كشف "زماراك شاليزي"، مسؤول قسم البنيات التحتية والبحث البيئي بالبنك الدولي، أن ساكنة العالم ستعرف زيادة تقدم ب3 ملايير نسمة في غضون خمسين سنة القادمة، وتوقع أن يبلغ حجم الاقتصاد العالمي 140 مليار دولار سنة 2050 بنمو سنوي قدره 3%. وأبرز "زماراك شاليزي"، خلال تقديمه لتقرير البنك الدولي لسنة 2003 حول التنمية في موضوع "التنمية المستديمة في عالم متغير: تطوير المؤسسات والنمو ومستوى العيش" أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن التحدي الكبير يكمن في كيفية ضمان أقل تدهور اجتماعي وبيئي في ظل اقتصاد إجمالي يفوق أربع مرات اقتصاد اليوم، مشيرا إلى أن الإصلاحات السياسية وحدها لا تكفي، فهي بحاجة إلى مؤسسات جيدة ومتحولة، مما يفرض توزيعا عادلا للمصادر، فضلا عن حاجتها إلى فهم التقاطعات المتحركة والتداخلات بين الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تتطلب معالجة جماعية. وحول آفاق الخمسين سنة القادمة، قال "زماراك": "بخصوص التحول الديمغرافي، فإن نمو السكان سيشهد تباطؤا في اتجاه الثبات عند رقم 10 ملايير نسمة نهاية هذا القرن، أما في ما يتعلق بالتحول العمراني، فسيسجل العالم، ولأول مرة في التاريخ ، عيش غالبية السكان في المدن، فضلا عن ضرورة بناء رصيد رأس المال، الشقق والمتاجر والمصانع والطرق، لتقليص عدد الفقراء وتأمين حاجات السكان المتزايدين في العقود القادمة، وتطوير المدن من خلال معايير استثمارية مناسبة واتخاذ قرارات مشتركة. وأوضح "زاماراك" أن ثلث سكان العالم يعيشون في بلدان تعرف ضعفا كبيرا في الموارد المائية، وقال مسؤول قسم البنيات التحتية والبحث البيئي "إن التحدي الرئيس أمام التنمية هو محاولة ضمان عمل منتج، ومستوى عيش أفضل ل2,8مليار من السكان يعيشون بأقل من دولارين في اليوم يضاف إليها ما بين 2 إلى 3 مليار نسمة خلال الثلاثين إلى الخمسين سنة القادمة". وطرح "زماراك" في نهاية عرضه أربعة أسئلة كبرى مناط المناقشة: متى يصبح "الاستهلاك" "فائض استهلاك"؟ وماهو مستقبل الفلاحة؟ وكيف نضع المصالح في الميزان ونتجاوز السباق نحو حقوق الملكية الفكرية؟ وماهي آفاق الهجرة العالمية؟ في السياق ذاته شدد تقرير البنك الدولي عن التنمية في العالم (2003) على ضرورة تقاسم عبء ضمان تحقيق التنمية المستديمة محليا ووطنيا وعالميا، وذكر التقرير أن البلدان النامية يتعين عليها تعزيز المشاركة والديمقراطية الجوهرية، والإشراك والشفافية في اتجاه بناء المؤسسات اللازمة لتحريك مواردها، وأن البلدان الغنية يتوجب عليها، في الاتجاه نفسه، زيادة المعونات وتخفيض ديون البلدان الفقيرة، وفتح أسواقها أمام المصدرين من البلدان النامية، ومساعدتها على نقل التكنولوجية اللازمة للوقاية من الأمراض، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة وتقرير الانتاجية الزراعية. كما أشار التقرير إلى أن الشركات الخاصة تبرز مساهمتها في تحقيق التنمية المستديمة عندما تلتزم بالاستمرار في عملياتها، والسعي نحو خلق حوافز لتأمين مصالحها بشكل يبلور الأهداف البيئية والاجتماعية، في حين تساهم منظمات المجتمع المدني حسب التقرير نفسه عندما تعمل بمثابة صوت معبر عن المصالح المتفرقة وتقدم تقييما مستقلا لأداء القطاعين العام والخاص والمنظمات غير الحكومية. وفي هذا الصدد سلط التقرير ذاته الضوء على نموذج ناجح لبناء رأس مال بشري بالقرى، ويتعلق الأمر بقرية "عيط إكتيل"، التي توجد في منطقة قرب مراكش بجبال الأطلس المغربية، هذه القرية يقول التقرير دفعت ثلاث سنوات متتالية من الجفاف سكانها "إلى تجميع جهودهم لحفر بئر بمساعدة التحويلات التي يرسلها المهاجرون"، مضيفا: "وقد أدى نجاح مشروع المياه هذا إلى تحريك عجلة التنمية المستمرة حتى اليوم". وأخبر تقرير البنك الدولي (2003) أن سكان القرية أنشأوا جمعية أسموها "جمعية عيط إكتيل للتنمية"، تعمل تحت سلطة مجلس القرية الذي يدير شؤون القرية ويسوي الخلافات، ويتخذ القرارات على أساس الاتفاق بالإجماع، وأضاف التقرير "وقد عبأت الجمعية تحويلات المهاجرين لمشروعات التنمية في المجتمع المحلي وأنشؤوا بنك عمل في القرية، واليوم تسهم كل أسرة في هذه المشروعات بخمسة أيام عمل سنويا. وأكد تقرير البنك الدولي حول التنمية سنة 2003 أن المغرب يقوم بتجريب مقاربات جديدة تقود إلى نتائج بنسبة أفضل، وأوضح التقرير أن هذه المقاربات الجديدة غالبا ما تشمل مشاركة متزايدة للقطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني من منظمات وهيآت غير حكومية. يشار إلى أن تقرير البنك الدولي حول تمويل التنمية العالمية 2003 صنف المغرب في المرتبة الأولى بين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط من حيث حجم تحويلات العمال المهاجرين بالخارج، بما قدره 3،3 مليار دولار أمريكي سنة 2002. محمد أفزاز