أوصى المشاركون في الندوة العلمية التي نظمها نادي قضاة المغرب بمكناس نهاية الأسبوع المنصرم، بضرورة وضع دليل لأخلاقيات المسؤول القضائي، وتنظيم الأخطاء التأديبية الجسيمة للمسؤول القضائي، بالإضافة إلى تدعيم التأطير الأخلاقي والعملي للقضاة وللمسؤولين القضائيين، ونشر الاجتهادات القضائية المتعلقة بمنظومة القيم الخاصة بالقضاة. وأكد المتدخلون في الندوة التي ناقشت موضوع القيم القضائية على ضوء المستجدات التشريعية، على ضرورة إحداث لجنة للأخلاقيات بالمجلس الأعلى للقضاء، وبالجمعيات المهنية للقضاة، ووضع دليل للنظام التأديبي للقضاة، ودعم شفافية الأبحاث والتقارير المنجزة في حق القضاة، وذلك من خلال نشر كافة التقارير التي تنجزها أجهزة التفتيش وكذا المقررين في الملفات التأديبية، تحديد المخالفات التأديبية القضائية بشكل حصري طبقا لمبدأ شرعية المخالفات، ودعم حرية القضاة في التعبير كأداة للتغيير وإصلاح القضاء والإدارة القضائية، مشددين على ضرورة وضع ضوابط للتمييز بين الخطأ المهني القضائي وغيره من الأخطاء التي يرتكبها القاضي كمواطن. وفي كلمة لها، أكدت حجيبة البخاري، رئيسة نادي قضاة المغرب بمكناس، أن الهدف من اختيار موضوع الندوة يكمن في الرغبة في تدشين مرحلة جديدة للتعامل إيجابا مع ما يمكن أن يعرفه المشهد القضائي من أحداث ونوازل مستجدة في مرحلة طابعها الأساس دستور جديد يقر بهامش كبير للقضاة في حرية التعبير والتجمع وإصرار أكبر من القضاة على ممارسة حرياتهم وحقوقهم كاملة. وأضافت البخاري أنه "ما بين المرحلة السابقة التي سجلت فراغا ملحوظا على مستوى التعريف والتكوين على القيم والأخلاقيات القضائية والمرحلة المقبلة التي أريد فيها أن تصير هاته القيم والأخلاقيات في كنه الممارسة القضائية اشتراطا وتكوينا وتأطيرا، كان لزاما أن نمر بالمرحلة التي نعيشها الآن والتي يحاول القضاة من خلالها التأقلم مع وضعهم الجديد مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من حين لآخر من أحداث مؤسفة يتطلب التعامل معها التحلي قبل الحكمة والتبصر وسعة الصدر، بالجرأة والمسؤولية اللازمتين واللتين تقتضيان الإنكباب الفوري والجاد على ورش التأطير الحقيقي كل من موقعه ومسؤوليته". من جانبه، أكد ياسين مخلي، رئيس نادي قضاة المغرب، أن نادي قضاة المغرب أعد "ميثاقا للسلوك" الخاص بالقضاء، قصد تخليق القطاع وتوجيه سلوكات القضاة بما يتناسب مع المعايير الأخلاقية وطنيا ودوليا، موضحا أن النادي قام في هذا الاتجاه بعدة خطوات من قبيل مبادرة محاكم بدون رشوة، التصريح العلني بممتلكات القضاة على اعتبار أن إصلاح القضاء يستوجب إجراءات فعالة ومبادرات تشاركية تضم كل الفاعلين والمتدخلين في سلك القضاء، داعيا إلى ميثاق أخلاقي جديد لكل العاملين في منظومة العدالة يأخذ بعين الاعتبار أفضل التجارب الدولية في هذا المجال. وأوضح أنس سعدون متحدثا باسم المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية، أن عدم تعليل المجلس للقرارات التأديبية المتخذة في حق القضاة وعدم نشرها، وعدم السماح بعلنية الجلسات التأديبية للقضاة بناء على طلبهم أسباب ساهمت في عدم اطلاع القضاة على مدى مساهمة المجلس في تكريس منظومة القيم القضائية، على خلاف بعض التجارب المقارنة ومن بينها المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا الذي دأب في وقت مبكر على نشر القرارات التأديبية المتخذة في حق القضاة وفق ضوابط من أجل تحقيق الأمن القانوني للمواطنين سواء كانوا قضاة أو متقاضين. ودعا سعدون إلى التفكير الجديد في إقرار ميثاق أخلاقي مواطن منفتح على المعايير الدولية، والاهتمام بمنظومة التكوين والتكوين المستمر للقضاة ولكل العاملين في المجال، ووضع ميثاق أخلاقي للمسؤول القضائي وتأهيل الإدارة القضائية والإرتقاء بها إلى مستوى التخصص والاحتراف عن طريق إحداث تكوين خاص بها على مستوى المعهد العالي للقضاء، وتعزيز الشفافية وضمان الولوج السهل للمواطنين لمنظومة العدالة.