صغارا ونحن مستغرقون، بشغبنا وشقاوتنا الجميلة كان صوت المطربة المغربية، يعبر آذاننا صباح مساء وهي تردد من خلاله، لازمة أغنيتها: «صغيرة أنت على الحب صغيرة»... ولم نكن نعير اهتماما لفحوى ذلك المقطع المتكرر، حد ترسخه بأذهاننا بدون كبير عناء.. وكان الزمن زمن الموجة الرومانسية، مع هبوب أنسامها الشرقية ذات الأطياف المبهرة الأصوات، كأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب إلخ... وأفلامها العاطفية اللاهبة.. وكان طبيعيا أن يستشري الطفح العاطفي لدى الجماهير العربية عل الإبداع يعوضها في "سيرة الحب" عن الإخفاق في الشأن السياسي المطبوع بالاستبداد، مع هزيمة حزيران المشؤومة وتبعاتها الباهظة على الوجدان العربي المهيض، والذي وجد عزاءه في أطلال كوكب الشرق فاحتمى بحجارتها لاهجا بضياعه ... وفي أتون هذا اللهيب العاطفي المحموم، انقدحت الشرارة العاطفية المغربية فكانت الأغنية إياها، ضمن أغاني أخرى لتشتعل مشاعر الشباب المغربي التي كانت في حالة كمون بفعل الأعراف والحياء الديني الخلفية، وإن كان الاشتعال عفيفا، ومع ذلك فقد جاءت الأغنية لتستنكر حبا في غير أوانه ولتقول المغنية مخاطبة للصبية العاشقة: خليك بعيدة خليك سعيدة!!.. الآن مع حلول الألفية الثالثة، يلزم الساهرين على صياغة المصطلحات الأكثر استهلاكا لخدمة الامبريالية الأمريكوصهيونية، أن يطرحوا للرواج، مصطلح: "أولى حروب القرن"، ولا نعني بفحواها: أسلحة الدمار الشامل الموجودة في حوزة صدام عنوة، لأن مزاج أمريكا يريد ذلك. بل نعني بأولى حروب القرن: «القنبلة الجنسية» وهي التي تستلزم أن تعيد المغنية إياها، النظر في كلمات الأغنية لتصبح: صغيرة أنت علا الجنس صغيرة، ولن يأبه لتحذيراتها أحد، فالدوائر الأمريكوصهيونية، ضبطت إيقاع الأذهان بفعل إعلامها وطوفان مسلسلاتها وأفلامها المصدرة بإسهال للعالم الراقد، على الموجة الجنسية الخليعة... «ولقيس وليلى، وجميل وبثينة»، وكل رواد العشق عن بعد، من الرجعيين الظلاميين، أن يودعوا قصصهم متحف التاريخ، ويعتبروا أنفسهم كيانات غير مرغوب فيها، وفي حكم المنقرضة، لأن عالما آخر موبوء المعالم، أرسى أوتاده. عالم سمته المقايضة، بالقيم والأجساد، وحطبه المشتهى هن الصبايا الطريات، وأن تفتق محاسنهن، وقد حفظ لهن المولى سبحانه وتعالى- وهو الحكيم - طراوتهن من شراسة الذئاب الشرهة، عبر الحجاب، وتعاليم أخلاقية دامغة الحكمة، وأتى دعاة على أبواب جهنم ليرموا بالنساء في جهنم الدنيا قبل الآخرة باسم حقوق الإنسان، وحق المرأة في جسدها باعتباره يخصها، وليته خصها لوحدها فقد غدا ملكية مشتركة للعوام، بل ملكية مخوصصة لنخاسي الرقيق الأبيض، وتأشيرة المرور، هي: الجنس الطري للصبايا المطلات لتوهن على سن البلوغ!!.. وهنا ببلادنا، كغيرها من البلاد الإسلامية المجتاحة بفيروس الجنس الحرام، لا يحتاج عملاء الجنس إلى "هانز بليكس" ولفيف مفتشيه، فلنا مفتشون ومفتشات، أكفاء، وهم يواصلون بهمة، حملة تفتيش في بقايا التشريع الإسلامي المتحصنة بنظام الأسرة بغرض القضاء على أسلحة الأخلاق الإسلامية النووية لتدميرها عن آخرها تحت دعوى إنقاذ صبايا المسلمين من الزواج المبكر، وتبعات الاستبداد الأبوي الشبيه باستبداد "صدام" كما ترى ذلك دوائر الاستكبار واستعباد البشر وعلى رأسهم، المرأة... أما الجنس المبكر، وبعيدا عن ضوابطه لدينية فأشبه ما يكون بالقنبلة النووية لدى الكيان الصهيوني الغاشم.. من يجرؤ على تدميرها؟!! في شقها العسكري.. وا... الجنسي؟؟؟ أمريكا المتواطئة أم الحكام العرب المفلسون، المتناقوين باستمرار كالديكة، أم الجماهير المخترقة بأبنائها المرتزقة فابور!! فوزية حجبي