في زمن عربي ما .. وجغرافية ما .. وضع الرجل المشعث الشعر كمكنسة متهالكة .. الواقف على حافة الجسر المطل على النهر رجله استعدادا للقفز .. وأثناء ذلك كان عصفور جائع يحلق بالقرب من الجسر ورأى المشهد فحط بالقرب من الرجل المُكَالِ إلى يأس غامر لم يلحظ معه زقزقة العصفور الذي بادره بالسؤال : مهلا سيدي .. أليس لك جناحان من فرحات صغيرة مرت بك يوما ما فتطير بهما بعيدا عن همومك عوض الإنتحار؟ جناحاي ؟؟.. كسرتهما الديون وأحبولات سماسرة الكريدي بالمجان أليس لك عش تأوي إليه غير هذا النهرالشاسع الموحش؟ لم يعد لي بيت فقد باع الدائنون ملكي الوحيد بدراهم معدودات وسط شماتة الجيران الذين سمعتهم يتهامسون وراء ظهري: "غزا فيه الله بغا يطير.." أليس لك أبناء يؤثثون وحدتك ويدفئونك في صقيع يأسك هذا ؟؟ كلهم رحلوا إلى الغرب وطمروا ثمرة أبوتي لهم إلى الأبد ، وتركوا لي ديون عقود سفرهما لأثقل من جبال الخطيئة حسنا.. أليس لك قلب زوجة حانية يعوضك عن جحودهم ؟ ماتت غما لبيعي بيت النوم الوردي وجهاز التلفاز ومعه مسلسلاتها ورهني لأسورتها الذهبية لقضاء الديون.. العصفور بحسم وقد انتابه وجوم وأسى عميق تهدل معه جناحاه وغامت عيناه ما أشقاك سيدي وما أثقل همومك ، والسكنى إلى جوار السمك بهذا النهر المشرع صدره لك بسخاءأرحم بك من السكنى مع هؤلاء القساة .. أنج بنفسك منهم .. اقفز ولا تتردد.. وطار العصفور بعييييييييييييييييدا.. إلى حيث الزرقة.. ولا بشر. X