أكدت مصادر سياسية تونسية متطابقة نبأ تقدم الأمين العام لحركة "النهضة" التونسية حمادي الجبالي بطلب استقالة من منصبه في الحركة، من دون تكشف خلفية الاستقالة ولا ما إذا كانت قيادة الحركة قد قبلتها أم لا. وتتباين الرؤى في تفسير خطوة الجبالي، الذي شغل منصب رئيس حكومة التحالف بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، قبل أن يستقيل عقب اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، على الاستقالة من الأمانة العامة للحركة، فبينما ينظر البعض إلى القرار باعتباره خطوة استباقية من الجبالي في إطار استعداده لأن يكون مرشحا للرئاسيات المقبلة، يعيدها آخرون إلى طبيعة التباينات التي تعصف بحركة "النهضة" سواء فيما يتصل بالتحديات السياسية الراهنة وعلى رأسها الموقف من قانون تحصين الثورة والعلاقة مع رموز النظام السابق، أو فيما يتعلق بشق تنظيمي داخل الحركة يخص العلاقة بين قيادات الداخل والخارج. وقال الناشط الحقوقي التونسي أنور الغربي في تصريحات ل "قدس برس" إنه "إذا صح أن استقالة الجبالي من منصب الأمانة العامة لحركة النهضة تأتي في إطار السباق الرئاسي، فإنني لا أرى أن الوضع الداخلي والإقليمي مواتي في الظروف الحالية، ولذلك أعتقد أنه من الضرورة بمكان أن يتم التوافق على شخصية وطنية للرئاسة لإدارة المرحلة المقبلة، وهناك مصلحة للجميع وعلى رأسهم القوى الثورية بالتوافق على مرشح يضمن عدم النكوص عن استحقاقات الثورة"، على حد تعبيره. يذكر أن الجبالي هو من مواليد ولاية سوسة الساحلية بتونس، وهو في الأصل مهندس في الطاقة الشمسية، هو واحد من أبرز قيادات حركة "النهضة"، وقد طالته حملة الاعتقالات التي شنها الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ضد الإسلاميين في تونس، وعُرف في الحياة السياسية التونسية بعد اعتقال القيادة التاريخية ل "حركة الاتجاه الإسلامي" ومحاكمتها سنة 1981. وقد انتخبه مجلس الشورى في سنة 1982 رئيسا للحركة. وقد تولى رئاسة تحرير جريدة "الفجر"، التي تعبر عن رأي حركة "النهضة"، قبل أن يحاكم إبان عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بتهمة نشر مقالات تنال من الدولة وتحرض على العصيان والانتماء لجمعية غير مرخصة ومحاولة قلب نظام الحكم فحكمت عليه المحكمة العسكرية سنة 1990 بالسجن ستة عشرا عاما نافذة قضى منها عشر سنوات في السجن الانفرادي قبل أن يضرب عن الطعام سنة 2002 ثم أفرج عنه في فبراير 2006. وقد رشحته حركة "النهضة" بعد انتخابات أكتوبر 2011 لرئاسة حكومة التحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات، وكلفه الرئيس المؤقت المنتخب المنصف المرزوقي رئيساً للوزراء في 13 دجنبر 2011، لكنه اضطر لتقديم إستقالته يوم 19 فبراير 2013 من رئاسة الحكومة، بعد رفض الأغلبية المتمثلة في حركة "النهضة" والمؤتمر من أجل الجمهورية مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط، عقب عملية الغتيال التي طالت القيادي اليساري شكري بلعيد.