لقد رفض الاسكتلنديون الانفصال عن التاج البريطاني من خلال استفتاء شعبي. حيث بلغت نسبة الذين قالوا "لا" 55.3 في المئة. والذي أثار الانتباه هو المواقف الايجابية للمؤسسات الدولية وكثير من الدول لأنهم يرون قوة بريطانيا في وحدتها. وهذا منسجم مع الأسس التي من أجلها قامت الوحدة الأوربية. رغم خصوصية المملكة البريطانية.إن الذين قالوا نعم للوحدة مخلصون لقيم الاتحاد الأوربي. إن الإشكالات المطروحة على أوربا لايمكن أن تواجه إلا بالوحدة وتوحيد الرؤى. وهذا تفكير العقلاء أما الذين يرغبون في تشكيل ذوات ضيقة فمثلهم كمثل الشاة القاصية المعرضة لهجوم الذئاب لاقدر الله. ولو استقلت اسكتلندا لعاشت لوحدها في سياق وحدوي أوربي ومن المفروض أنذاك أن تعتمد إجراءات من اجل الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. إن التشبت بالوطن الأم سيدفع الدولة إلى إعادة النظر في مجموعة من القضايا المطروحة وعلى رأسها صلاحيات الدول التابعة للتاج البريطاني. إذن لا للاستقلال رسالة قوية لمن يهمه الأمر. ولاشك أنها وصلت من خلال تصريحات المسؤولين. لقد صوتت الأغلبية بنعم لأنها تعتبر التاج البريطاني أسرة تحتضن الجميع ومن سولت له نفسه أن يحدث شرخا في هذه المنظومة فليتحمل مسؤوليته. إن هذا التصويت سيجعل الجهات التابعة للتاج البريطاني تتمتع باختصاصات اوسع. ويبقى هذا التصويت رمزا لنحن التي انتصرت على الأنا وأسست لاستمرارية الاندماج والانفتاح على الغير. والمساهمة في نشر السلم والاستقرار. إن هذا القرار انعكس على الدولة البريطانية الكبرى من حيث استقرار مؤسساتها واقتصادها وماليتها و..لأنه لو حصل الانفصال لضاعت فرص متعددة على مستوى التوزيع المشترك. إن التصويت للوحدة يدخل في إطار القيم الرأسمالية غير المادية. التي تؤطر المناخ العام للمالية والاقتصادية والبيئية ومناخ الأعمال.. إننا من خلال هذه الكلمات نؤكد على أن الاسكتلنديين آثرو الاتحاد البريطاني على الاستقلال الخاص. ومر هذا في جو ديمقراطي حيث اعترف الوزير الأول الاسكتلندي بهزيمته لأنه من أنصار الاستقلال. داعيا إلى التشبث بالوحدة. فهل ستبذل المملكة المتحدة مجهودات إضافية من أجل النظر في اختصاصات موسعة لهذه الجهة التي وجهت رسالتها من خلال التصويت بنعم. وبذلك ستتوسع مهام التدبير الذاتي داخل هذه الجهات. احتراما لالتزامات الحكومة. وستتوسع مهام البرلمان الاسكتلندي. وبالتالي ستعرف السلطة تغييرا في اسكتلندا وايرلندا الشمالية وانكلترا وغيرها من الجهات. وهذا ما نشر الارتياح داخل التاج البريطاني. وبهذا التصويت ستتراجع ولو نسبيا النزعة القومية داخل أوربا. وحتى يعمم التصويت فقد سمح لشباب البالغين من العمر 16 سنة بالمشاركة في الاستفتاء. وبذلك حيثما كانت الديمقراطية كانت السيادة. كما تم استثمار الانترنيت في عملية التصويت. إن ما وقع في اسكتلندا رسالة قوية لدعاة الانفصال حيثما كانوا وارتحلوا لأن هذا الأخير ضد إرادة التاريخ والمنطق. وهو معركة خاسرة مهما طال الزمن. أما توسيع اختصاصات اسكتلندا مؤشر على استمرارية البناء الوحدوي. وهذا ما يتطلب تطوير الآليات الدستورية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية لتعزيز وضمان استمرارية الاندماج. ومن الضروري الاستمرار في بناء أقاليمنا الجنوبية بناء دستوريا قويا كمؤشر للأمل. وعلى المغرب ألا يتدخل فيما سيجري في كاتالونيا يوم 9 نونبر 2014.حيث الاستفتاء الذي سيحدد مصيرها في علاقتها بالمملكة الإسبانية. إن الوحدة قيمة حضارية من أجل بناء التنمية بكل امتداداتها. إذن بعد أكثر من 300 سنة ينتصر منطق المقوم التاريخي والقيمي والوحدوي على الانفصالية والاستقلالية. لذلك وشعورا بالمسؤولية استقال رئيس الحكومة الذي كان راغبا في لاستقلال. وأخيرا وليس آخرا أشادت الملكة بالديمقراطية وبتقاليد المملكة المتحدة . وأتمنى أن يكون الدرس الاسكتلندي رسالة قوية لدعاة الانفصال خاصة ونحن أمة الإسلام شعارنا التوحيد الداعي إلى الوحدة "ولا تفرقوا" داعيا إلى الاعتصام "واعتصموا". وأصبح العالم يبحث على التكتلات لمواجهة التحديات. وأتمنى أن يتفهم جيراننا هذا حتى نحقق الحلم المغاربي.