلدا إفريقيا، وتموقع المغرب كثاني مستثمر بإفريقيا بعد جنوب إفريقيا، وتطور معاملاته التجارية بمعدل سنوي يصل إلى 13 بالمائة في غضون العشر سنوات الأخيرة، بالإضافة إلى احتضان المغرب لأزيد من 15 ألف طالب إفريقي نسبة كبيرة منهم ممنوحين، ووجود فروع للعديد من مقاولات البناء والتأمين والمناجم وغيرها، داعيا إلى المزيد من العمل ومضاعفة الجهود من أجل تثمين الموجود، واستشراف آفاق أخرى تتيحها القارة، خصوصا أن الإرادة السياسية اليوم موجودة. وأشار السفير السابق الناشط في المنتدى الدبلوماسي المغربي، والمهتم بقضايا الدبلوماسية الاقتصادية، في مداخلته حول "العلاقات المغربية الإفريقية" خلال يوم دراسي انعقد الجمعة الماضية بالرباط، (أشار) إلى تدخل المغرب الفعلي على المدى الطويل والمتمثل أساسا في تكوين الأئمة، معتبرا إياه استثمارا مستقبليا من أجل جيل يؤمن بالتسامح والاعتدال والقبول بالآخر، مؤكدا أن هذا النوع من التدخل يدعم التدخلات الآنية ولا يلغيها، مشددا على دعمه وإيمانه بضرورة الدبلوماسية الاقتصادية بمقاربة واقعية دون تشاؤم مفرط ولا تفاؤل مبالغ فيه. واقترح المتحدث مجموعة من الإجراءات التي اعتبرها ذات مردودية في مجال يعرف المنافسة، مثل مساعدة المقاولات المغربية على إيجاد شبكة تسويق، إنشاء صندوق للتنمية إفريقيا ببعد اجتماعي يوجه لتمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالساكنة مباشرة، موضحا أن مثل هذه الإجراءات على بساطتها تسهم في تأخير الهجرة، بالإضافة إلى التركيز على التكوين المهني من أجل يد عاملة محلية مؤهلة، وتطوير بدائل بالقطب المالي للدار البيضاء، والاعتماد على الرأسمال اللامادي وتثمين وتقوية الشراكة على أساس رابح-رابح ، منبها إلى أن المغرب يجب ألا يعيد أخطاء القوى الكلاسيكية بالمنطقة وألا يدخل في منافسة مع الكبار. وذكر الدبلوماسي المغربي أنه في العلاقات الدولية عندما يسير الاقتصاد كل الأمور تتبعه، مؤكدا أن المسار ليس سهلا لأسباب خاصة بإفريقيا، ولأسباب خاصة بالمغرب أيضا، وأن الوصوال إلى هذا المستوى سيكون طويلا مادامت الانتظارات كبيرة والمنافسة قوية. فرص واعدة من جانبه، أكد هشام حفيظ أستاذ وباحث بمؤسسة الدراسات الإفريقية، أن إفريقيا جنوب الصحراء اليوم تشكل فاعلا جيو سياسيا مهما تزخر بثروة طبيعية وبفرص استثمارية واعدة، مشيرا إلى أن 10 بالمائة من احتياطات البترول العالمية توجد بإفريقيا، وتشكل سوقا مفتوحة مهمة باعتبار ارتفاع الطبقة المتوسطة، والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تعرفها. وأضاف في معرض مداخلته "أية أفاق للشراكة العلاقات المغربية الإفريقية"، أن التحولات التي يعرفها العالم غيرت المفاهيم حول كون إفريقيا قارة الفقر، مشيرا أنها اليوم تشكل قطب مهم يستقطب قوى جديدة، بالإضافة إلى القوى الكلاسيكية ، وهذا يتطلب -حسب المتدخل- استراتيجيات جديدة مبنية على التعاون جنوب-جنوب. وأكد الباحث في القضايا الإفريقية، أنه بالنظر إلى بنية المبادلات التجارية التي تربط المغرب بإفريقيا فإن النتائج ليست في مستوى الفرص التي يمكن أن يضطلع بها المغرب الذي يمتاز