جرب الاحتلال الإسرائيلي مختلف أساليب القمع والحصار ضد الشعب الفلسطيني، بدءا من القتل والجرح والاعتقال، إلى هدم البيوت والممتلكات وإغلاق المحلات التجارية ومنع العمال من التوجه إلى أماكن عملهم، ثم استهداف الأراضي الزراعية بالتجريف والتخريب بما حوته من زروع وأشجار خضراء. وكانت الأراضي الزراعية في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية هدفا "لذيذا" لجرافات الاحتلال وآلياته العسكرية بهدف محاربة أبسط مصدر رزق تبقى للفلسطينيين يجلبون من خلاله قوت يومهم. وشهد يم الأحد عمليات تجريف منظمة طالت عشرات الدنمات من الأراضي والأشجار المثمرة، لتضاف إلى آلاف الدنمات من الأراضي الزراعية التي تم تدميرها وتجريفها. تجريف الأراضي والاستيلاء عليها ففي الشمال الفلسطيني تحولت سهول الخضار في نابلس وجنين إلى أراضي بور لا يرى فيها سوى الدبابات والآليات العسكرية بعد أن كانت في مثل هذا الموسم تغص بالخضار وزروع القمح والذرة وغيرها. وفي قطاع غزة دمر جيش الاحتلال عشرات البيوت البلاستيكية التي كانت تعتاش من ورائيها عشرات العائلات بزراعة الخيار والباذنجان وغيره. وتبرز المعاناة بشكل أكبر هذه الأيام مع بدء موسم الزراعة البعلية وزراعة الري. كما تجاوزت أعمال التجريف المزروعات الموسمية إلى استهداف الأشجار المثمرة المعمرة التي يعود بتاريخ بعضها إلى عشرات السنين مثل شجر الزيتون الرومي. وفي مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية أكد مواطنون من عائلة "دعنا" أن قوات الاحتلال جرفت يوم أمس فقط أكثر من خمسة دنمات من أراضيهم وأحاطتها بالأسلاك الشائكة مما يعني ضمها لمستوطنة كريات أربع اليهودية. وقرب الشارع الالتفافي رقم "60" شمال المدينة تم الاعتداء على عدد من المواطنين من عائلة "النتشة" بينما كانوا يفلحون أرضهم بالقرب من مستوطنة خارصينا، عندما هاجمهم عدة مستوطنين بالعصي والآلات الحادة. ولم يكن قطاع غزة احسن حالا، ففي مدينة رفح جرفت قوات الاحتلال عشرات الدنمات من الأراضي الزراعية، وقال عدد من المواطنين إن جرافة عسكرية ترافقها دبابتان جرفت دفيئات زراعية (بيوت بلاستيكية) مزروعة بالشمام والخيار تزيد مساحتها على خمسة دنمات. الحرمان من الفلاحة وفي مدينة طولكرم، شمال الضفة الغربية وضعت قوات الاحتلال أسلاكا شائكة على جميع المداخل الرئيسة والفرعية المتقاطعة مع شارع التفافي تم شقه مؤخرا على امتداد الجدار الفاصل الذي شرعت قوات الاحتلال في إقامته قبل نحو عام بين الضفة الغربية والأراضي الفلسطينيةالمحتلة قبل عام 1967م. ويقول السكان في ضواحي المدينة أنهم يمنعون من الوصول إلى أراضيهم الزراعية في بلدة الشويكة، ويتخوفون من اعتداءات قوات الاحتلال عليهم، مما تسبب في حالة من الإرباك وتوقف المتابعة والرعاية لبيارات (بساتين) الحمضيات. وقد استهدفت ودمرت قوات الاحتلال بالجدار الفاصل معظم الأراضي الزراعية الخصبة والغنية التي يفلحها فلسطينيون. وفي مدينة بيت لحم، يمنع مستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلية، مزارعي بلدة الخضر من الوصول إلى أراضيهم الزراعية الواقعة في الجهة الغربية لفلاحتها وتهيئتها للموسم الزراعي الجديد. وأشار المزارعون، إلى أن ممارسات العربدة للمستوطنين وصلت حداً لا يطاق من خلال إطلاق الكلاب المسعورة عليهم، وابتلاع المزيد من أراضيهم. وتتكرر أصناف المعاناة التي يتعرض لها المواطنون والمزارعون الفلسطينيون في كل قرية ومدينة، كنوع من الحرب في مصدر الرزق التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. فقر في المياه من جهتها أكدت سلطة المياه الفلسطينية أن ما يزيد على 250 قرية فلسطينية في مختلف مناطق الضفة الغربية تفتقر إلى مصادر المياه ولا تتوفر فيها شبكات مياه نتيجة ممارسات قوات الاحتلال وسياساتها العنصرية في توزيعها. واتضح من تقرير أصدرته سلطة المياه الأحد ونشرته وكالة الأنباء الفلسطينية أن سكان