رسم مؤشر مؤسسة «غلوبال إتج واتش» الذي صدر مؤخرا بمناسبة اليوم العالمي للمسنين صورة صادمة عن أوضاع المسنين بالمغرب، وصنف التقرير المغرب في الرتبة 81 من بين 91 أسوا وأفضل البلدان التي يمكن للمسنين أن يقضو فيها حياتهم، بعدما استطاع أن يحصل فقط على 26.6 نقطة من ضمن 100 نقطة. وهو المؤشر الذي أخذ بعين الاعتبار أمن الدخل والصحة والعمل والتعليم، وصنف التقرير المغرب في الرتبة 76 فيما يخص الوضع الصحي للمسنين والرتبة 83 فيما يتعلق بقدراتهم الدراسية والرتبة 71 فيما يتعلق بالدخل المالي للمسنين. وتأتي هذه المعطيات في الوقت الذي أطلقت فيه وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية أول أمس الثلاثاء حملة تحسيسية لرعاية المسنين طيلة الشهر الجاري، قالت إنها تستهدف كل الفاعلين والأسر والأطفال من أجل المساهمة جميعا في النهوض بدور الأسرة في التكفل بالأشخاص المسنين، وتحسين صورتهم داخل المجتمع تنزيلا لقيم ديننا وحضارتنا وثقافتنا القائمة على التضامن بين الأجيال. مولاي عمر بنحماد أستاذ الدراسات القرآنية أوضح في تصريح ل«التجديد» أن رعاية المسنين من القيم التي حافظت عليها المجتمعات الإسلامية عبر تاريخها، مشيرا إلى أن تلاقح هذه المجتمعات مع العالم جعل هذه القيم تتراجع وهذه الميزة التنافسية تتأثر، داعيا إلى تدارك هذا الأمر عبر جميع المؤسسات التي لها دخل في هذا الموضوع وعلى رأسها المدرسة والإعلام. هذا ودعا بنحماد إلى عدم تصوير دور المسنين على أنها دور الاهمال والتخلص من كبار السن، بل إنها تحل مشكلا مثلما توجد مستشفيات ودور الطالب والطالبة وغيرها من المؤسسات التي يحتاجها الانسان في حياته بسبب الإكراهات التي يعيشها حاليا، معتبرا أن هذه الدور ينبغي النظر إليها بإيجابية على أنها دور لتوفير ملاذ أفضل يوفر خدمات افضل ورعاية صحية وتربوية من طرف أشخاص مختصين، وأشار إلى أن ذلك لا يعني أن تصبح هذه الدور مبررا لتخلي الأسر عن مسؤولياتها بل ينبغي أن تكون الأسرة هي الأساس وأن تستعين بهذه المراكز لمساعدتها على العناية بكبار السن بشكل مؤقت. علي الشعباني أستاذ علم الاجتماع أشار إلى أن جميع المؤشرات تدل على أن المغرب سائر في اتجاه التخلي عن مسنيه في زمن قريب، بسبب قيم التربية الحديثة ونمط الحياة الذي انخرط فيه المغاربة وتخلوا بسببها عن الروح التكافلية التي كانت سائدة فيما مضى بين الأجيال. وتأسف الشعباني لكون المسنين يوجدون في آخر اهتمامات الدولة المغربية بدءا من حصولهم على التقاعد إذ يجدون أنفسهم مهملين لا تهتم بهم أي جهة. ودعا الشعباني الدولة إلى التفكير من الآن في خلق آليات لاحتواء هذه الفئة خاصة مع ظهور نزعة التخلي عن كبار السن لدى الأجيال الشابة، معتبرا أن الدولة تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى ثم الأسر لكونها مطالبة بالحفاظ على القيم التي تحفز وتدفع إلى رعاية كبار السن. المعطيات المتوفرة تظهر أن عدد المسنين لا يتجاوز 3 ملايين شخص ما يجعلهم يشكلون 8.5 بالمائة من مجموع السكان المغاربة، وينتظر أن تصل هذه النسبة إلى 11 بالمائة سنة 2020 و 20 بالمائة سنة 2040، فيما كشف البحث الوطني للمندوبية السامية للتخطيط لسنة 2006 أن 6 بالمائة من المسنين يعيشون خارج النواة الطبيعية للأسرة فإن تطور نمط العيش بالمغرب ينذر بارتفاع هذه النسبة خاصة وأن 30 بالمائة من أفراد هذه الفئة لا يتمكنون من القيام بإحدى وظائف الحياة اليومية، وأن أكثر من 58.9 بالمائة من هذه الفئة يعانون أمراضا مزمنة، و82.7 بالمائة يفتقدون للتغطية الصحية، فيما تصل نسبة الإعاقة وسط البالغين من العمر 60 سنة فما فوق إلى 21.4 بالمائة، وترتفع إلى 31 بالمائة وسط البالغين أكثر من 70 سنة.