في فصل الشتاء من كل سنة، تظهر قصص مأساوية لأشخاص قضوا بسبب سخانات الماء المنزلية، بل إن أسرا بكاملها انتهت حياتها بسبب سوء استعمال هذه السخانات، والسبب في الغالب عدم احترام شروط السلامة خلال تثبيت الجهاز في المنزل وعدم إعطاء أهمية لصيانة هذا الجهاز ما يؤدي إلى تسرب الغاز واختناق سكان المنزل. وسجلت إحصائيات المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، خلال سنة 2012، وقوع ألفين و346 حالة تسمم بغاز أحادي أوكسيد الكربون، توفي خلالها 21 شخصا. وهي تسممات تتزايد سنويا خلال فصلي الخريف والشتاء، خصوصا شهري دجنبر ويناير بسبب برودة الطقس التي تدفع المواطنين إلى استعمال سخانات الماء أو أجهزة التدفئة، التي تشتغل بالغاز أو الفحم "المجمر". ومقارنة مع سنة 2011، فقد ارتفعت حالات التسمم وكذا الوفيات الناجمة عنها، إذ سجل خلال سنة 2011 وقوع 1905 حالات تسمم بغاز أحادي أوكسيد الكربون، توفي خلالها 16 شخصا. وخلال الأسبوعين الاخيرين ما بين سنة 2013 و2014 قالت وسائل إعلام إنه تم تسجيل 11 حالة وفاة بعدد من المدن والقرى كان سببها الرئيسي الاختناق بغاز أجهزة تسخين الماء للاستحمام. وما يرفع من هذه الحوادث أن المواطنين حين استعمالهم لسخانات الماء المنزلية يلجؤون إلى إغلاق جميع منافذ التهوية، ما يؤدي إلى نقص في الأوكسجين داخل المنزل، الشيء الذي يؤدي إلى إفراز غاز أحادي أوكسيد الكربون، ما يتسبب في حوادث تسمم، قد تؤدي إلى الوفاة. الأعراض السريرية للتسسم بأحادي أكسيد الكربون هي صداع، دوخة، غثيان، قيء، نقص في الرؤية، تعب، تشنج، اضطرابات في التصرف، سرعة الغضب، تشوش ذهني، إغماء، موت. وكلما ارتفع التركيز ومدة التعرض لهذا الغاز، كلما ازدادت خطورة الأعراض السريرية، إذ أن 0.1 بالمائة من أحادي أكسيد الكربون في الهواء قد تكون مميتة خلال ساعة، بينما 1 بالمائة من أحادي أكسيد الكربون في الهواء قد تكون مميتة خلال 15 دقيقة، في حين أن 10 بالمائة من أحادي أكسيد الكربون في الهواء قد تكون مميتة خلال أقل من دقيقة. وتختلف الأعراض السريرية للتسمم بأحادي أكسيد الكربون حسب الحالة الصحية للمصاب وتزداد الخطورة بالنسبة للفئات التالية: المسنين، الأطفال حديثي الولادة والرضع، الجنين والنساء الحوامل، المصابين بفقر الدم، مرضى القلب والشرايين، مرضى الجهاز التنفسي، القاطنين بالجبال، المدخنين، الخ... وينتج غاز أحادي أوكسيد الكربون المتسرب من سخانات الماء عن احتراق غير تام للمواد العضوية، وهو غاز سام وخطير، بلا لون ولا رائحة ولا طعم، إذ يمكن أن يجلس الشخص في مكان فيه تسرب للغاز، ولا يشعر بأي شيء، إلى أن تبدأ أعراض التسمم تظهر عليه. وينصح المختصون بضرورة الحرص على أن تكون التهوية كافية بجميع المنازل، والتأكد من توفر علامة الجودة في سخانات الماء وآلات التدفئة المستعملة، وتركيبها من طرف مختصين، في مكان يمتاز بتهوية جيدة وكافية، والحرص على عدم ترك آلة التدفئة مشتغلة في الليل عندما يخلد مستعملها للنوم. كما ينصحون بالتأكد من صيانة أجهزة التسخين مرة في السنة من طرف مهني، والالتزام بكيفية استعمال الأجهزة. وشدد المختصون على ضرورة تركيب سخان الماء خارج فضاء المنزل، وليس في المطبخ أو قريبا من أية غرفة. وفي حالة حدوث التسمم بالغاز، ينصح بالإسراع بتهوية المكان حيث توجد الضحية، لضمان دخول أوكسجين كاف، والعمل على توقيف مصدر انبعاث الغاز، والحرص على عدم إشعال النار لأن أحادي أكسيد الكربون شديد الاشتعال، وإخراج المصاب وكل من يوجد في مكان الحادث كما أنه من الضروري استشارة الطبيب.