اقترح تقرير "الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة 2012/2013"، جملة من الإجراءات والتدابير العملية التي من شأنها محاربة الرشوة والفساد، وأخرى للرقي بالهيئة إلى ما يجعل منها مؤسسة قوية في مجال الحكامة الجيدة، وأوضح تقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أنه قد تأكد للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بعد خمس سنوات من الممارسة وجود عوائق موضوعية أضعفت موقعها في مسار تفعيل مجموعة من صلاحياتها الاقتراحية والتبليغية، نتيجة غياب تكامل وتناسق جهود مختلف السلطات والأجهزة المعنية، وإلى ضعف علاقاتها المؤسسية التي يطبعها غالبا قصور ملحوظ على مستوى التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات، الشيء الذي يحد من فاعلية جهودها المتكاملة في مكافحة الفساد. وأوصت الهيئة لتجاوز ذلك الوضع، باستنهاض مختلف الفاعلين للانخراط بفعالية في المجهود الوطني لمكافحة الفساد، سيما وأن الهيئة الوطنية المرتقبة مطالبة بإذكاء الدينامية المطلوبة في هذا المجهود الجماعي، من خلال مهام الإشراف والتنسيق المخولة لها بمقتضى الدستور، وهو ما يستدعي اعتماد آليات ضامنة للتعاون وتكامل الأدوار بين الهيئة الوطنية والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفعاليات القطاع الخاص والمجتمع المدني، مقترحة جملة من الإجراءات. فعلى مستوى "التفاعل الحكومي"، يقترح تقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بتوفير الموارد البشرية والمالية الكافية لتنفيذ السياسات القطاعية لمكافحة الفساد ومخططات عمل الهيئة الوطنية للنزاهة، بما في ذلك توظيف الكفاءات المؤهلة، وضمان الامتداد الترابي لمواكبة الجهوية الموسعة، مع استحضار كلفة الفساد وآثارها على الناتج الداخلي الخام عند تحديد الميزانية المرصودة سنويا لمكافحة الفساد، إضافة إلى شفافية تدبير العمل الحكومي عبر تجسير مسالك الحق في الولوج إلى المعلومات لتمكين الهيئة الوطنية من الاطلاع على الوثائق والتقارير وتبادل المعطيات والبيانات الواردة في التصريحات بالممتلكات لتسهيل القيام بمختلف مهامها، بما فيها عمليات التصدي المباشر، وتعزز آليات الديمقراطية التشاركية التي تسمح باستشارة الهيئة الوطنية والاستعانة بخبرتها، علاوة على تفعيل المساءلة وإعطاء الحساب من خلال، إلزام مختلف الإدارات بموافاة الهيئة الوطنية بمآل توصياتها ومقترحاتها وآرائها وتحرياتها وتعليل عدم الأخذ بها عند الاقتضاء، وتطبيق مبدأ المساءلة الرقابية في جميع مجالات تقديم الخدمة العمومية، وتقديم تقارير دورية ومنتظمة حول الأنشطة الحكومية مقارنة مع الأهداف المحددة، والسهر على نشر تقارير أجهزة التفتيش والمراقبة التابعة للحكومة، إضافة إلى إخضاع أعضاء الحكومة للاختصاص القضائي للمجلس الأعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. على مستوى "المواكبة البرلمانية"، يحث تقرير الهيئة، على مواصلة مواءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية من خلال العمل على استكمال الآليات الزجرية، وتعزيز الآليات الوقائية، وتطوير الإطار المؤسسي وفق توصيات ومقترحات الهيئة، واستشارة الهيئة الوطنية للنزاهة حول مقترحات ومشاريع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة من أجل المساهمة في تجويد التشريعات الوطنية، إضافة إلى تضمين الرأي الاستشاري للهيئة الوطنية للنزاهة في تقرير اللجنة المرفوع إلى الجلسة العامة بخصوص مشاريع النصوص التشريعية. أما على المستوى الرقابي، فيطالب التقرير بتعزيز توظيف أدواته الرقابية، ومراقبة تطبيق القوانين مع السلطة التنفيذية وسلطات إنفاذ القانون، وتتبع مختلف التقارير الوطنية والدولية التي ترصد الفساد، إضافة إلى استقصاء واستطلاع الحقائق للوقوف على مواطن الفساد، وطلب إبداء الرأي في مختلف القضايا ذات الصلة بمجالات تدخل الهيئة والانفتاح على خبرتها لتفعيل مساهمتها في إثراء النقاش العمومي، وتعزيز الدور الاستطلاعي للجان الدائمة بالبرلمان من خلال تمكينها من إحداث لجنة خاصة تتولى مهمة تقييم تطبيق القوانين والسياسات العمومية ذات الصلة بمكافحة الفساد، مع إمكانية الاستعانة بخبرات من خارج المؤسسة التشريعية، والاستفادة من الصلاحيات المخولة للجان تقصي الحقائق بالنسبة لمهام محددة. وعلى مستوى "السلطة القضائية"، يوصي تقرير الهيئة بتقوية جسور الشراكة مع الهيئة الوطنية للنزاهة، وتعزيز آليات التعاون معها لإضافة إلى تعزيز الشفافية وفعالية منظومة العدالة. وفي ما يخص دعم "فعاليات القطاع الخاص"، يطالب تقرير الهيئة باعتماد معايير موضوعية لمراجعة الحسابات، وبإعداد مدونات قواعد السلوك تتضمن إجراءات لمنع تضارب المصالح، بالإضافة إلى إيجاد آليات لتعزيز الشفافية بين كيانات القطاع الخاص وفي علاقاتها التعاقدية مع الدولة، ومنع إساءة استخدام إجراءات دعم وترخيص السلطات العمومية للأنشطة التجارية. وفي ما يتعلق ب"المجتمع المدني"، يطالب التقرير بإذكاء وعي الناس بوجود الفساد وأسبابه وجسامة مخاطره، والتشجيع على المشاركة النشطة في عمليات اتخاذ القرار، وضمان تيسير حصول الناس على المعلومات، علاوة على القيام بأنشطة إعلامية تسهم في عدم التسامح مع الفساد، وإعداد برامج توعية عامة تشمل المناهج التعليمية والجامعية، وحماية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها، والمشاركة في إعداد ومراقبة وتتبع تنفيذ سياسات مكافحة الفساد.