بإيجابيات مقارنة مهمة، الانتماء الإفريقي، وجهود الدبلوماسية الاقتصادية. وتابع المتحدث أنه بالنظر إلى النموذج التنموي المغربي يمكن اعتباره فاعلا إفريقيا مؤهلا لأن يلعب دورا أكبر في تطوير العلاقات جنوب جنوب، ومؤهل لأن ينسج علاقات ذات أبعاد متعددة اقتصادية واجتماعية وأمنية جنوب الصحراء ليس فقط بقرار سياسي وإنما بفعل واقعي. واستعرض المتحدث خلال مداخلته تطورات التبادلات التجارية بين المغرب وإفريقيا، مستنتجا أن العرض التصديري المغربي غير كافي، بالنظر إلى اعتماده على المواد التقليدية غير ذات قيمة مضافة كبيرة، كالمواد الغذائية على عكس الواردات التي تهمين عليها الطاقة، ودعا الفاعلين إلى البحث عن علاقات شراكة مع الخليج ، و الدول الأوروبية من أجل توسع أكبر، معتبرا أن التحدي اليوم هو ضبط ومواكبة التوسع الذي تعرفه القارة وملاءمة العرض مع الاحتياجات. وأشار إلى مشكل التمويل، ومعدلات "الأبنكة" الضعيفة ، مشددا على أن المغرب يجب أن يتمكن من تمويل بعض المشاريع بإفريقيا خصوصا المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، ومؤكدا أن تحدي التمويل يطرح إشكالات الشراكات ، ونادى بضرورة توسيع الدبلوماسية الموازية باعتماد الدبلوماسية الثقافية والدينية مشيرا أن المغرب يعتبر نموذجا في بعده الثقافي والديني بإفريقيا. آفاق مستقبلية من جهته، استعرض كامل فهمي، ممثل شركة مناجم المغرب، إستراتيجية شركة مناجم وتوسعها في إفريقيا، وقال إذا كان الدبلوماسيون يعتبرون مستقبل المغرب في إفريقيا، فإن قطاع الأعمال مقتنع بأن مستقبل المقاولة المغربية بإفريقيا، وتابع المتحدث أن 15 بالمائة من أنشطة مجموعة مناجم توجد في إفريقيا، وأن هدف المجموعة هو الوصول إلى 40 و50 بالمائة ، وتشتغل مناجم على المعادن الثمينة كإنتاج الذهب والفضة وكذلك النحاس والكوبالت وغيره، وهي شركة مائة بالمائة مغربية تسوق في 15 بلد، ولديها 21 وحدة إنتاج في المغرب وإفريقيا، مشددا على كون المقاولة المغربية المستثمرة اينما حلت تخلق الثروة وتخلق دينامية مصاحبة من طرق ولوجيستيك وغيرها . وعن الإضافات التي يمكن أن تقدمها المجموعة للاستثمار في إفريقيا؛ قال كامل فهمي أن وراء المجموعة خبرة 85 سنة من ممارسة المهنة، وخبرة التدبيرية في تسيير المشاريع ذات الحجم المتوسط ، بالإضافة إلى كون المجموعة مندمجة في النسيج الإفريقي ويمكنها أن تقدم الخبرة الثقافية والمعرفة بالمنطقة ، بالإضافة إلى كونها مقاولة مسؤولة اجتماعيا تبني نجاحاتها على احترام المعايير الدولية وتنقط سنويا على معايير الجودة والخبرة ، ومنتجاتها مثمنة دوليا ، بالاضافة أنها تشغل 75 بالمائة من المحليين الذين تم تدريبهم بالمغرب . وأضاف ممثل مجموعة مناجم أن الاستثمار له مخاطره ، وأن وجود الأبناك يسهل ، مشيرا إلى غياب البنية التحتية واللوجيستيك وطرق للوصول للمناجم، وقلة شركات المناولة ، داعيا إلى تشجيع المقاولات الصغيرة ، ومؤكدا أن إفريقيا في أوج تطورها وتزخر ب 30 بالمائة من الاحتياطات العالمية من المعادن ، مشيرا إلى أن اختيار الاستثمار في افريقيا هو اختيار إرادي للمغرب ويشكل فرصا مهمة.