غادر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر مدينة مراكش يوم السبت 28 دجنبر 2013 ، بعد زيارة رسمية للمغرب استمرت يومين رافقه فيها وفد رسمي رفيع المستوى. وتميزت الزيارة التي أجمعت مصادر دبلوماسية على وصفها بالهامة، بالاستقبال الملكي، ولقاء الأمير برئيس الحكومة المغربية، وبرئيسي مجلس النواب والمستشارين، وتوقيع أربع اتفاقيات للتعاون الثنائي تتعلق بالضرائب والبنية التحتية والصناعة وتمويل المشاريع التنموية في المغرب. وأبرزت مظاهر الاحتفال الكبير التي خيمت على مدينة مراكش، خلال وصول الأمير يوم الجمعة، أهمية الزيارة، التي تعد الرابعة من نوعها لشخصيات رفيعة المستوى خلال عام 2013 بعد زيارة كل ملك إسبانيا خوان كارلوس ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وحسب عدد من المهتمين بالعلاقات الدولية، فإن زيارة أمير دولة قطر للمغرب مثلت خطوة إضافية مهمة في مسار العلاقات المغربية القطرية. وتطرقت القمة المغربية القطرية إلى تطورات سبل التعاون بين البلدين، إضافة إلى قضايا إقليمية ودولية منها الأزمة السورية، ودعم القضية الفلسطينية. وعبر الملك محمد السادس وأمير قطر في بيان صدر عقب محادثاتهما عن «عزمهما مواصلة توطيد شراكة شاملة ومعمقة في مختلف الأبعاد استراتيجياً وسياسياً وعلى الصعيد الاقتصادي ودعم الاستثمارات». ودعا البيان إلى توحيد الصف العربي وإحياء روح التضامن ونهج سياسة حسن الجوار والتواصل البناء بين الدول العربية». كما أكد البيان على ضرورة تكريس الحوار السياسي والتفاوضي في حل النزاعات المحلية والإقليمية، في إطار الحفاظ على «وحدة وسلامة أراضي الدول وسيادتها الوطنية وأمنها واستقرارها». واستقبل أمير قطر بمقر إقامته بمراكش عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة، هذا الأخير قال في تصريح للصحافة إن المباحثات انصبت على آليات توطيد التعاون بين مجلس المستشارين ومجلس الشورى القطري، مبرزاً وجود تنسيق ممتاز بين المؤسستين التشريعيتين على صعيد المحافل الدولية، ولاسيما داخل الاتحاد البرلماني الدولي واتحاد البرلمانات العربية. وهمت الاتفاقيات تعزيز التعاون بين المغرب وقطر في مجال البنيات التحتية وخاصة منها المرتبطة بالنقل والموانئ والمطارات والطرق السيارة والسكك الحديدية، والمناطق اللوجيستيكية كما أكد ذلك عزيز رباح وزير النقل والتجهيز واللوجيستيك. كما شملت مجال التعاون التقني وتبادل التجارب وكذا مجال تدريب وتكوين الموارد البشرية والتعاون في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وصرح وزير الخارجية صلاح الدين مزوار أن إبرام الاتفاقات مؤشر إيجابي للدينامية الجديدة للعلاقة بين البلدين. وأكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد أن مذكرة التفاهم بخصوص مساهمة دولة قطر في تمويل مشاريع تنموية بالمغربة تشكل تفعيلا للحصة القطرية من المنحة التي تعهدت أربع دول من مجلس التعاون الخليجي بتقديمها للمملكة بمناسبة الزيارة التاريخية للملك لدول الخليج في نهاية سنة 2012. وتُعتبر الزيارة هي الأولى من نوعها التي يجريها أمير قطر إلى دولة عربية من خارج دول مجلس التعاون الخليجي. ورأت مصادر دبلوماسية أن هذه الزيارة فتحت صفحة جديدة في علاقات البلدين اللذين تجاوزا خلافاتهما السابقة، بخاصة بعد زيارة الملك محمد السادس إلى قطر العام الماضي، ضمن جولة خليجية شملت السعودية والإمارات والكويت. كما حظيت الرباط بوضع متقدم في علاقاتها مع بلدان مجلس التعاون، تُوج بالاتفاق على صيغة شراكة مفتوحة وشاملة. وبعث أمير قطر برقية إلى الملك محمد السادس ضمنها شكره وتقديره على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة التي قوبل بها والوفد المرافق خلال الزيارة. وتعد دولة قطر بلدا يحقق أكبر نسبة نمو بمنطقة الشرق الأوسط، وأصبحت دولة قطر سنة 2011 أغنى بلد في العالم وتتمتع بأعلى دخل للفرد في العالم ب 102 ألف و800 دولار (بما في ذلك المهاجرين). ويقوم الاقتصاد القطري على استغلال الهيروكاربورات (58 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، و92 بالمائة من الصادرات وثلثي المداخيل). وتمتلك قطر ثالث أكبر احتياطي من الغاز في العالم (12 بالمائة). وضم الوفد القطري وزراء هم وزير الشؤون الخارجية، ووزير المالية، ووزير الشباب والرياضة، ووزير الاقتصاد والتجارة، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى مدير مكتب أمير قطر، و سكرتير الأمير للشؤون السياسية، ورئيس جهاز قطر للاستثمار، و مدير إدارة الدراسات والبحوث بالديوان الأميري، وسفير دولة قطر بالمغرب. وتأخذ العلاقات المغربية القطرية حاليا منحى التحالف الاستراتيجي المتطور، وتزداد التصاقا بالقضايا العملية ومن ضمنها شؤون الاقتصاد، حيث تنامى حضور قطر في المجال الاستثماري بالمغرب، جسده إقبال المستثمرين القطريين على المغرب في مجالات متعددة، منها المجال السياحي والعقاري، من قبيل استثمارات شركة الديار القطرية، كما تعرف مشاريع كبيرة جدا وتحولات ضخمة، وتحتاج إلى اليد العاملة الأجنبية، وأساسا إلى الكفاءات المغربية.