حكم على المفكر الاويغوري المسلم الهام توهتي الذي ينتقد بلهجة معتدلة سياسة بكين في شينجيانغ، الثلاثاء بالسجن المؤبد بتهمة تبني "نزعة انفصالية"، كما قال محاموه، مشيرين الى ان هذا الحكم لا يوحي بامكان التوصل الى تهدئة في هذه المنطقة المسلمة الشاسعة الخاضعة للصين. وفي اعقاب محاكمة استمرت يومين وسط تدابير امنية مشددة، توصلت المحكمة الشعبية الوسيطة في اورومتشي عاصمة شينجيانغ، الى اقسى حكم تصدره هو السجن مدى الحياة، كما قال المحامي لي فانغبينغ لدى خروجه من جلسة استمرت ثلاث ساعات ونصف. واكد المحامي ان موكله "سيرفع بالتأكيد دعوى استئناف" موضحا ان زوجته قد بكت لدى تلاوة الحكم. وكتب محاميه الثاني ليو تشاويان لاحقا على مدونته في شبكة الانترنت "حكم على الهام توهتي بالسجن المؤبد بتهمة الانفصال وتمت مصادرة كل املاكه. الهام لم يقل سوى عبارة واحدة +لا اقبل هذا الحكم واعترض عليه+". وهذا اقسى حكم يصدر منذ سنوات على شخص يوجه انتقادا للنظام، كما ذكر المحللون. وكان الخبير الاقتصادي الهام توهتي الذي يتمتع باحترام كبير والاستاذ في جامعة الاقليات في بكين ومؤلف كتب عدة، مراقبا مستقلا للتطورات ويلقى آذانا صاغية في السفارات الاجنبية بالعاصمة حول ما يحصل في شينجيانع التي تشهد عودة لاعمال العنف منذ العام الماضي. وتوهتي الذي يبلغ الرابعة والاربعين من عمره والاب لثلاثة اطفال، معارض معلن لسياسة الدمج القسري للاويغور والاقليات الاخرى التي تتشدد بكين في تطبيقها، ويعارض ايضا اي انفصال عن الصين لشينجيانغ الواقعة على حدود آسيا الوسطى والتطرف الاسلامي. وادى هذا التيار الاخير الى موجة من الاعتداءات الدامية في شينجيانغ وفي بقية انحاء الصين منذ اكثر من سنة، كما تقول السلطات. وقد اعتقل الهام توهتي في بكين في كانون الثاني/يناير الماضي واقتيد الى مكان مجهول. وكبلت يداه وحرم من الطعام فترات طويلة خلال اعتقاله، كما يقول ذووه. وكان عشرة من الدبلوماسيين الاجانب توجهوا الى اورومتشي لحضور محاكمته، لكنهم منعوا من دخول قاعة المحاكمة على غرار الصحافة الاجنبية. وانتقد الاتحاد الاوروبي الحكم "غير المبرر على الاطلاق" على الهام توهتي. وقال الجهاز الدبلوماسي للاتحاد في بيان ان "الاتحاد الاوروبي يأسف لعدم احترام الاجراءات القضائية وخصوصا في ما يتعلق بالحق في دفاع حقيقي. ندعو الى الافراج الفوري عنه ومن دون شروط والى الافراج عن كل داعميه". وكان رافايل دروزفسكي السكرتير الاول لوفد الاتحاد الاوروبي في بكين قال في اورومتشي ان "الهام توهتي كان يمارس نشاطاته في اطار احترام القانون الصيني ونعتقد ان من الضروري الافراج عنه". وعرض المدعون في الجلسة اشرطة فيديو عن محاضرات توهتي وتعليقاته المنشورة على مدونته، باعتبارها ادلة على انه كان يتزعم مجموعة انفصالية، كما قال المحامي لي فانغبينغ. وقد اعتقل سبعة من طلبته واستخدمت افاداتهم ضده في المحاكمة. من جهته، قال جوزف شينغ الاستاذ في "سيتي يونيفرسيتي" في هونغ كونغ "هذا مؤشر سيئ جدا للعلاقات بين الاويغور واتينة الهان" الاكثرية في الصين التي وصلت بالملايين الى شينجيانغ في العقود الاخيرة. واضاف ان الحكم "يعكس قيم واسلوب ادارة شي جينبينغ". وفي تعليق على مدونته، كتب الروائي الصيني وانغ ليشيونغ الذي ينتقد صراحة السياسة الصينية في التيبت "في 23 ايلول/سبتمبر 2014، اوجدت السلطات مانديلا اويغوري". واعتبرت منظمة العفو الدولية ان "لا اساس حقيقيا لهذا الحكم المشين. ولقد عمل الهام توهتي على مد جسور سلمية بين المجموعات الاتنية". واضاف ان "هذه الاهانة للقضاء تهزأ من دعوات الرئيس تشي جينبينغ الى مزيد من التفاهم والتضامن بين الاويغور والهان". وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش انتقدت محاكمته معتبرة انها "مهزلة قضائية" تؤكد "تشدد السلطة حيال الانتقادات السلمية" ولا يمكن الا ان "تعزز الشعور بالتمييز حيال الاويغور". وقد شهدت الصين في الاشهر الاخيرة عددا من الاعتداءات الدامية في اماكن عامة عزتها السلطات الى الاويغور. وردا على ذلك، قامت بكين بحملة قمع واسعة "للتطرف والانفصال والارهاب"، اسفرت عن عشرين عملية اعدام اعلن عنها رسميا واعتقال المئات وصدور احكام جماعية على اثر محاكمات سريعة وعرض "الارهابيين" على الملأ في الاماكن العامة. وكان الهام توهتي اسس موقع اويغوربيز.نت الاخباري حول شينجيانغ باللغتين الصينية والاويغورية. وقد حجب هذا الموقع في الصين منذ الاضطرابات الاتنية التي وقعت في اورومتشي في 2009 واسفرت عن حوالى 200 قتيل.