أكد فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن توصيات نور الدين عيوش حول لغة التدريس تعد التفافا على مسار السياسة اللغوية المرسمة والمتوافق حولها على قاعدة دستور 2011، وعرقلة للإصلاح، كما أن مذكرته جاءت لتحريف النقاش عن مساره وعادت بالبعض القهقرى بنقاش مغلوط ونتيجة لا يمكن إلا أن تكون كذلك مغلوطة. وأضاف الباحث اللغوي، أن مبادرة "عيوش" لا تخرج عن مساعي النخبة الفرنكفونية الهادف لمحو اللغة العربية لكونها ترى فيها تهديدا لمصالحها المادية، "وهي النخبة التي تحكمت في مفاصل الدولة المغربية وما تزال، وتريد تحطيم اللغات الوطنية ومرامي دعاة التدريج لا تخرج عن هذا الإطار". وشدد بوعلي، في ندوة صحفية لائتلاف لغة "الضاد" مساء 27 نونبر 2013 بالرباط، على أن ما تتعرض له اللغة العربية اليوم يتعلق بوجود المغرب والمجتمع والدولة من عدمه وليس فقط مجرد نقاش للغة ضد لغة أو لهجة ضد اللغة، بل هو صراع بين منظومتين قيميتين، وأكد أن انفراط عقد اللغة سيستتبعه انفراط باقي المبادئ المشتركة. لكون ما تتعرض له اللغة العربية اليوم يروم فصل المغاربة عن دينهم وحضارتهم وهويتهم وعمقهم الإفريقي. المتحدث قال إن الحضور الإعلامي غير المتوازن لدعاة طرح التلهيج بالإعلام أمر مقصود وهدفه تحريف النقاش اللغوي عن مساره، في وقت اتجه النقاش العمومي -يضيف بوعلي- صوب إخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وأكاديمية محمد السادس للغة العربية وآليات قانونية لحماية العربية وتثمينها. وذّكر المتحدث في هذا الإطار بما قام به الائتلاف من مراسلة احتجاجية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة حول الحضور المبالغ فيه لعيوش بالإعلام العمومي. مشيرا إلى أن بعض مؤسسات الاتصال والإعلام أصبحت طرفا في الاختلاف الدائر حول موضوع اللغة. بوعلي الباحث بأكثر من مركز للدراسات والأبحاث قال إنه لا مشكلة لديهم مع الفرنسية، بل المشكل عندما تقدم في لبوس صراعي، "وهذا هو الطابع الذي ربطها بلغات الدول التي استعمرتها وهذه الحرب ليست جديدة بل انطلقت مع المستشرقين الممهدين للاستعمار وكذا مع كبار قادة الاستعمار الفرنسي". واعتبر أن الفرنسية لغة لا ديمقراطية والمعلومة بها تبقى مقصورة على بعض المغاربة فهي لغة نخبوية وتساعد على احتكار المعلومة. واعتبر بوعلي بالندوة التي خصصت لشرح المذكرتين المرفوعتين لرئيس الحكومة والمجلس الأعلى للتعليم مؤخرا، أن توصيات "عيوش" قديمة وليست جديدة، مؤكدا على أن ثمة إشكالات عدة في لغة التدريس وفي تفعيل رسمية العربية والأمازيغية، وهي المشاكل التي تحتاج إلى نقاش أهل الاختصاص و"عيوش" ليس منهم برأي بوعلي، لكن معالجة الإشكالات تحتاج إلى قرار سياسي قبل كل ذلك وهي الإشكالات التي قال المتحدث إنه لا تعوز فيها الأبحاث ولا المصطلحات ولا المناهج. وحول تساؤل أحد المتدخلين عما إذا كان المدافعون عن العربية سيتركون نخبة الفرنكفونية للعبث بمصير التعليم؛ أكد بوعلي أن الأمر ليس جديد وأن مصيره هو الفشل مثل الدعوات الغريبة التي سبقته وعرج على ما تعيشه العربية من واقع موسوم بالمحاربة والتهميش وإبعادها عن الإدارة والحياة العامة والبحث العلمي، معتبرا أن القوى الوطنية ودستور 2011 وإرادات مختلفة ستحول دون المزيد من تدهور اللغة العربية. وفي بداية الندوة التي عرفت حضور إعلامي مقدر، أكد رئيس الائتلاف أن المذكرتين موضوع الشرح لا علاقة ميكانيكية لهما بالنقاش الدائر اليوم عن اللغة والتلهيج وأنهما ليستا ردا على رجل الإشهار والقروض "لكنها رد على كل محاولات تبخيس موقع اللغة العربية لأنها لغة المعرفة ولغة الوحدة والهوية".