نظمت جمعية منية لإحياء وصيانة تراث المغرب يوم الخميس الماضي بمراكش حفل توقيع الكتاب الجديد "السينما المغربية والعولمة" للمخرج والناقد السينمائي حسن بنشليخة بحضور عدد من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين بمجال السينما. وقام بتنشيط اللقاء كل من الدكتور محمد أيت لعميم وجعفر الكنسوسي رئيس الجمعية. وقال بنشليخة في هذا اللقاء إن هدفه الأكبر من تأليف الكتاب هو وضع اليد على الخلل التي تعانيه السينما المغربية واقتراح الحلول من أجل ازدهارها خدمة للوطن والمواطنين، وأيضا كشف حقائق التمويل الأجنبي لها والذي يروم وضعها في بوثقة تريد طمس الهوية المغربية وتخدم أجندات لوبيات عالمية، كما يهدف إلى تأهيل الجمهور المغربي والشباب خاصة عبر هذا التمويل المشروط إلى تقبل سينما رديئة مستقبلا مرتكزة على العري الفاضح من خلال الترويج حاليا إلى ما سماه "العري الناعم"، إضافة إلى إشاعة مفاهيم مغلوطة عن التقاليد المغربية المرتكزة على الهوية الدينية والاجتماعية. وأكد الناقد بنشلخية الحائز على دبلوم في الإخراج من معهد بوسطن السينمائي، وحاصل على ماجستير في الدراسات الدولية تخصص علم الاجتماع من جامعة أوهايو الأمريكية أن كل ما تناوله في الكتاب هو معزز بوثائق مستندا في تحليله إلى نظرياته عالمية في قصف العقول وتغيببها وتوجيهها لخدمة أهداف تجارية وسياسية. وقال بنشليخة إن السينما المغربية لا تستطع التنافس الآن حتى مع سينما مجاورة مثل السينما التونسية أو الجزائرية، وغيبت عن قصد تاريخنا وتقاليدنا، وكانت إلى حد بعيد سينما مقلدة فاقدة للهوية لم تستطع استغلال الحكايات الشعبية والروايات المحلية أو تقترب من الواقع المعيش، وبذلك تم إفراز سينما مستعجلة تائهة، مطبعة وغير قادرة على المواجهة والصمود ضد العولمة. وانتقد بنشليخة استعمال السينما المغربية أداة للهيمنة الأيديولوجية، إضافة إلى التقليد وضعف الإخراج، والضحالة الفكرية، وعدم وجود ممثلين أصلا درسوا التمثيل السينمائي، بل إن المدارس التي تدعي أن تدرس السينما ليس لها مقرر، ورؤيتها غير واضحة في مجال كتابة السيناريو والإخراج والتصوير، وهي النقاط الأساسية التي ترتكز عليها السينما اليوم. وبخصوص الكم الذي بدأ يبشرنا به مدير المركز السينمائي المغربي، قال بنشليخة إن المغرب يصرف علي هذه الأفلام الملايير ولا يجني منها غير القليل، بل إن العدد الذي يروج وهو 25 فيلم في السنة هو غير صحيح إذا ما تم التدقيق فيه. وقال حسن ينشليخة أن الاتجاه في المغرب هو تقديم الدعم لمخرجين قرروا الاستقرار في فرنسا ويقدمون ضحالة سينمائية والصرف بسخاء على مهرجانات مثل مهرجان مراكش لم تستطع أن تقدم الكثير للسينما المغربية، مقابل التضييق وحصار المخرجين الجادين. وقال محمد أيت لعميم وهو يقدم الكاتب للجمهور إن "بنشليخة" الذي مارس الإخراج ، ناقد ذو نظرة ثاقبة، يتناول السينما المغربية من موقع الدارس المقارن لأنواع من السينما التي تعتبر قوة ضاربة في السينما العالمية، مثل السينما الإيرانية، على اعتبارها أيضا مثل السينما المغربية حديثة العهد لكنها استطاعت، وبغض النظر عن النظام القائم، أن تصل إلى العالمية وتحرز جوائز كثيرة. وأشار أن الناقد يريد أن يقول لقرائه إن السينما ليست فقط نوعا من التسلية ولكنها أساسا وسيلة لتشكيل الوعي عبر لغة سينمائية جميلة وهادفة، بعيدا عن البهرجة والتزييف التي تقوم به الأفلام الاستهلاكية والتجارية. وأيضا مثل السينما الإيطالية التي دخلت عالم الاحتراف مبكرا واستطاعت أن تحقق أرباح خيالية بسينما واعية كان وراءها فلاسفة ومفكرون تحول بعضهم إلى مخرجين وممثلين ونقاد. وأضاف لعميم أن بنشليخة ليس واعظا أو حاقدا كما يروج البعض ، ولكنه ناقد متيقظ الفكر والضمير يتناول الأفلام المغربية من الناحية التقنية والجمالية قبل أن يسبر أغوار رسائلها المبطنة، وقد حاول من خلال كتابه تشريح وتفكيك السينما المغربية في زمن العولمة، انطلاقا من رؤية نقدية توسلت بمجموعة من المناهج والمفاهيم ذات الصبغة النظرية والإجرائية، مما جعلت الدراسة النقدية تتسم بنوع من العمق في التحليل والغنى النظري المندمج.