هذه القرى البالغ عددهم نحو 450 ألف نسمة محرومون من خدمات المياه، ويعتمدون على تجميع مياه الأمطار في خزانات أرضية محدودة الحجم تعرف بآبار الجمع وتكون مياهها عادة غير صالحة للشرب. وجاء في التقرير، أن العديد من سكان تلك القرى يشترون المياه لأغراض الشرب من الآبار الزراعية السطحية إن وجدت، أو يضطرون لشرائها بالصهاريج المتنقلة بأسعار خيالية تصل إلى 20 شيكلاً للمتر المكعب الواحد (نحو 4.5دولار)، وهي مياه غير مراقبة وغير آمنة صحياً إلا أنهم مجبرون على ذلك. وأشار التقرير إلى أن التجمعات الفلسطينية الأخرى البالغ عددها 385 تجمعاً ويصل عدد سكانها إلى حوالي 1,4 مليون نسمة فخدمات المياه وشبكات وخطوط نقل وتوزيع المياه متوفرة فيها، حيث تحصل تلك التجمعات على موارد المياه من مصادرها الذاتية أو مياه مشتراة من شركة المياه الإسرائيلية "ميكوروت" بتكلفة 2,2 شيكل للمتر المكعب(دولار واحد = 4.62 شيكل)، في حين أن معدل ما يحصل عليه الفرد الفلسطيني من المياه المزودة لهذه التجمعات لا يتجاوز 90 لترا/ اليوم، علما بأن معدل الفاقد يزيد على 40% نتيجة لقدم الشبكات واهتراء الأنابيب وارتفاع معدل السيلان منها، أي أن المعدل الفعلي للمياه المستخدمة من قبل الفلسطينيين لأغراض الشرب والصناعة معا لا يتجاوز 55 لتراً في اليوم، وهو سبعة إلى ثمانية أضعاف أقل من المعدل المتوفر للإسرائيلي واثنا عشر ضعفاً اقل من المعدل المتوفر للفرد الإسرائيلي في المستوطنات.د المشكلة تتفاقم وأوضح التقرير، أن مشكلة نقص المياه أو عدم توافرها أحيانا هي من أكبر الهموم التي تواجه معظم العائلات الفلسطينية في العديد من البلدات والقرى المحرومة من المياه وبسبب تفاقمها سنة بعد سنة فقد أصبحت لهذه المشكلة أبعاد خطيرة تهدد الجوانب الصحية والاجتماعية والاقتصادية في معظم مناطق الضفة الغربية. وبين التقرير، أن معظم كميات المياه المشتراة من شركة المياه الإسرائيلية هي بالأساس مصادر مياه فلسطينية، وتقوم شركة المياه خاصة في فترة الصيف بتخفيض كميات المياه المشتراة والمزودة للمناطق الفلسطينية إلى أكثر من 40% أحيانا وذلك بهدف زيادة كميات المياه للمستوطنات الإسرائيلية لري الحدائق وتعبئة برك السباحة فيها. شح في المياه ونوه التقرير إلى أن جميع المحافظات الفلسطينية لا زالت تعاني من الشح المتزايد في مياه الشرب، فقد بلغ مجموع العجز المائي في الضفة الغربية حوالي 41 مليون متر مكعب على اعتبار أن المعدل المطلوب للتوزيع حسب المعايير الفلسطينية والعالمية هو 150 لتراً للفرد في اليوم، وباستثناء أريحا عانت جميع المحافظات من نقص المياه المزودة بصورة متفاوتة، حيث كانت الخليل وجنين الأكثر معاناة فيما كانت رام الله وطولكرم أفضل حالاً. وحسب التقرير فإنه من المتوقع أن يتجاوز العجز 50 و 60 مليون متر مكعب على التوالي في العامين القادمين وذلك نتيجة الزيادة الطبيعية للسكان، بالإضافة إلى النقص المتواصل في مصادر المياه المتاحة ولا سيما حوض سامية وبطن الغول إلى جانب النقص المتنامي في تدفق الينابيع. خسائر فادحة من جانبه أكد رفيق النتشة وزير الزراعة الفلسطيني أن قوات الاحتلال تكبدت القطاع الزراعي خسائر فادحة خلال الأشهر الثلاثين الماضية تصل إلى مليار دولار. وأوضح أن الاحتلال يستهدف بذلك مصدر رزق عدد كبير من الفلسطينيين الذين يعملون في القطاع الزراعي. وأشار النتشة الذي من المتوقع أن يعود لوزارة العمل أن قطع وحرق للأشجار واستهداف الثروات الحيوانية، جزء من حملة إسرائيلية شاملة ضد الشعب الفلسطيني. كما تطرق إلى رؤية الوزارة للتعاون ما بينها وبين المؤسسات الحكومية الأخرى وما بين المنظمات غير الحكومية العاملة في القطاع الزراعي، مشيرا في مداخلته إلى عمل الوزارة مع الدول المانحة والمنظمات الأهلية فيما يختص بالمشاريع الزراعية. وأكد وزير الزراعة، أن جميع المشاكل التي يعاني منها الشعب الفلسطيني سببها الاحتلال. فلسطين-عوض الرجوب